تسجيل الدخول


الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي

1 من 1
الحَسَنُ بْنُ عَلِيٌ

(ب د ع) الحَسَنُ بنُ عَليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، القرشي الهاشمي، أبو محمد سِبْط النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وأمه فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سيدة نساء العالمين، وهو سيد شباب أهل الجنة، وريحانة النبي صَلَّى الله عليه وسلم وشبيهه، سماه النبي صَلَّى الله عليه وسلم الحسن، وعَقَّ عنه يوم سابعه، وحلق شعره وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضه، وهو خامس أهل الكساء.

قال أبو أحمد العسكري: سماه النبي صَلَّى الله عليه وسلم الحسن، وكناه أبا محمد، ولم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية، وروي عن ابن الأعرابي، عن المفضل، قال: إن الله حجب اسم الحسن والحسين حتى سمى بهما النبي صَلَّى الله عليه وسلم ابنيه الحسن والحسين، قال: وقلت له: فاللذين باليمن؟ قال: ذاك حَسْن ساكن السين، وحَسِين بفتح الحاء وكسر السين، ولا يعرف قبلهما إلا اسم رملة في بلاد ضبة، قال ابن عَنَمة: [الوافر]
* غَدَاةَ أَضَرَّ بِالحَسَنِ السَّبِيلُ *

وعندها قُتِل بِسْطام بن قيس الشيباني.

أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي الأمين، أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر، أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري، أخبرنا أبو البركات أحمد بن عبد الواحد ابن نظيف، حدثنا الحسن بن رشيق، أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحيم الزهري يقول: ولد الحسن بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في النصف من رَمَضَانَ سنة ثلاث من الهجرة، وتوفي بالمدينة سنة تسع وأربعين، وقيل: ولد للنصف من شعبان سنة ثلاث، وقيل: ولد بعد أحد بسنة، وقيل: بسنتين، وكان بين أحد والهجرة سنتان وستة أشهر ونصف.

قال الدولابي: وحدثنا الحسن بن علي بن عفان، أخبرنا معاوية بن هشام، أخبرنا علي ابن صالح عن سماك بن حرب، عن قابوس بن المخارق قال: قالت أم الفضل: يا رسول الله، رأيت كأنَّ عضوًا من أعضائك في بيتي، قال: "خيرًا رأيت، تلد فاطمة غلامًا فترضعيه بلبن قُثَم"، فولدت الحسن فأرضعته بلبن قُثَم،(*) قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لما ولد الحسن جاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمِّيتُمُوهُ"؟ قلت: سميته حربًا، قال: "بلى هو حَسَن" فلما ولدت الحسين سميناه حربًا، فجاء النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمِّيْتُمُوهُ"؟ قلت: سميته حربًا، قال: "بل هو حسين"، فلما ولدت الثالث جاء النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمِّيْتُمُوهُ"؟ قلت: سميته حربًا، قال: "بل هو محسِّن"، ثم قال: "سَمِّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ: شَبَّرٌ وَشَبِّيرٌ وَمُشبِّرٌ"(*) أخرجه أحمد في المسند 1/ 98، 118،والبيهقي في السنن 6/ 166، 7/ 63 والحاكم في المستدرك 3/ 165،180 والطبراني في الكبير 3/ 100 وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2227 والبخاري في الأدب المفرد 82 وذكره الهيثمي في الزوائد 8/ 52.

روى عنه عائشة، والشعبي، وسويد بن غفلة، وشقيق بن سلمة، وهبيرة بن يريم، والمسيب بن نجَبَة، والأصبعْ بن نُبَاتة، وأبو الحوراء، ومعاوية بن حُدَيج، وإسحاق بن بشار، ومحمد بن سيرين، وغيرهم.

أخبرنا أبو جعفر أحمد بن علي وغير واحد قالوا: أخبرنا أبو الفتح الكروخي بإسناده، عن أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، أخبرنا قتيبة، أخبرنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء قال: قال الحسن بن علي: علمني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: "اللَّهُمَّ، أَهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيَت، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَّلَنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَي شَرَّ مَا قَضَيتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقَضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيتَ، تَبَارَكِتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ"(*)أخرجه أحمد 1/ 199، 200 وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 300 .

أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة، أخبرنا محمد بن علي السلامي، أخبرنا ابن أبي الصقر، أخبرنا أبو البركات بن نظيف، أخبرنا الحسن بن رشيق، أخبرنا أبو بشر الدولابي، حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرنا شعبة قال أبو بشر: وحدثنا يوسف بن سعيد، أخبرنا حجاج بن محمد، أخبرنا شعبة، أخبرنا يزيد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء قال: قلت للحسن بن علي: ما تذكر من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر من رسول الله أني أخذت تمرة من تمر الصدقة، فتركتها في فمي، فنزعها بلعابها، وجعلها في تمر الصدقة، فقيل: يا رسول الله، ما كان عليك من هذه التمرة؟ قال: "إِنَّا آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ"(*)، وكان يقول: "دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ طَمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 4/ 756 ــــ 577 كتاب صفة القيامة والرقائق والورع (38) باب (60)حديث رقم 2518 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.

