تسجيل الدخول


الأحنف بن قيس

1 من 1
الأحْنَف بن قيس

واسمه الضَّحَّاك بن قيس بن معاوية بن حُصين بن حفص بن عُبادة بن النّزّال بن مُرّة بن عُبَيْد بن مقاعس بن عَمْرو بن كعب بن سعد بن زَيد مَناة بن تميم وأمّه من بني قراض من باهلة ولدته وهو أحنف، فقالت وهي تُرَقِّصُهُ:

وَالله لَوْلا حَنَفٌ في رِجْلِهِ
ما كانَ في الحيّ غُلامُ مِثْلِهِ

ويكنى الأحنف أبا بحر وكان ثقة مأمونًا قليل الحديث، وقد روى عن عمر بن الخطّاب وعليّ بن أبي طالب وأبي ذرّ.

قال: أخبرنا سليمان بن حَرْب قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن عليّ بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: بينا أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان بن عفّان إذ لقيني رجل من بني ليث فأخذ بيدي فقال: ألا أبشّرك؟ قلتُ: بَلَى، قال: تذكر إذ بعثني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى قومك بني سعد فجعلتُ أعرض عليهم الإسلام وأدعوهم إليه فقلتَ أنت: إنّه ليدعو إلى خير، وما أسمع إلا حسنًا، قال: فإنيّ ذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "اللّهمّ اغفر للأحنف!" قال الأحنف: فما شيء أرجى عندي من ذلك.(*)

قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيـّوب عن محمّد قال: نُبّئْتُ أنّ عمر ذكر بني تميم فذمّهم فقام الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي فأتكلّم، قال: تكلّم، قال: إنّك ذكرتَ بني تميم فَعَمَمْتهم بالذمّ وإنّما هم من النـّاس فمنهم الصالح والطالح، فقال: صدقتَ، فعفا بقولٍ حسنٍ فقام الحُتاتُ وكان يناوئه فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي فأتكلّم، فقال: اجلس قد كَفَاكُم سيّدكم الأحنف.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن أبي سُوَيد المغيرة عن الحسن أنّ الأحنف قَدِمَ على عمر فاحتبسه حَوْلًا كاملًا ثمّ قال: هل تدري لِمَ حبستك؟ إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خوّفنا كلّ منافق عليم(*) ولستَ منهم إن شاء الله.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل والحسن بن موسى قالا: حدّثنا حمّاد بن سَلَمَة قال: حدّثنا عليّ بن زيد عن الحسن عن الأحنف قال: قدمتُ على عمر بن الخطّاب فاحتبسني عنده حَولًا فقال: ياأحنف قد بلوتك وخبرتـُك فلم أر إلا خيرًا ورأيتُ علانيتك حسنة وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، فإنـّا كـنّا نتحدّث إنمّا يَهْلِكُ هذه الأمّةَ كلُّ منافقٍ عليم، وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعريّ: أمّا بعد فأدْنِ الأحنف بن قيس وشَاوِرْهُ واسمع منه.

قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا أبو كعب صاحب الحرير الأزديّ قال: حدّثنا أبو الأصفر أنّ الأحنف استُعمل على خُراسان، فلمّا أتى فارس أصابته جَنابة في ليلة باردة، قال: فلم يوقظ أحدًا من غلمانه ولا جُنده وانطلق يطلب الماء، قال: فأتى على شَوك وشجر حتّى سالَت قَدماه دمًا فوجدَ الثلج، قال: فكسره واغتسل، قال: فقام فوجد على ثيابه نعلين محذوّتين جديدتين، قال: فلبسهما فلمّا أصبح أخبر أصحابه فقالوا: والله ما علمنا بك.

قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرّقّيّ قال: حدّثنا عُبيد الله بن عَمرو، عن مَعْمَر عن الحسن قال: ما رأيت شريف قوم كان أفضل من الأحنف.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم والحسن بن موسى قالا: حدّثنا حَمّاد بن سلمة عن شيخ من بني تميم عن الأحنف بن قيس أنـّه قال: إنه ليَمنعني من كثير من الكلام مخافة الجواب.

قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق ومحمّد بن عبد الله الأنصاريّ عن ابن عون عن الحسن قال: ذكروا عند معاوية شيئًا فتكلّموا والأحنف ساكتٌ، فقال معاوية: تكلّم يا أبا بحر، فقال: أخاف الله إن كذبتُ وأخافكم إن صدقتُ.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا عَرْعَرَة بنِ البرِنْد عن ابن عون عن الحسن قال: قال الأحنف: إني لستُ بِحَليمٍ ولكـنّي أَتَحَالَمُ.

قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ عن يونس بن عُبيد قال: حدّثني مولى للأحنف أنّه قال: إنّ الأحنف كان قَلّ ما خلا إلاّ دعا بالمصحف، قال يونس: وكان النظر في المصاحف خُلقًا من الأوّلين.

قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: حدّثني زريق بن رُديح عن سَلَمَة بن منصور عن غلام كان للأحنف اشتراه أبوه منصور قال: كانت عامّة صلاة الأحنف باللّيل، قال: وكان يضع المصباح قريبًا منه فيضع إصبعه على المصباح ثم يقول: حسّ، ثمّ يقول: يا أحنف ما حملك على أن صنعتَ كذا يوم كذا!؟

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا سُليم بن أخضر قال: حدّثنا ابن عون عن محمّد بن سيرين قال: كان الأحنف في سرية فسمع صوتًا في جوف اللّيل فانطلق وهو يقول:‏ ‏

إنّ على كُلّ رَئيسٍ حَقّا
أنْ تُخْضَبَ القَناة أوْ تَنْدَقّا

قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسديّ قال: حدّثنا سفيان عن داود قال: جاء رجل إلى الأحنف فسأله فقال: إنّما لي سهم وما فيه فضل عنّي، وإنّما لفرسي سهمان وما فيهما فضل عن فرسي.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا سعيد بن زيد قال: سمعت أبي يقول: قيل للأحنف بن قيس إنك شيخ كبير وإنّ الصيام يُضْعفك، فقال: إني أعدّه لشَرّ طويل.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم وموسى بن إسماعيل قالا: حدّثنا عبد الله بن بكر بن عبد الله المُزَني عن مروان الأصفر قال: سمعت الأحنف بن قيس يقول: اللّهمّ إن تغفرْ لي فأنت أهل ذاك وإن تعذّبْني فأنا أهل ذاك.

قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابيّ قال: حدّثنا أبو الأشهب قال: حدّثنا عمرو بن ظَبْيان التميميّ من بني عوف بن عُبيد عن أبي المُخَيِّس قال: كنت قاعدًا عند الأحنف ابن قيس إذ جاء كتاب من عَبد الملك يدعوه إلى نفسه، فقال: يدعوني ابن الزرقاء إلى ولاية أهل الشأم؟! والله لَوَدِدْتُ أنّ بيني وبينهم جبلًا مِن نار مَن أتانا منهم احترقَ فيه ومَن أتاهم منّا احترق فيه.

قال: أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدّثنا عطّاف بن خالد عن عبد العزيز بن قُرَيـْر البَصْريّ قال: قيل للأحنف يا أبا بحر إنّ فيك أناةً شديدةً، قال: قد عرفتُ من نفسي عَجَلَةً في أمور ثلاثة: في صلاتي إذا حضرت حتّى أصلّيها، وجنازتي إذا حضرت حتّى أغيّبها في حفرتها، وابنتي إذا خَطَبها كَفِيُّها حتّى أزوّجه.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا الأزرق بن قيس أنّ الأحنف بن قيس كان يكره أن يصلّي في المقصورة.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن الأزرق بن قيس أن الأحنف بن قيس كان يكره أن يتخطّى رقاب النـّاس قبل خروج الإمام يوم الجمعة.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا سفيان عن إسماعيل قال: رأيت على الأحنف مِطْرَف خَزّ.

قال: أخبرنا شهاب بن عَبّاد العبديّ قال: حدّثنا إبراهيم بن حُميد الرّؤاسيّ عن إسماعيل بن أبي خالد أنـّه رأى الأحنف بن قيس عليه مطرف خَزّ ومقطّعة من يمنة وعمامة من خَزّ وهو على بغلة.

وكان الأحنف صديقًا لمُصْعَب بن الزّبير، فوفد عليه بالكوفة ومُصْعَب بن الزّبير يومئذ والٍ عليها فتُوفّي الأحنف عنده بالكوفة فرئي مصعب في جنازته يمشي بغير رداء.
(< جـ9/ص 92>)