تسجيل الدخول


سلمان أبو عبد الله الفارسي

روى هُذَيم قال: رأيتُ سلمان الفارسيّ على حمارٍ عُرْيٍ وعليه قميصٌ سُنْبُلانّي قصير ضيّق الأسفل، وكان رجلًا طويل الساقين، كثير الشعر، وقد ارتفع القميص حتى بلغ قريبًا من رُكْبَتَيْه، وقال: ورأيتُ الصبيان يحضرون خلفه فقلتُ: ألا تَنَحّوْنَ عن الأمير؟ فقال: دَعْهم فإنمّا الخير والشرّ فيما بعد اليوم.
وروى ميمون بن مهران، عن رجلٍ من عبد القيس قال: كنت مع سلمان الفارسيّ وهو أمير على سريّة، فمرّ بفتيان من فتيان الجند فضحكوا وقالوا: هذا أميركم؟ فقلتُ: يا أبا عبد الله ألا ترى هؤلاء ما يقولون؟ قال: دَعْهم فإنمّا الخير والشرّ فيما بعد اليوم، إن استطعتَ أن تأكلَ من التراب فكُل منه، ولا تكونَنّ أميرًا على اثنين، واتقِ دعوة المظلوم المضطرّ فإنّها لا تُحْجب.
وروى سَلام بن مسكين، عن ثابت قال: كان سلمان أميرًا على المدائن، فجاء رجل من أهل الشأم من بني تيم الله معه حِمْل تين، وعلى سلمان أنَـْدَرْوَرْد وعبَاءة، فقال لسلمان: تَعالَ احـْمِلْ، وهو لا يعرف سلمان، فحمل سلمان فرآه الناس فعرفوه فقالوا: هذا الأمير، قال: لـمْ أعرفك، فقال له سلمان: لا حتى أبـْلُغَ منزلَك.
وقال وَهْب بن جرير بن حازم قال: حدّثنا أبي قال: سمعت شيخًا من بني عبس، عن أبيه قال: أتيت السوقَ فاشتريت عَلَفًا بدرهم، فرأيتُ سلمان ولا أعرفه فسخّرتُه فحملتُ عليه العلف، فمرَّ بقومٍ فقالوا: نحمل عنك يا أبا عبد الله، فقلتُ: مَن هذا؟ قالوا: هذا سلمان صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلتُ: لم أعرفك، ضَعْه عافاك الله، فأبَى حتى أتى به منزلي فقال: قد نويتُ فيه نيّةً فلا أضعه حتى أبلغ بيتَك.
وروى عطاء بن السائب، عن مَيْسَرَةَ أنّ سلمان كان إذا سجدت له العجم طأطأ رأسه وقال: خشعتُ لله.
وروى عبد الله بن بُرَيـْدة قال: كان سلمان إذا أصاب الشيء اشترى به لحمًا ثمّ دعا المُجَذَّمِين فأكلوه معه.
وروى أبو الأحوص قال: افتخرت قريش عند سلمان، فقال سلمان: لكني خُلقت من نطفة قذرة، ثم أعود جيفة منتنة، ثم يؤدى بي إلى الميزان، فإن ثقلت فأنا كريم، وإن خفت فأنا لئيم.
وصحب سلمانَ رجلٌ من بني عبس ليتعلم منه، فخرج معه، فجعل لا يستطيع أن يفضله في عمل، إن عجن جاء سلمان فخبز، وإن هيأ الرجل علفًا للدواب ذهب سلمان فسقاها، حتى انتهوا إلى شط دجلة ــ وهي تطفح ــ فقال سلمان للعبسي: انزل فاشرب، فنزل فشرب، فقال له سلمان: ازدد، فازداد، فقال له سلمان: كم تراك نقصت منها، فقال العبسي له: وما عسى أن أنقص منها، فقال سلمان: كذلك العلم؛ تأخذ منه ولا ينقص، فعليك بالعلم بما ينفعك.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال