تسجيل الدخول


كعب بن مالك الخزرجي

كعب بن مالك بن أبي كعب الخزرجي الأنصاريّ السَّلَميّ:
قال الْبَغَوِيُّ عن إسماعيل، مِنْ ولد كعب بن مالك؛ قال: كانت كنية كعب بن مالك في الجاهلية أبا بَشير، فكناه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أبا عبد الله، وروى عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مَالِك، عن أبيه أن كعب بن مالك كان يُكنى أبا عبد الرحمن.
ولم يكن لمالك وَلَد غير كعب الشاعر المشهور؛ وأُمّه ليلى بنت زيد بن ثعلبة بن عُبَيد من بني سَلِمَةََ، ووَلَدَ كعبُ بن مالكٍ: عبدَ الله، وعُبَيْدَ الله، وفضالةََ، ووهبًا، ومعبدا، وخولةََ، وسعادَ؛ وأُمُّهم عميرةُ بنت جُبَير بن صخر، من بني سَلِمَة، وأمَّ عُمَر، تزوجها زياد بن عبد الله بن أنيس، حَليفُ بني سَوَادٍ، وعبدَ الرحمن، وأمَّ قَيس تزوجها عطيةُ بن عبد الله بن أنيس، حليف بني سواد؛ وأمهم أم وَلََد، ورَملة؛ وأمّها تُماضِر بنت مَعقِل بن جُندب مِنْ ولد ثعلبة، وسُميكَةَ وكبشةَ؛ وأمهما صفية من أهل اليمن، وصفيةََ؛ وأمها أم ولد، وليلى؛ وأُمُّها أم بشر مِنْ جُهينة.
وكان أحد شعراء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الذين كانوا يردُّون الأذى عنه، وكان مجودًا مطبوعًا قد غلب عليه في الجاهليّة أَمْرُ الشعر، وعُرِف به، ثم أسلم، وشهد العقبة في قول الجميع، وقال عروة: آخَى رسول الله صَلَّى الله عيه وسلم بين كعب بن مالك والزبير بن العوام(*)، وقال ابن سعد: وأما في رواية محمد بن إسحاق فقال: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بين كعب بن مالك وطلحة بن عُبيد الله(*).
واختلف في شهوده بدرًا، والصحيح أَنه لم يشهدها، ولم يتخلف عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إِلا في غزوة بدر وتَبُوك، ولبس كعب يوم أَحد لأْمة النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وكانت صفراء، ولبس النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم لأْمْتَه، وقال الزبير: فلقد رأيت كعبًا أصابته الجِراحَة بأُحُدٍ، فقلت: لو مات فانقلعَ عن الدنيا بأسرها لورثته، حتى نزلت هذة الآية: {وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِِبَعْضٍٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [سورة الأنفال: 75] فصارت المواريثُ بعدُ إلى الأرحامِ والقربات، وانقطعت تلك المواريثُ في المؤاخاة(*)، وقال محمد بن عمر: وهذا عندنا ليس بثابت، ولم تكن بعد بَدرٍ موارثةٌ قطعت قتلى بدرٍ المواريثَ حين نزلت: {وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِِبَعْضٍٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [سورة الأنفال: 75] وإنما جُرِحَ كعبُ بن مالك بأُحُدٍ بِضْعَةَ عَشر جُرحًا.
وهو أحدُ الثلاثةِ الذين تَخلّفوا عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوك من غير عذرٍٍ، ولم يأتوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيعتذروا إليه فيستغفر لهم كما فعل بغيرهم، فأرجأ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَمْرَهُم، ونهى الناسَ عن كلامِهم حتى نزل القرآنُ بتوبتهم فتاب الله عليهم قوله: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ} [سورة التوبة: 118] فَأَتََوا رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم بعد ذلك فاسْتََغْفَرَ لهم(*)، قال عبد الرحمن ــ أو عُبيد الله ــ بن كعب بن مالك السَّلِمِيّ: أن كعب بن مالك كان أحد الثلاثة لما جاءت التوبة خرَّ لله سَاجدًا وأعطَى الذي بشره ثَوْبَيه، وفي رواية أخرى أن كعب بن مالك قال بعد رجوع النبي صَلَّى الله عليه وسلم من تبوك: "انطلقت إِلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم فإِذا هو جالِس في المسجد، وحوله المسلمون، وهو يستنير كاستنارة القمر، فجلست بين يديه، فقال: "أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى عَلَيْكَ مُنْذُ يَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ"، فقلت: يا نبي الله، أَمن عند الله أَم من عندك؟ قال: "بَلْ مِنْ عِنْدِ الله"؛ ثُمَّ تَلَا هؤلاءِ الآيات: {لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَِّبيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَاْلأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}... الحديث(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 263 كتاب تفسير القرآن (48) باب ومن سورة التوبة (10) حديث رقم 3102..
ويُعَدُّ كعب في المدنيين، قال محمد بن سيرين: كان شعراء المسلمين: حسّان بن ثابت وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، فكان كعب يخوفهم الحرب، وعبد الله يعيرهم بالكفر، وكان حسّان يقبل على الأنساب، قال ابن سيرين: فبلغني أنّ دوسًا إنما أسلمت فرَقًا من قول كعب بن مالك‏:
قَضَينَا مِنْ تهَامَةَ كُلَّ وِتْرٍ وَخَيْبَر ثُمَّ أَغمَدْنَا السُّيُوفَا
نُخَبِّرُهَا وَلَوْ نَطَقَتْ
لَقَالَتْ قَوَاطِعُهُنَّ
دَوْسًا أَوْ ثَقِيفَا
وفي رواية ابن إسحاق ‏شعرًا:
قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلَّ رَيْبٍ وَخَيْبَرَ ثُمَّ أَجْمَعْنَا السُّيُوفَا
فقالت دَوْس: انطلقوا فخذُوا لأنفسكم لا ينزل بكم ما نزل بثقيف، وقال ابن سيرين: وأما شعراء المشركين فعمرو بن العاص، وعبد الله بن الزّبعرى، وأبو سفيان بن الحارث، قال الزّبيري: وضرار بن الخطّاب، روى عبد الرّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أَنّ كعب بن مالك قال: يا رسول الله ماذا ترى في الشّعر فقال رسول الله: "الْمُؤْمِنُ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ"‏أخرجه أحمد في المسند 3/ 456.(*) قال أبو عمر: وقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لكعب بن مالك: ‏"‏أَتَرَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلّ شَكَرَ لَكَ قَوْلَكَ:
زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَنْ سَتَغْلِبُ رَبَّهَا فَلَيُغْلَبَنَّ
مُغَالِبُ
الغَلَّابِ"‏