وكان يعلمنا هذا الدعاء. وذكر حديث القنوت.

أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر، أخبرنا أبو محمد جعفر بن الحسين القاري، أخبرنا عبيد الله بن عمر، أخبرنا عبد الله بن ابراهيم بن أيوب، أخبرنا موسى بن إسحاق، أخبرنا خالد العمري، أخبرنا سفيان الثوري، عن سعد بن طريف، عن عمير بن مأمون، قال: سمعت الحسن بن علي يقول: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الغَدَاةِ فَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلَعُ الشَّمْسُ كَانَ لَهُ حِجَابٌ مِنَ النَّارِ"، أو قال: "سِتَرٌ مِنَ النَّارِ" (*)أخرجه ابن عدي في الكامل 3/ 1187، وابن أبي حاتم في العلل حديث رقم 37، 237 وذكره الهيثمي في الزوائد 10/ 108

أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد، أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن الطلاية الوراق، أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي، أخبرنا أبو طاهر محمد ابن عبد الرحمن المخلص، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي، أخبرنا داود بن رشيد، أخبرنا مروان، أخبرنا الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نُعْم البجلي، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "الحَسَنُ وَالحُسِينُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ إِلَّا ابْنَي الخَالَةِ: عِيْسَى وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ"(*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 614 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما (31) حديث رقم 3768، وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وأحمد في المسند 3/ 3،62، 64، 82 والحاكم في المستدرك3/ 166، 167 والطبراني في الكبير 3/ 25، 28، 19،272 وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2228 وذكره الهيثمي في الزوائد 9/ 181،185،186،187 والهندي في كنز العمال حديث رقم 17795، 34246،34259.

أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله وغيره بإسنادهم إلى محمد بن عيسى بن سورة، أخبرنا سفيان بن وكيع، وعبد بن حميد قالا: حدثنا خالد بن الحارث، أخبرنا موسى بن يعقوب الربعي، عن عبد الله بن أبي بكر بن يزيد بن المهاجر قال: أخبرني مسلم بن أبي سهل النَّبَّال، أخبرني الحسن بن أسامة بن زيد قال: أخبرني أبي أسامة بن زيد قال: طرقت النبي صَلَّى الله عليه وسلم ذات ليلة في بعض الحاجة، فخرج إلي وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فإذا حسن وحسين على وَرْكيه، فقال: "هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا"(*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 614 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما (31) حديث رقم 3769 وقال أبو عيسى هذا حديث صحيح وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2234 وابن أبي شيبة 12/ 98، والطبراني في الصغير 1/ 199، وذكره الهندي في الكنز حديث 24255.

قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بشار، وأخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، وأخبرنا الأشعت، هو ابن عبد الملك، عن الحسن، عن أبي بَكْرة قال: صعد النبي صَلَّى الله عليه وسلم المنبر فقال: "إِنَّ ابْنَي هَذَا سَيِّدٌ، يُصْلِحُ الله بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عِظيَمَتَيْنِ"(*)أخرجه أحمد في المسند 5/ 44 بلفظه وذكره الهيثمي في الزوائد 7/ 250، 9/ 181 وابن حجر في المطالب العاليه حديث رقم 4000.

قال: وأخبرنا محمد، أخبرنا الحسين بن حريث، أخبرنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة يقول: كان النبي صَلَّى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين، عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: "صَدَقَ الله" {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن / 15] "نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَيّنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ، فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا".(*)

قال: وحدثنا محمد، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك قال: لم يكن أشبه برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من الحسن ابن علي.

قال: وحدثنا محمد، أخبرنا محمد بن بشار، أخبرنا أبو عامر العَقَدِي، أخبرنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وَهْرام، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حامل الحسن على عاتقه فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم "وَنِعْمَ الرَّاكِبُ هُوَ" (*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 620 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين (31)حديث رقم 3784.

أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء الثقفي بإسناده إلى مسلم بن الحجاج، أخبرنا محمد بن بشار وأبو بكر بن نافع، أخبرنا غُنْدَر، وأخبرنا شعبة عن عدي بن ثابت، عن البراء قال: رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم واضعًا الحسن بن علي على عاتقه، وهو يقول: "اللَّهُمَّ، إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ" (*)أخرجه البخاري في الصحيح 5/ 33، 7/ 205 ومسلم في الصحيح 4/ 1882 كتاب فضائل الصحابة (44)باب فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما (8) حديث رقم (56/ 2421)والترمذي في السنن 5/ 620 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما (31)حديث رقم 3783 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.

قال أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا محمد بن سليمان الأصفهاني، عن يحيى بن عبيد، عن عطاء، عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: نزلت هذه الآية على النبي صَلَّى الله عليه وسلم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب/ 33] في بيت أم سلمة، فدعا النبي صَلَّى الله عليه وسلم فاطمة، وحسنًا، وحسينًا، فجللهم بكساء، وعليُّ خلف ظهره، ثم قال: "هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَاذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا"، قَالَتْ أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: "أَنْتِ عَلَى مَكَانَكِ؛ أَنْتِ إِلَى خَيْرٍ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 621 ـــ 622 كتاب المناقب (50) باب مناقب أهل بيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم (32)حديث رقم 3787 وقال أبو عيسى هذا حديث غريب .

قال محمد: وحدثنا علي بن المنذر الكوفي، حدثنا محمد بن فضيل، أخبرنا الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد والأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنَ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا؛ أَحَدَهُمَا أَعْظَمَ مِنَ الآخَر: كِتَابُ الله حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَعِتْرَتي أَهْلُ بَيْتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَى الحَوْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا"(*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 622 كتاب المناقب (50) باب مناقب أهل بيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم (32)حديث رقم 3788 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب .

قال: وأخبرنا محمد، أخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث، أخبرنا يحيى بن معين، أخبرنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَحِبُّوا الله لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ الله، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي" (*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 622 كتاب المناقب (50) باب مناقب أهل بيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم (32)حديث رقم 3789 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب .

قيل: إن الحسن بن علي حج عدة حجات ماشيًا، وكان يقول: [[إني]] لأستحيي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات، فكان يترك نعلًا ويأخذ نعلًا وخرج من ماله كله مرتين.

وقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "حَسَنٌ سِبْطٌ مِنَ الأسْبَاطِ"(*)أخرخه الترمذي في السنن 5/ 617 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما حديث رقم 3775 وكان حليمًا كريمًا ورعًا، دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا، رغبة فيما عند الله تعالى، وكان يقول: ما أحببت أن ألِيَ أمر أمة محمد صَلَّى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك مِحْجَمَة دم، وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان بن عفان.

وولي الخلافة بعد قتل أبيه علي رضي الله عنهما، وكان قتل علي لثلاث عشرة بقيت من رمضان من سنة أربعين، وبايعه أكثر من أربعين ألفًا، كانوا قد بايعوا أباه على الموت، وكانوا أطوع للحسن، وأحب له. وبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق، وما وراءه من خراسان والحجاز واليمن وغير ذلك، ثم سار معاوية إليه من الشام، وسار هو إلى معاوية، فلما تقاربا علم أنه لن تغلب إحدى الطائفتين حتى يقتل أكثر الأخرى، فأرسل إلى معاوية يبذل له تسليم الأمر إليه، على أن تكون له الخلافة بعده، وعلى أن لا يطلب أحدًا من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وغير ذلك من القواعد؛ فأجابه معاوية إلى ما طلب، فظهرت المعجزة النبوية في قوله صَلَّى الله عليه وسلم: "إن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين من المسلمين"(*) أخرجه أحمد في المسند 5/ 44 بلفظه،وذكره ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم 4000. وذكره الهيثمي في الزوائد 7/ 250، 9/ 181. وأيُّ شرف أعظم من شرف من سماه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سيدًا؟.

أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي إجازة، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو السعود، حدثنا أحمد بن محمد بن المجلي، أخبرنا محمد بن محمد بن أحمد العكبري، أخبرنا محمد بن أحمد بن خاقان، أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: قام الحسن بعد موت أبيه أمير المؤمنين فقال بعد حمد الله عز وجل: إنا والله ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر، فسلبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في منتدبكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وإنا لكم كما كنا، ولستم لنا كما كنتم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثاره، فأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نَصَفَة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله ـــ عز وجل ـــ بِظُبَا السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضا، فناداه القوم من كل جانب: البقيةَ البقيةَ، فلما أفردوه أمضى الصلح.

أخبرنا ابراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا أبو داود الطيالسي، أخبرنا القاسم بن الفضل الحُدَّاني، عن يوسف بن سعد.

قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية، فقال: سَوَّدْتَ وجوه المؤمنين، أو: يا مُسَوّد وجوه المؤمنين، فقال: لا تُؤَنِّبْنِي، رحمك الله؛ فإن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أريَ بني أمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلِةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} تملكها بعدي بنو أمية.

وقد اختلف في الوقت الذى سلَّم فيه الحسن الأمر إلى معاوية؛ فقيل: في النصف من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين، وقيل: لخمس بقين من ربيع الأول منها، وقيل: في ربيع الآخر؛ فتكون خلافته على هذا ستةَ أشهر واثني عشر يومًا، وعلى قول من يقول: في ربيع الآخرتكون خلافته ستة أشهر وشيئًا، وعلى قول من يقول: في جمادى الأولى نحو ثمانية أشهر، والله أعلم، وقولُ من قال سَلَّّم الأمر سنة إحدى وأربعين، أصح ما قيل فيه، وأما من قال: سنة أربعين، فقد وهم.

ولما بايع الحسن معاوية خطب الناس قبل دخول معاوية الكوفة فقال: أيها الناس، إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهلُ بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهَّرَهم تطهيرًا، وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سُمع نَشِيجُه.

ولما دخل معاوية الكوفة وبايعه الناس قال عمرو بن العاص لمعاوية: لتأمر الحسن ليخطب، فقال: لا حاجة بنا إلى ذلك، فقال عمرو: لكني أريد ذلك ليبدو عِيُّه؛ فإنه لا يدري هذه الأمور، فقال له معاوية: قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا؛ فقام الحسن في أمر لم يُرَوّ فيه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال في بديهته: أما بعد، أيها الناس، فإن الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، ألا إن أكيس الكَيْس التقى، وإن أعجز العجز الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت أنا ومعاوية فيه: إما أن يكون أحق به مني، وإما أن يكون حقي تركته لله عز وجل، ولإصلاح أمة محمد صَلَّى الله عليه وسلم حقن دماءكم، ثم التفت إلى معاوية وقال: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء/111].

فأمره معاوية بالنزول، وقال لعمرو: ما أردتَ إلا هذا.

وقد اختلف في وقت وفاته؛ فقيل: توفي سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وكان يخضِبُ بالوسْمة.

وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس سقته السم، فكانت توضع تحته طست، وترفع أخرى نحو أربعين يومًا، فمات منه، ولما اشتد مرضه قال لأخيه الحسين رضي الله عنهما: يا أخي سقيت السم ثلاث مرات لم أسْقَ مثل هذه، إني لأضَع كبدي، قال الحسين: من سقاك يا أخي؟ قال: ما سؤالك عن هذا؟ أتريد أن تقاتلهم؟ أكِلُهم إلى الله عز وجل. ولما حضرته الوفاة أرسل إلى عائشة يطلب منها أن يدفن مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فأجابته إلى ذلك، فقال لأخيه: إذا أنا مت فاطلب إلى عائشة أن أدفن مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فلقد كنت قد طلبت منها فأجابت إلى ذلك، فلعلها تستحي مني، فإن أذنَتْ فادفني في بيتها، وما أظن القوم، يعني بني أمية، إلا سيمنعونك، فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك، وادفني في بقيع الغرقد.

فلما توفي جاء الحسين إلى عائشة في ذلك فقالت: نعم وكرامة، فبلغ ذلك مروان وبني أمية فقالوا: والله لا يدفن هنالك أبدًا. فبلغ ذلك الحسين فلبس هو ومن معه السلاح، ولبسه مروان، فسمع أبو هريرة فقال: والله إنه لظلم؛ يمنع الحسن أن يدفن مع أبيه! والله إنه لابن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم أتى الحسين فكلمه وناشده الله؛ وقال: أليس قد قال أخوك: إن خفت فردني إلى مقبرة المسلمين، ففعل، فحمله إلى البقيع. ولم يشهده أحد من بني أمية إلا سعيد بن العاص، كان أميرًا على المدينة، فقدمه الحسين للصلاة عليه، وقال: لولا أنها السنة لما قدمتك. وقيل: حضر الجنازة أيضًا خالد بن الوليد ابن عقبة بن أبي معيط؛ سأل بني أمية فأذنوا له في ذلك، ووصى إلى أخيه الحسين، وقال له: لا أرى أن الله يجمع لنا النبوة والخلافة؛ فلا يَسْتَخِفَّنَّك أهلُ الكوفة ليُخْرِجُوك.

قال الفضل بن دكين: لما اشتد المرض بالحسن بن علي رضي الله عنهما جَزِع، فدخل عليه رجل فقال: يا أبا محمد، ما هذا الجزع! ما هو إلا أن تفارق روحُك جسدَك فتقدم على أبويك: علي وفاطمة، وجديك النبي صَلَّى الله عليه وسلم وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم والطيب والطاهر وابراهيم، وعلى خالاتك: رقية وأم كلثوم وزينب، فَسُرِّيَ عنه. ولما مات الحسن أقام نساءُ بني هاشم عليه النوح شهرًا، ولبسوا الحداد سنة.

أبو الحوراء: بالحاء المهملة، والراء.

أخرجه الثلاثة.
(< جـ2/ص 13>)
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال