1 من 2
صخر بن قيس:
صخر بن قيس، ويقال: الضّحاك بن قيس، هو الأحنف بن قيس التميميّ السعديّ، يُكنى أبا بحر، قد تقدّم ذكره نسبه إلى تميم في باب الألف.
أسلم على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ولم يره، ودعا له رسول صَلَّى الله عليه وسلم حين قدم عليه وَفْدُ بني تميم فذكروه له. وكان الأحنف عاقلًا حليمًا ذا دين وذكاء وفصاحة ودَهاء، لما قدمت عائشةُ رضي الله عنها البصرة، أرسلت إلى الأحنف ابن قيس فأبى أن يأتها ثم فأبى أن يأتيها ثم أرسلَتْ إليه فأتاها، فقالت: ويحك يا أحنف، بم تعتذر إلى الله من تَرْكِ جهاد قتلة أمير المؤمنين عثمان؟ أمِنْ قلّةِ عدد، أو أنك لا تُطاع في العشيرة؟ قال: يا أمّ المؤمنين، ما كبرت السنّ، ولا طال العهد، وإنّ عهدي بك عام أوّل تقولين فيه وتنالين منه. قالت: ويحك يا أحنف! إنهم مَاصُوه مَوْص الإِناء ثم قتلوه. قال: يا أمّ المؤمنين، إني آخذ بأمرك وأنت راضية، وأَدعُه وأَنت ساخطة.
وعُمِّر الأحنف إلى زمن مصعب بن الزّبير، وخرج معه إلى الكوفة لقتال المختار، فمات بها، وذلك في سنة سبع وستين، وصلَّى عليه مُصْعَب بن الزّبير، ومشى راجلًا بين رجلي نعشه بين رِداء، وقال: هذا سيِّدُ أهل العراق. ذهبت إحدى عينه يوم الحرّة، ودُفن بقرب قبر زياد بالكوفة.
(< جـ2/ص 271>)
2 من 2
الأحنف بن قيس التميمي:
الأحنف بن قيس السّعدي التميميّ. يُكْنَى أبا بَحْر، واسمه الضّحاك بن قيس. وقيل: صخر بن قيس بن معاوية بن حُصين بن عُبَادة بن النّزال بن مرّة بن عبيد بن الحارث ابن عمرو بن كعْب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وأمُّه من باهلة، كان قد أدرك النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم يَره، ودعا له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فمِن هنالك ذكَرْناه في الصّحابة؛ لأنه أسلم على عَهْد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدّثنا قاسم بن أَصْبَغ، حدّثنا أحمد بن زهير، حدّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا حماد بن سَلَمة عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس، قال: بَيْنا أنا أطوفُ بالبيت في زمن عثمان رضي الله عنه إذ جاء رجلٌ من بني ليث فأخذ بيدي، فقال: إلا أُبشِّرك؟ فقلت: بلى. قال: هل تذكر إذ بعثني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى قومِك بني سَعْد، فجعلت أعْرضُ عليهم الإسلام، وأدعوهم إليه؟ فقلت أنتَ: إنه ليدعوكم إلى خيرٍ، وما حسَّن إلا حسَنًا. فبلَّغْتُ ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ". فقال الأحنف: هذا مِنْ أَرْجى عملي عندي.(*)
كان الأحنف أحَد الجِلَّة الحلماء الدُّهاة الحكماء العقلاء، يُعَدُّ في كبار التّابعين بالبَصْرة.
وتُوفِّي الأحنف بن قيس بالكوفة في إمارة مُصْعب بن الزّبير سنة سبع وستين، ومشى مُصْعب في جنازته.
قال أبو عمر رحمه الله: ذكرنا الأحنف بن قيس في كتابنا هذا على شرطنا أن نذْكُرَ كلَّ مَنْ كان مسلمًا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حياته، ولم نذكر أكثم بن صيفي؛ لأنه لم يصح لإسلامُه في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقد ذكره أبو علي بن السّكن في كتاب الصّحابة فلم يصنَعْ شيئًا، والحديثُ الذي ذكره له في ذلك هو أن قال: لما بلغ أكثمَ بن صيفي مخرجُ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأراد أن يأتيَه فأبى قومُه أن يدعوه قالوا: أنت كبيرُنا لم تك لتخفَّ عليه. قال: فليأْت مَنْ يبلغه عنّي ويبلّغني عنه قال: فانتدب له رجلان فأتيا النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالا: نحن رُسُل أكْثَم بن صيفي، وهو يسألك مَنْ أنت؟ وما أنت؟ وبِمَ جئت؟ فقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: "أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ" أخرجه البخاري في الصحيح 3 / 242، والترمذي في السنن 5 / 545، كتاب المناقب 50، باب فضل النبي صَلَّى الله عليه وسلم 1، حديث رقم 3608، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وأحمد في المسند 1 / 210،3 / 153، 249، 4 / 166، وابن أبي شيبة في المصنف 11 / 431، والبيهقي في دلائل النبوة 1 / 116، 132، 136، 174، وذكره المتقي في كنز العمال، حديث رقم 31867، 31950، 32020، 35512، ثُمّ تلا عليهم هذه آلاية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر...} [النحل: 90] الآية. فأتيا أكثم فقالا: أبى أن يرفَع نسبه، فسألناه عن نَسبه فوجدناه زَاكِيَ النّسب واسطًا في مُضَر، وقد رمى إلينا بكلمات قد حفِظْناهنَّ، فلما سمعهنَّ أكثم قال: أي قوم؛ أراه يأمُر بمكارم الأخلاق ويَنْهَى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤساء، ولا تكونوا فيه أذنابًا، وكونوا فيه أوَّلًا، ولا تكونوا فيه آخرًا، فلم يلبث أن حضَرَتْه الوفاة؛ فقال: أوصيكم بتقوى الله وصِلة الرّحم؛ فإنه لا يبلى عليهما أصل.(*) وذكر حديثه إلى آخره.
قال ابن السَّكن: والحديث حدّثناه يحيى بن محمد بن صاعد إملاء، قال: حدّثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر، قال: حدّثنا عمر بن علي المقدمي عن علي بن عبد الملك بن عُمير عن أبيه، قال: لما بلغ أكثم بن صيفي مخرجُ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فذكر الخبرَ على حسب ما أوردناه، وليس في هذا الخبر شيء يدلُّ على إسلامه، بل فيه بيانٌ واضح أنه إذ أتاه الرّجلان اللذان بعثهما إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأخبراه بما قال لم يلبث أنْ مات، ومِثْل هذا لا يجوز إدخاله في الصّحابة وبالله التوفيق.
(< جـ1/ص 230>)