هذه رواية محمد بن سلام، وفي رواية ابن هشام قال: لَمَّا قال كعب بن مالك:
جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا فَلَيُغْلَبَنَّ
مُغَالِبُ
الغَلَّابِ
قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏لَقَدْ شَكَرَكَ اللَّهُ يَا كَعْبُ عَلَىَ قَوْلِكَ هَذَا‏"(*) وله أشعارٌ حِسَان جدًا في المغازي وغيرها، قال شهاب: بلغني أنّ كعب بن مالك قال يوم الدّار: يا معشر الأنصار، انصروا الله مرتين،وقال أبو صالح السّمان: قال ذلك زيد بن ثابت‏.
وروى محمد بن سِيرِين أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أتى كعبَ بن مالك على جَمَلٍ قد شنق له حتى بلغ رأس المَوْرِكِ، فقال: "أين هو"؟ فجاء من خلفه، فقال: هيه، فأنشده فقال: "لهو أشد عليهم من وقع النَّبل"(*).
وروى كعب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعن أُسيد بن حُضير، وروَى عنه أولاده: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، ومَعْبد، ومحمد، وابن ابنه عبد الرحمن بن عبد الله وروَى عنه أيضًا ابن عباس؛ وجابر، وأبو أُمامة الباهلي، وعمر بن الحكم، وعمر بن كثير بن أفلح، وغيرهم، وجماعةٌ من التّابعين، وروى عبد الله بن كعب الأنصاري، عن كعب بن مالك: أنه كان له مال على عبد الله بن أبي حَدرَد الأسلميّ، فلقيه فلزمه فتكلما حتى ارتفعت الأصواتُ، فَمَرَّ بهما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "يا كعب"، وأشار بيده كأنه يقول: النِّصف، فَأَخَذَ نِصْفًا مما عليه وتََرَكَ نِصْفًا(*)، وروى عنه أَبو جعفر محمد بن علي، وعُمَر بن الحكم بن ثَوبان، وغيرهما.
وقال ابْنُ حِبَّانَ: مات أيام قتل علي بن أبي طالب، وقال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن أبيه: ذهب بصره في خلافة معاوية، واقتصر البخاري في ذِكْر وفاته على أنه رثى عثمان، ولم نجد له في حَرْب عليّ ومعاوية خبرًا، وقال الْبَغَوِيُّ: بلغني أنه مات بالشام في خلافة معاوية، وقد أخرج أبو الفرج الأصفهاني في كتاب "الأغاني" بسندٍ شامي فيه ضعْف وانقطاع أنّ حسان بن ثابت، وكَعب بن مالك، والنعمان بن بشير، دخلوا على عليّ فناظروه في شَأْنِ عثمان، وأنشده كَعْبٌ شِعْرًا في رثاء عثمان، ثم خرجوا من عنده فتوجَّهوا إلى معاوية فأكرمهم.
وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه: لما حَضَرْت كعبَ بن مالك الوفاةُ أتتهُ أم بِشْر بن البَراءِ بن مَعرُور فقالت: يا أبا عبد الرحمن، إن لقيت ابني فلانًا فأقرئه مني السلام، فقال: ليغفر الله لك يا أم بشر، لنحن أشغل من ذلك، قالت: يا أبا عبد الرحمن، أما سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "إن أرواح المؤمنين طيرٌ خضرٌ تعلق بشجر الجنة"؟ قال: بلى، قالت: فهوَ ذاك(*)، وتُوفِّي كعب بن مالك في زمن معاوية، سنة خمسين، وقيل سنة ثلاث وخمسين، قال أيوب بن النعمان من ولدِ كعب بن مالك، عن أبيه: مات سنة خمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وهو يومئذٍ ابن سبع وسبعين سنة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال