تسجيل الدخول


معاوية بن صخر بن أبي سفيان

1 من 1
معاوية بن أبي سفيان: صخر بن حَرْب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأمويّ، أمير المؤمنين.

وُلد قبل البعثة بخمس سنين، وقيل بسبع، وقيل بثلاث عشرة. والأول أشهر.

وحكى الْوَاقِدِيُّ أنه أسلم بعد الحديبية وكتم إسلامه حتى أظهره عامَ الفتح، وأنه كان في عُمرة القضاء مسلمًا؛ وهذا يُعارضه ما ثبت في الصحيح، عن سعد بن أبي وقاص، أنه قال في العمرة في أشهر الحج: فعلناها؛ وهذا يومئذ كافر. ويحتمل إن ثبت الأول أن يكون سعد أطلق ذلك بحسب ما استصحب مِنْ حاله، ولم يطلع على أنه كان أسلم لإخفائه لإسلامه.

وقد أخرج أحْمَدُ، مِنْ طريق محمد بن علي بن الحسين، عن ابن عباس ـــ أن معاوية قال: قصَّرْت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند المَرْوَة، وأصل الحديث في البخاريّ مِنْ طريق طاوس، عن ابن عباس، بلفظ قَصَّرْتُ بمشْقَص، ولم يذكر المروة، وذِكْرُ المروة يُعَيِّنُ أنه كان معتمرًا؛ لأنه كان في حجة الوداع حلق بمنى، كما ثبت في الصحيحين، عن أنس.

وأخرج الْبَغَوِيُّ، مِنْ طريق محمد بن سلام الجمَحيّ، عن أبَان بن عثمان: كان معاوية بمنى وهو غلام مع أمه إذ عثر؛ فقالت: قم لا رفعك الله؛ فقال لها أعرابي: لم تقولين له هذا؟ والله إني لأراه سيسود قومَه. فقالت: لا رفعه الله، إن لم يسد إلا قومه.

قال أبُو نُعَيْمٍ: كان من الكتبة الحسبة الفُصحاء؛ حليمًا وقورًا.

وعن خالد بن معدان: كان طويلًا أبيض أجلح؛ وصحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ وكتب له؛ وولاَّه عُمر الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان؛ وأقره عثمان؛ ثم استمر فلم يبايع عليًا؛ ثم حاربه؛ واستقلّ بالشام، ثم أضاف إليها مصر؛ ثم تسمّى بالخلافة بعد الحَكَمين، ثم استقلّ لما صالح الحسَن؛ واجتمع عليه الناسُ؛ فسمّي ذلك العام عام الجماعة.

وأخرج الْبَغَوِيُّ من طريق مبارك بن فضالة؛ عن أبيه؛ عن عليّ بن عبد الله؛ عن عبد الملك بن مروان؛ قال: عاش ابن هند ـــ يعني معاوية ـــ عشرين سنة أميرًا وعشرين سنة خليفة، وجزم به محمد بن إسحاق. وفيه تجوُّز؛ لأنه لم يكمل في الخلافة عشرين إن كان أولها قَتْل علي؛ وإن كان أولها تسليم الحسن بن علي فهي تسع عشرة سنة إلا يسيرًا.

وفي صحيح البخاري، عن عكرمة: قلت لابن عباس: إن معاوية أوْتَر بركعة. فقال: إنه فقيه. وفي رواية: إنه صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وحكى ابْنُ سَعْدٍ أنه كان يقول: لقد أسلمت قبل عُمْرة القضية؛ ولكني كنْتُ أخافُ أن أخرج إلى المدينة؛ لأن أمي كانت تقول: إن خرجْتَ قطعنا عنك القُوت.

وأخرج ابْنُ شَاهِينَ؛ عن ابن أبي داود بسنده إلى معاوية ـــ حديث: "الخير عادة؛ والشر لَجَاجة". وقال: قال ابنُ أبي داود: لم يحدّث به عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا معاوية.

وفي مسند أبي يَعْلَى عن سُويد بن شعبة؛ عن عمرو بن يحيى بن سعيد؛ عن جده سعيد ـــ هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص، عن معاوية؛ قال اتبعت رسولَ صلى الله عليه وآله وسلم بوضوء؛ فلما توضّأ نظر إلي فقال: "يَا مُعَاوَيِةُ؛ إن وُلِّيتَ أمْرًا فاتَّق الله واعْدِلْ". (*)

فما زلْتُ أظن أني مبتلى بعمل. صُويد فيه مقال.

وقد أخرجه الْبَيْهَقِيُّ في "الدلائل" مِنْ وجه آخر؛ وفي تاريخ البخاريّ؛ عن معمر، عن همام بن مُنَبّه؛ قال، قال ابن عباس: ما رأيتُ أحدًا أحلى للملك من معاوية. وقال البغويّ: حدثنا عمي عن الزبير؛ حدثني محمد بن علي؛ قال: كان عمر إذا نظر إلى معاوية قال: هذا كِسْرَى العرب.

وذكر ابن سعد عن المدائني؛ قال: نظر أبو سفيان إلى معاوية وهو غلام فقال: إن ابني هذا لعظيم الرأس؛ وإنه لخليق أن يسود قومه. فقالت هند: قومه فقط ثكلْته إن لم يسد العرب قاطبةً.

وقال المَدَائِنِيُّ: كان زيد بن ثابت يكتب الوَحْي؛ وكان معاوية يكتب للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيما بينه وبين العرب.

وفي مسند أحمد؛ وأصله في مسلم؛ عن ابن عباس؛ قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ادْع لي معاوية" ـــ وكان كاتبه.

وقد روى معاوية أيضًا عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأخته أم المؤمنين أم حَبِيبة بنت أبي سفيان.

وروى عنه من الصحابة: ابن عباس، وجَرير البجلي، ومعاوية بن حُديج، والسائب بن يزيد، وعبد الله بن الزبير، والنعمان بن بشير، وغيرهم. ومن كبار التابعين: مروان بن الحكم، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن المسيب، وأبو إدريس الخولاني. وممن بعدهم: عيسى بن طلحة. ومحمد بن جُبير بن مطعم؛ وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو سِجْلز؛ وجُبير بن نُفير؛ وحُمْران مولى عثمان، وعبد الله بن مُحَيْرِيز، وعلقمة بن وقّاص؛ وعُمير بن هاني؛ وهمام بن مُنَبّه؛ وأبو العُرْيان النخعيّ؛ ومطرف بن عبد الله بن الشخِّير؛ وآخرون.

وقال ابْنُ المُبَارَكِ في كتاب "الزهد": أخبرنا ابن أبي ذِئب؛ عن مسلم بن جندب، عن أسلم مولى عمر؛ قال: قدم علينا معاوية وهو أبض الناس وأجملهم، فخرج إلى الحج مع عمر بن الخطاب، وكان عمر ينظر إليه فيتعجب منه، ثم يضع أصبعه على جبينه ثم يرفعها عن مثل الشراك، فيقول: بخ بخ؛ إذًا نحن خَيْرُ الناس أنْ جمع لنا خَيْرُ الدنيا والآخرة. فقال معاوية: يا أمير المؤمنين، سأحدثك؛ إنا بأرض الحمامات والريف. فقال عمر: سأحدثك، ما بك إلطافك نفسك بأطيب الطعام وتصبحك حتى تضربَ الشمس متنيك؛ وذوو الحاجات وراء الباب. قال: حتى جئنا ذا طُوى فأخرج معاوية حلة فلبسها؛ فوجد عمر منها ريًحا كأنه ريح طيب؛ فقال: يعمدُ أحدكم فيخرج حاجًا تفلًا حتى إذا جاء أعظم بلدان الله جُرمةً أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما. فقال له معاوية: إنما لبستهما لأدخل على عشيرتي يا عمر؛ والله لقد بلغني أذاك ها هنا وبالشام؛ فالله يعلم أن لقد عرفت الحياء في عُمر؛ فنزع معاوية الثوبين؛ ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما. وهذا سَندٌ قوي.

وأخرج ابْنُ سَعْدٍ، عن أحمد بن محمد الأزرقي، عن عمرو بن يحيى بن سعيد، عن جده، قال: دخل معاوية على عمر بن الخطاب، وعليه حلةٌ خضراء، فنظر إليه الصحابة، فلما رأى ذلك عمر قام ومعه الدرة، فجعل ضربًا بمعاوية، ومعاوية يقول: الله الله يا أميرَ المؤمنين! فِيمَ! فِيمَ! فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه؛ فقالوا له: لم ضربت الفتى، وما في قومِك مثله؟ فقال: ما رأيتُ إلا خيرًا، وما بلغني إلا خيرٌ؛ ولكني رأيته ـــ وأشار بيده ـــ يعني إلى فوق فأردت أن أضعَ منه.

وقال ابْنُ أبِي الدُّنيَا: حدثنا محمد بن عبّاد، حدثنا سفيان، عن شيخ؛ قال: قال عمر: إياكم والفرقة بعدي، فإن فعلتم فاعلموا أن معاوية بالشام؛ فإذا وكلتم إلى رأيكم كيف يستبزها منكم.

مات معاوية في رجب سنة ستين على الصحيح.
(< جـ6/ص 120>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال