الرئيسية
الصحابة
فضائل
مواقف إيمانية
كرامات
الأوائل
الأنساب
الغزوات
فوائد
مسابقات
تسجيل الدخول
البريد الالكتروني :
كلمة المرور :
تسجيل
تسجيل مشترك جديد
المصادر
مختصر
موجز ما ذكر عنه في الكتب الأربعة
تفصيل ما ذكر عنه في الكتب الأربعة
ما ذكر عنه في الطبقات الكبير
ما ذكر عنه في الاستيعاب في معرفة الأصحاب
ما ذكر عنه في أسد الغابة
ما ذكر عنه في الإصابة في تميز الصحابة
مواقفه الإيمانية
الزهد
الخوف
التواضع
الانفاق في سبيل الله
العلم
الورع
الصبر
مواقف أخرى
طرف من كلامه
سلمان أبو عبد الله الفارسي
((سَلْمان أبو عبد الله الفارسي: ويقال له سلمان ابن الإسلام وسَلْمان الخير. وقال ابن حبان: مَنْ زعم أن سلمان الخير آخر فقد وَهم.)) ((قيل: كان اسمه مابه ـــ بكسر الموحدة ابن بود؛ قاله ابن منده بسنده، وساق له نسبًا. وقيل اسمه بهبود)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قيل إِنه من جَيّ، وهي مدينة أَصفهان، وكان اسمه قبل الإِسلام مابه بن بوذخشان بن مورسلان بن بهبوذان بن فيروز بن سهرك، من ولد آب الملك.)) أسد الغابة. ((يقال: إنه مولى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ويعرف بسلمان الخير، كان أصلُه من فارس من رام هرمز، من قرية يقال لها جيء. وقيل: بل كان أصله من أصبهان لخبرِ قد ذكرته في "التمهيد". وهناك ذكرت حديثِ إسلامه بتمامه، وكان إذا قيل له: ابنُ من أنت؟ قال: أنا سليمان ابن الإسلام من بني آدم. وروى أبو إسحاق السَّبيعي، عن أبي قرة الكنديَّ، عن سلمان الفارسيّ، قال: كنْتُ من أبناء أساورة فارس ـــ في حديث طويل ذكره.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: حدّثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن جرير، يعني ابن عبد الله، والأعمش عن أبي سفيان عن أشياخه أنّ سلمان الفارسي كان يُكنى أبا عبد الله.)) الطبقات الكبير.
((قال أَبو نعيم: كان سلمان من المُعَمَّرين، يقال: إِنه أَدرك عيسى بن مريم!! وقرأَ الكتابين، وكان له ثلاث بنات: بنت بأَصبهان، وزعم جماعة أَنهم من ولدها، وابنتان بمصر.)) أسد الغابة.
((قال: أخبرنا يوسف بن البُهْلول قال: حدّثنا عبد الله بن إدريس قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قَتادة عن محمود بن لَبيد عن ابن عبّاس قال: حدّثني سلمان الفارسي حديثه من فيه قال: كنتُ رجلًا من أهل أصبهان من قرية يقال لها جَيّ، وكان أبي دِهْقَانَ، أرضه وكنتُ من أحبّ عباد الله إليه فما زال في حُبّه أيـّايّ حتى حَبَسَني في البيت كما تُحبس الجارية، قال فاجتهدتُ في المجوسيّة حتى كنتُ قاطن النار التي نوقدُها لا نتركها تخبو. وكانت لأبي ضيعة في بعض عمله وكان يعالج بُنْيانًا له في داره فدعاني فقال: أي بُنَيّ! إنّه قد شغلني بُنْياني كما ترى فانْطَلقْ إلى ضيعتي فلا تحتبس عليّ، فإنّك إن فعلتَ شَغلتَني عن كل ضيعة وكنتَ أهمّ عندي مما أنا فيه، فخرجتُ فمررتُ بكنيسة للنصارى فسمعتُ صلاتهم فيها فدخلتُ عليهم أنظر ما يصنعون فلم أزل عندهم، وأعجبني ما رأيتُ من صلاتهم وقلتُ في نفسي: هذا خير من ديننا الّذي نحن عليه. فما بَرحْتُهم حتى غابت الشمس وما ذهبتُ إلى ضيعة أبي ولا رجعتُ إليه حتى بَعَثَ الطّلَبَ في أثَري، وقد قلتُ للنصارى حين أعجبني ما رأيت من أمرهم وصلاتهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشأم. قال ثمّ خرجتُ فرجعتُ إلى أبي فقال: أيّ بُنيّ أين كنتَ؟ قد كنتُ عهدتُ إليك وتقدّمتُ ألا تحتبس، قال قلتُ: إني مررتُ على ناسٍ يصلّون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيتُ من أمرهم وصلاتهم ورأيتُ أنّ دينهم خير من ديننا. قال فقال لي: أَيْ بنيّ! دينك ودين آبائك خير من دينهم. قال قلتُ: كلاّ والله! قال فخافني فجعل في رجلي حديدًا وحبسني، وأرسلتُ إلى النصارى أخبرهم أني قد رضيتُ أمرهم وقلتُ لهم: إذا قَدِمَ عليكم رَكْب من الشأم فآذنوني. فقدم عليهم ركب منهم من التجّار فأرسلوا إليّ فأرسلت إليهم: إن أرادوا الرّجوع فآذنوني. فلمّا أرادوا الرّجوع أرسلوا إليّ فرميتُ بالحديد من رجلي ثمّ خرجتُ فانطلقتُ معهم إلى الشأم. فلمّا قدمتُ سألتُ عن عالمهم فقيل لي صاحب الكنيسة أُسْقُفهم، قال فأتيتُه فأخبرتُه خبري وقلتُ: أني أُحبّ أن أكون معك أخدمك وأصلّي معك وأتعلّم منك فإنّي قد رغبتُ في دينك، قال: أقِمْ. فكنتُ معه، وكان رجل سَوْءٍ في دينه، وكان يأمرهم بالصدقة ويرغّبهم فيها فإذا جمعوا إليه الأموال اكتنزها لنفسه حتى جمع سبع قِلال دنانير ودراهم. ثمّ مات فاجتمعوا ليدفنوه، قال قلتُ: تعلمون أنّ صاحبكم هذا كان رجل سَوء فأخبرتهم ما كان يصنع في صدقتهم، قال فقالوا: فما علامة ذلك؟ قال قلتُ: أنا أدلّكم على ذلك. فأخرجتُه فإذا سبع قِلال مملوءةٍ ذهبًا ووَرِقًا، فلمّا رأوها قالوا: والله لا نـُغَيّبُه أبدًا. ثمّ صلبوه على خشبة ورجموه بالحجارة وجاؤوا بآخر فجعلوه مكانه. قال سلمان: فما رأيتُ رجلًا لا يصلّي الخـَمْسَ كان خيرًا منه أعظم رغبةً في الآخرة ولا أزهد في الدنيا ولا أدأب ليلًا ولا نهارًا منه، وأحببتُه حبًّا ما علمتُ أني أحبتُ شيئًا كان قبله. فلمّا حضره قَدَرُهُ قلتُ له: إنّه قد حضرك من أمْر الله ما ترى فماذا تأمرني وإلى مَن توصي بي؟ قال: أيْ بُنيّ ما أرى أحدًا من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلًا بالموصل، فأما الناس فقد بدّلوا وهلكوا. فلمّا توفّي أتيتُ صاحبَ الموصل فأخبرته بعهده إليّ أن ألحَقَ به وأكون معه، قال: أقِمْ. فأقمتُ معه ما شاء الله أن أقيمَ على مثل ما كان عليه صاحبه، ثمّ حضَرَتْه الوفاةُ فقلتُ: إنّه قد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى مَن توصي بي؟ قال: أي بُنيّ والله ما أعلم أحدًا على أمرنا إلا رجلًا بنَصيبين وهو فلان فالحَقْ به. قال: فأتيتُ على رجل على مثل ما كان عليه صاحباه فأخبرتُه خبري فأقمتُ معه ما شاء الله أن أقيم، فلمّا حضرته الوفاةُ قلت له: إنّ فلانًا كان أوصى بي إلى فلان وفلان إلى فلان وفلان إليك، فإلى مَن توصي بي؟ قال: أي بنيّ والله ما أعلم أحدًا من الناس على ما نحن عليه إلا رجلًا بعَمّورِيَة من أرض الروم فإن استطعتَ أن تلحق به فالحق. فلمّا توفّي لحقتُ بصاحب عمّورية فأخبرتُه خبري وخبر من أوصى بي حتى انتهيتُ إليه فقال: أقِمْ فأقمتُ عنده فوجدتُه على مثل ما كان عليه أصحابه، فمكثتُ عنده ما شاء الله أن أمكث وثاب لي شيء حتى اتّخذت بقرات وغُنيمةً، ثمّ حضرته الوفاة فقلتُ له: إلى من توصي بي؟ فقال لي: أي بني، والله ما أعلم أنه أصبح في الأرض أحدٌ على مثل ما كنّا عليه آمُرُكَ أن تأتيه، ولكنّه قد أظَلّك زمانُ نبي يُبْعث بدين إبراهيم الحنيفيّة يخرج من أرض مُهاجَرِه وقَراره ذاتُ نخل بين حَرّتَينِ، فإن استطعتَ أن تَخْلُصَ إليه فاخلص وإنّ به آياتٍ لا تخفى، إنّه لا يأكل الصدقة وهو يأكل الهديّة وإنّ بين كتفيه خاتم النبوّة إذا رأيتَه عرفتَه. قال: ومات فمَرّ بي رَكْبٌ من كَلْبٍ فسألـْتُهُم عن بلادهم فأخبروني عنها فقلت: أعْطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني حتى تَقْدَموا بي أرضَكم، قالوا: نعم. فاحتملوني حتى قدموا بي وادي القرى فظلموني فباعوني عبدًا من رجل من يهود فرأيتُ بها النخل، وطمعتُ أن تكون البلدة التي وُصِفَت لي وما حَقّت لي ولكني قد طمِعْتُ حين رأيتُ النخل، فأقمتُ عنده حتى قدم رجل من يهود بني قُرَيـْظَةَ فابتاعني منه ثمّ خرج بي حتى قدمتُ المدينة. فوالله ما هو الا أن رأيتُها فعرفتُها بصفة صاحبي وأيقنتُ أنّها هي البلدة التي وُصِفَتْ لي. فأقمتُ عنده أعمل له في نخله في بني قريظة حتى بعث الله رسوله، صَلَى الله عليه وسلم، وخَفِيَ عليّ أمره حتى قدم المدينة ونزل بقباء في بني عمرو بن عوف، فوالله إني لفي رأس نخلة وصاحبي جالس تحتي إذ أقبل رجل من يهود من بني عمّه حتى وقف عليه فقال: أي فلان، قاتل الله بني قَيْلَةَ إنّهم آنفًا ليَتقاصفون على رجلٍ بقُباء قدم من مكّة يزعمون أنّه نبيّ. قال فوالله أنْ هو إلا قالها فأخذَتـْني العُرَواء فرجفَتِ النخلةُ حتى ظننتُ لأسقطنّ على صاحبي، ثمّ نزلتُ سريعًا أقول: ماذا تقول، ما هذا الخبر؟ قال فرفع سيّدي يده فلكمني لكمةً شديدةً ثمّ قال: ما لك ولهذا؟ أقْبِلْ على عملك. قلتُ لا شيءَ إنّما أردتُ أن أسْتَثْبِتَهُ هذا الخبر الذي سمعتُه يذكر، قال: أقْبِلْ على شأنك. قال فأقبلتُ على عملي ولَهِيتُ منه. فلمّا أمسيتُ جمعتُ ما كان عندي ثمّ خرجتُ حتى جئتُ إلى رسول الله، صَلَى الله عليه وسلم، وهو بقباء فدخلتُ عليه ومعه نفر من أصحابه فقلتُ: إنّه بلغني أنّك ليس بيدك شيء وأنّ معك أصحابًا لك، وأنّكم أهل حاجة وغُرْبة وقد كان عندي شيء وضعتُه للصدقة فلمّا ذُكر لي مكانُكم رأيتُكم أحقّ الناس به فجئتكم به، ثمّ وضعتُه له فقال رسول الله، صَلَى الله عليه وسلم:
"كُلوا"
، وأمسك هو. قال قلتُ في نفسي: هذه والله واحدة. ثمّ رجعتُ وتحوّل رسول الله، صَلَى الله عليه وسلم، إلى المدينة وجمعتُ شيئًا ثمّ جئتُه فسلّمتُ عليه وقلتُ له: إني قد رأيتُك لا تأكل الصدقة وقد كان عندي شيء أحبّ أن أكرمك به من هديـّة أهديتُها كرامة لك ليست بصدقة. فأكل وأكل أصحابه. قال قلتُ في نفسي: هذه أخرى. قال ثمّ رجعتُ فمكثتُ ما شاء الله ثمّ أتيتُه فوجدتُه في بَقيع الغَرقد قد تبع جنازةً وحوله أصحابه وعليه شَمْلتانِ مؤتزرًا بواحدة مُرْتَديًا بالأخْرى. قال فسلّمتُ عليه ثمّ عدلتُ لأنظر في ظهره فعرف أني أريد ذلك وأسْتَثْبِتُهُ، قال فقال بردائه فألقاه عن ظهره فنظرتُ إلى خاتم النبوّة كما وصف لي صاحبي. قال فأكببتُ عليه أّقبّلُ الخاتم من ظهره وأبكي. قال فقال:
"تحول عنك"
، فتحوْلتُ فجلستُ بين يديه فحدّثتُه حديثي كما حدّثتُك يا بن عبّاس فأعجبه ذلك، وأحبّ أن يسمعه أصحابه. ثمّ أسلمتُ وشغلني الرّقّ وما كنتُ فيه حتى فاتني بَدْرٌ وأحدٌ. ثمّ قال لي رسول الله، صَلَى الله عليه وسلم:
"كاتب"
. فسألتُ صاحبي ذلك فلم أزل حتى كاتبني على أن أُحْيِيَ له ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية من وَرِق. ثمّ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"أعينوا أخاكم بالنخل"
، فأعانني كلّ رجل بقدره بالثلاثين والعشرين والخمس عشرة والعشر، ثمّ قال:
"يا سلمان اذهَب ففَقرْ لها فإذا أنتَ أردتَ أن تضعها فلا تضعها حتى تأتيَني فتُؤذِنـِنَي فأكون أنا الذي أضعها بيدي"
. فقمتُ في تفقيري فأعانني أصحابي حتى فَقّرنا شَرَبًا ثلاثمائة شَرَبَةٍ، وجاء كلّ رجل بما أعانني به من النخل، ثمّ جاء رسول الله فجعل يضعها بيده وجعل يسوّي عليها شربها ويبرّك حتى فرغ منها رسول الله جميعًا، فلا والذي نفس سلمان بيده ما ماتت منه وَديـّة وَبَقيَت الدراهم. فبينا رسول الله، صَلَى الله عليه وسلم، ذاتَ يوم في أصحابه إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب أصابها من بعض المعادن فتصدّق بها إليه، فقال رسول الله، صَلَى الله عليه وسلم:
"ما فعل الفارسيّ المسكين المُكاتَبُ؟ ادعوه لي"
. فدُعيتُ له فجئتُ فقال:
"اذهب بهذه فأدّها عنك ممّا عليك من المال"
. قال وقلت: وأين يقع هذا ممّا عليّ يا رسول الله؟ قال:
"إنّ الله سيؤدّي عنك"
(*)
. قال ابن إسحاق: فأخبرني يزيد بن أبي حبيب أنّه كان في هذا الحديث أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وضعها يومئذٍ على لسانه ثم قلبها ثمّ قال لي:
"اذهب فأدّها عنك"
(*)
. ثمّ عاد حديثُ ابن عبّاس ويزيد أيضًا، قال سلمان: فوالذي نفسي بيده لوزنتُ له منها أربعين أوقيّة حتى وفّيتُه الذي له. وعَتَقَ سلمان وشهد الخندق وبقية مشاهد رسول الله، صَلَى الله عليه وسلم، حُرًّا مسلمًا حتى قبضه الله. قال: أخبرنا يوسف بن البُهْلول قال: حدّثنا عبد الله بن إدريس قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق قال: حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجل من عبد القيس أنـّه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: حدّثني مَن حدّثه سلمان أنــّه كان في حديثه حين ساقه لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن صاحب عَمّوريـَةَ قال له: أرأيت رجلًا بكذا وكذا من أرض الشأم بين غَيْضَتَيَنِ يخرج من هذه الغيضة إلى هذه الغيضة في كلّ سنة ليلةً ثمّ يخرج مثلها من العام القابل ليلةً من السنة معلومةً فيتعرّضه الناسُ يداوي الأسقام يدعو لهم فيُشْفَوْنَ، فَأتِ فَسَلْه عن هذا الذي تلتمس. قال فجئتُ حتى أقمتُ مع الناس بين تينك الغيضتين. فلمّا كان الليلة التي يخرج فيها من الغيضة إلى الغيضة التي يدخل، خرج وغلبوني عليه حتى دخل الغيضة الأخرى، وتوارى مني إلا منكبَه، فتناولتُه فأخذتُ بمنكبه فلم يلتفت إليّ وقال: ما لك؟ قلت: أسألك عن دين إبراهيم الحنيفيّة، قال: إنــّك تسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليومَ، قد أظلّك نبيّ يخرج من عند هذا البيت يأتي بهذا الدين الذي تسأل عنه فالـْحقْ به، ثمّ انصرفتُ. قال فقال رسول الله، صَلَى الله عليه وسلم، حين حدّثته بهذا الحديث:
"لئن كنتَ صدقتَني يا سلمان لقد لقيتَ عيسى بن مريم"
(*)
. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن زيد عن أبي عثمان النّهْديّ عن سلمان قال: كاتبتُ أهلي على أن أغرس لهم خمسمائة فَسيلةٍ فإذا عَلِقَتْ فأنا حُرّ فذكرتُ ذلك للنبيّ، صَلَى الله عليه وسلم، فقال:
"إذا أردتَ أن تغرس فآذِنّي"
. قال فآذنتُه فغرس رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بيده إلا واحدة غرستُها بيدي فعلـِقْنَ جُمَعَ إلا الواحدةَ التي غرستُ
(*)
. قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي قرّة الكِنْديّ عن سلمان الفارسيّ قال: كنتُ من أبناء أساورة فارسَ وكنتُ في كُتّابٍ، كان معي غُلامان، فكانا إذا رجعا من عند معلّمهما أتيا قَسًّا فدخلا عليه فدخلتُ معهما فقال لهما: ألم أنــْهَكما أن تأتياني بأحد؟ قال فجعلتُ أختلف إليه حتى كنتُ أحبّ إليه منهما فقال لي: إذا سألك أهلُك ما حبسك؟ فقل معلّمي، إذا سألك معلّمك ما حبسك؟ فقُلْ أهلي. ثمّ إنـّه أراد أن يتحوّل فقلت: أنا أتحوّل معك فتحوّلتُ معه فنزل قريةً فكانت امرأةٌ تأتيه، فلمّا حُضِرَ قال: يا سلمان احفر عند رأسي فحفرتُ فاستخرجتُ جَرّةً من دراهم فقال لي: صُبّها على صدري، فصببتُها على صدره، ثمّ إنـّه مات فهممتُ بالدراهم أن أحْويَها أو أحوّلَها شكّ عبيد الله، ثمّ إني ذكرتُ فتركتها ثمّ آذنتُ القِسيّسين والرهبان به فحضره فقلت: إنـّه قد ترك مالًا. فقام شبابٌ في القرية فقالوا: هذا مال أبينا كانت سرّيـّتُه تأتيه. فأخذوه فقلتُ للرهبان: أخبروني برجلٍ عالم أتْبَعْه، فقالوا: ما نعلم اليوم في الأرض رجلًا أعلم من رجلٍ بحمْصَ. فانطلقتُ إليه فَلقيتُه فقصصتُ عليه القصّة فقال: وما جاء بك إلا طلب العلم، قال فإنـّي لا أعلم اليوم في الأرض أحدًا أعلم من رجلٍ يأتي بيتَ المقدس كلّ سنة وإن انطلقتَ الآن وافقتَ حمارَه. قال فانطلقتُ فإذا بحماره على باب بيت المقدس فجلستُ عنده حتى خرج فقصصتُ عليه القصّة فقال: وما جاء بك إلا طلب العلم؟ قلتُ: نعم، قال: اجلس. فانطلق فلم أره حتى حال الحول فجاء فقلتُ: يا عبد الله ما صنعتَ بي؟ قال: وإنـّك هاهنا؟ قلتُ: نعم، قال: فإني والله ما أعلم اليوم في الأرض رجلًا أعلم من رجلٍ خرج بأرض تَيْماء، وإن تنطلق الآن توافقه، فيه ثلاث آيات: يأكل الهديـّة، ولا يأكل الصدقة، وعند غُضْرُوف كتفه اليُمْنى خاتم النبوّة مثل بيضة الحمامة لونها لون جلده. قال فانطلقتُ ترفعني أرضٌ وتخَــْفِضُني أُخرى حتى مررتُ على قوم من الأعراب فاستعبدوني فباعوني فاشترتْني امرأة بالمدينة. فسمعتهم يذكرون النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وكان العيشُ عزيزًا فقلتُ لها: هبي لي يومًا، فقالت: نعم فانطلقتُ فاحتطبتُ حطبًا فبِعْتُه فأتيتُ به النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وكان يسيرًا، فوضعتُه بين يديه فقال:
"ما هذا؟"
فقلتُ: صدقةٌ فقال لأصحابه:
" كُلوا"
، ولم يأكل. قلتُ هذه من علامته. فمكثتُ ما شاء الله أن أمكث ثمّ قلتُ لمولاتي: هبي لي يومًا: قالت: نعم. فانطلقتُ فاحتطبتُ حطبًا فبِعْتُه بأكثر من ذلك وصنعتُ طعامًا فأتيتُ به النبيّ وهو جالس بين أصحابه فوضعتُه بين يديه فقال:
"ما هذا؟"
قلتُ: هديــّة. فوضع يده وقال لأصحابه:
"خذوا بسم الله"
. فقمتُ خلفه فوضع رداءه فإذا خاتم النبوّة فقلتُ: أشهد أنـّك رسول الله، قال:
"وما ذاك؟"
فحدّثتُه عن الرجل ثمّ قلتُ: أيَدْخُلُ الجنّة يا رسول الله؟ فإنـّه حدّثني أنـّك نبي. قال:
"لن يدخل الجنة إلا نفس مُسْلِمَةٌ"
(*)
. قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم،
"سلمان سابـِقُ فارِسَ"
(*)
)) الطبقات الكبير. ((قيل: إِنه أَسلم بمكة، وليس بشيء.)) أسد الغابة.
((أول مشاهده الخندق، وشهد بقية المشاهد، وفتوحَ العراق، وولي المدائن. وقال ابْنُ عَبْدِ البر: يقال إنه شهد بدرًا)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((أَول مشاهدة الخندق، وهو الذي أَشار بحَفْره، فقال أَبو سفيان وأصحابه، إذ رأَوه: هذه مكيدة ما كانت العَربُ تكيدها. وقد قيل: إنه شهد بَدْرًا، وأُحدًا، إلا أنه كان عبدًا يومئذ، والأكثر أن أول [[مشاهده]] الخندق)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك قال: حدّثني كثير بن عبد الله الـمُزَني عن أبيه عن جدّه أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خطّ الخندق من أُجُمِ الشّيْخَينِ طرف بني حارثة عامَ ذُكرَتِ الأحزاب خِطّةً من الـمَذار فقطع لكلّ عشرةٍ أربعين ذراعًا فاحتجّ المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلًا قويًّا، فقال المهاجرون: سلمان منّا، وقالت الأنصار: لا بل منّا، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"سلمان منّا أهلّ البيت"
(*)
. قال عمرو بن عوف: فدخلتُ أنا وسلمان وحُذيفة بن اليمان ونعمان بن مُقَرّن الـمُزني وستّة من الأنصار تحت أصل ذُباب فضربنا حتى بـَلَغنا النّدى فأخرج الله صخرةً بيضاء مَرْوَةً من بطن الخندق فكسَرَتْ حديدَنا وشقّت علينا فقلتُ لسلمان: أرْقَ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو ضارب عليه قُبّة تُرْكيّة، فرقى إليه سلمان فقال: يا رسول الله صخرة بيضاء خرجت من بطن الخندق فكسرَتْ حديدَنا وشقّتْ علينا فإمّا أنّ نَعْدِلَ عنها والمَعْدِلُ قريب أو تأمرنا فيها بأمرك فإنـّا لا نحبّ أن نجاوز خطّك، فقال:
"أرِني مِعْوَلَك يا سلمان"
. فقبض معوله ثمّ هبط علينا فكنّا على شقّة الخندق فنزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَتَـنَحَّى فضرب ضربة صدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابـَتَيْها، فكبّر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، تكبير فتح، فكبّرنا. ثمّ ضرب الثانية فبرق منها برقة أضاء ما بين لابْـَتـَيْها حتى كأن مصباحًا في جوف بيتٍ مُظْلِمٍ، فكبّر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، تكبير فتح فكبّرنا، ثمّ ضرب الثالثة فكسّرها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها فكبّر تكبير فتحٍ فكبرّنا. ثمّ رقي حتى إذا كان في مَقْعَد سلمان قال سلمان: يا رسول الله لقد رأيتُ شيئًا ما رأيتُ مثله قطّ فالتفتَ إلى القوم فقال:
"هل رأيتم؟"
قالوا: نعم، بأبينا أنت وأمّنا يا رسول الله، رأيناك تضرب فتخرج برق كالموج فتكبرّ فنكبّر لا نرى ضياءً غير ذلك. قال:
"صدقتم، ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم فأضاء لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنـّها أنياب الكلاب وأخبرني جبرائيل أنّ أُمتي ظاهرة عليها، ثمّ ضربتُ ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم أضاء لي معها قصور الحمر من أرض الروم كأنـّها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل أنّ أُمّتي ظاهرة عليها، ثمّ ضربتُ الثالثة فبرق الذي رأيتم أضاء لي معها قصور صَنْعاء كأنـّها أنياب الكلاب وأخبرني جبرائيل أنّ أُمّتي ظاهرة عليها يبلغهم النصرُ فأبشروا"
، يــُرَدّدُها ثلاثًا فاستبشر المسلمون وقالوا: موعودُ صادقٍ بارٍّ وعدنا النّصْرَ بعد الـحَصْرِ والفتوح، فتراءوا الأحزاب، فقال الله:
{وَلَمَّا رَءَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}
[سورة الأحزاب: 23، 22] إلى آخر الآية
(*)
)) الطبقات الكبير.
((يُعَدُّ في الكوفيين. روينا عن سليمان أنه تلا هذه الآية:
{الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}
[الأنعام 82]. فقال له زيد بن صوحان: يا أبا عبد الله، وذكر الخبر.)) ((ذكر ابنُ وهب وابن نافع عن مالك قال: كان سلمان يعمل الخوص بيده، فيعيش منه، ولا يقبل من أحدٍ شيئًا. قال: ولم يكن له بيت، وإنما كان يستظل بالجُذور والشَّجر، وإنّ رجلًا قال له: ألَا أبْنِي لك بيتًا تسكنُ فيه؟ فقال: ما لي به حاجةٌ، فما زال به الرجلُ حتى قال له: إني أعرف البَيت الذي يوافقك.. قال: فصِفْه لي. قال: أبني لك بيتًا إذا أنت قمْتَ فيه أصاب رأسَك سَقْفُه، وإن أنت مددت فيه رِجْلَيْكَ أصاب أصابعَهما الجِدَارُ. قال: نَعَمْ، فبنى له بيتًا كذلك. وروى عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم من وجوهٍ أنه قال:
"لَوْ كَانَ الَدِّينُ عِنْدَ الثِّرَيَّا لَنَالَهُ سُلَمَانُ"
. وفي رواية أخرى:
"لَنَالَهٌ رِجَالٌ مِنْ فَارِسٍ"
(*)
أخرجه البخاري 8/641 في التفسير ومسلم 4/ 1972ـ 1973 في فضائل الصحابة 231 / 2546
. وروينا عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: كان لسلمان مجلسٌ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. وروى من حديث ابن بُريدة، عن أبيه، عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال:
"أَمَرني رَبِّي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّهُمْ: عَلِيٌّ، وَأَبُو ذَرٍ، وَالْمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ"
.
(*)
وروى قتادة، عن خيثمة، عن أبي هريرة، قال: كان سليمانُ صاحبَ الكِتَابين. قال قتادة: يعني الإنجيلَ والفُرْقان)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: حدّثنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا أبو الأشهب قال: حدّثنا الحسن قال: عاد الأميرُ سلمانَ في مرضه فقال له سلمان: أما أنت أيـّها الأمير فاذكر الله عند همّك إذا هممتَ وعند لسانك إذا حكمتَ وعند يدك إذا قسمتَ، قُمْ عني، والأمير يومئذٍ سعد بن مالك.)) الطبقات الكبير. ((قيل: إِنه لقي بعض الحواريين)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا وَهْب بن جرير بن حازم قال: حدّثنا أبي قال: سمعت شيخًا من بني عبس عن أبيه قال: أتيت السوقَ فاشتريت عَلَفًا بدرهم فرأيتُ سلمان ولا أعرفه فسخّرتُه فحملتُ عليه العلف، فمرّ بقوم فقالوا: نحمل عنك يا أبا عبد الله، فقلتُ: مَن هذا؟ قالوا: هذا سلمان صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقلتُ: لم أعرفك، ضَعْه عافاك الله، فأبَى حتى أتى به منزلي فقال: قد نويتُ فيه نيّةً فلا أضعه حتى أبلغ بيتَك. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم ورَوْح بن عبادة قالا: حدّثنا حمّاد بن سَلَمَة عن خالد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن مَيْسَرَةَ أنّ سلمان كان إذا سجدت له العجم طأطأ رأسه وقال: خشعتُ لله. قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدّثنا جعفر بن برقان قال: بلغني أنّه قيل لسلمان الفارسيّ ما يُكْرِهُك الإمارة؟ قال: حلاوة رِضاعها ومرارة فِطامها. قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نُسَيّ أنّ سلمان كان له حُبىً من عبَاءٍ وهو أمير الناس. قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: حدّثنا مالك بن أنس أنّ سلمان الفارسيّ كان يستظلّ بالفيءِ حيث ما دار ولم يكن له بيت، فقال له رجل: ألا نبني لك بيتًا تستظلّ به من الحرّ وتسكن فيه من البرد؟ فقال له سلمان: نعمْ فلمّا أدبر صاح به فسأله سلمان: كيف تبنيه؟ فقال: أبنيه إن قمتَ فيه أصاب رأسك وإن اضطجعتَ فيه أصاب رِجْلَك، فقال سلمان: نعم. قال: أخبرنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي ويحيَى بن عبّاد قالا: أخبرنا شعبة عن سِماك قال: سمعتُ النعمان بن حُميد يقول: دخلتُ مع خالي على سلمان بالمدائن وهو يعمل الخوص، فسمعتُه يقول: أشتري خوصًا بدرهم فأعمله فأبيعه بثلاثة دراهم فأعيد درهمًا فيه وأُنـْفِقُ درهمًا على عيالي وأتصدّق بدرهم، ولو أنّ عمر بن الخطّاب نهاني عنه ما انتهيتُ. قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: حدّثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد عن عبد الله بن بُرَيـْدة قال: كان سلمان إذا أصاب الشيء اشترى به لحمًا ثمّ دعا المُجَذَّمِين فأكلوه معه. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا أبو الأحوص عن حُصين عن إبراهيم التّيْميّ قال: كان سلمان إذا وُضِعَ الطّعام بين يديه قال: الحمد لله الذي كفانا المئونةَ وأحسن الرّزق. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التّيْميّ عن الحارث بن سُويد قال: كان سلمان إذا أكل قال: الحمد لله الذي كفانا المئونة وأوسع علينا في الرزق. قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال: حدّثنا شعبة، قال أبو إسحاق أنْبَأني قال: سمعتُ حارثة بن مُضَرّب قال: سمعتُ سلمان يقول إني َلأَعُدُّ العُراقة على الخادم خَشْيَةَ الظّنّ. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسديّ قال: حدّثنا سفيان عن أبي جعفر الفرّاء عن أبي ليلى الكنديّ قال: قال غلام سلمان: كاتِبْني، قال: ألك شيءٌ؟ قال: لا، قال: فمن أين؟ قال: أسأل الناس، قال: تريد أن تُطْعِمَني غُسالة الناس. قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسيّ قال: حدّثنا شعبة عن أبي جعفر قال: سمعتُ أبا ليلى قال: قال غلام لسلمان: كاتِبْني، قال: ألك مال؟ قال: لا، قال: أتأمرني أن آكلَ غُسالةَ أيدي الناس؟ قال وسُرِقَ عَلَفُ دابـّته فقال لجاريته أو لغلامه: ولولا أني أخاف القِصاص لضربتُك. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا وُهيب بن خالد قال: حدّثنا أيـّوب عن أبي قلابة أنّ رجلًا دخل على سلمان وهو يعجن، قال: فقال: أين الخادم؟ قال: بعثناها لحاجة فكرهنا أن نجمع عليها عَمَلَينِ، قال: إنّ فُلانًا يُقْرئك السّلام، فقال له سلمان: منذ كم قدمتَ؟ قال: منذ ثلاثة أيام، قال: أما إنّك لو لم تُؤدّها لكانت أمانةً لم تُؤدّها. قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير عن حجّاج عن أبي إسحاق عن عمرو بن أبي قُرّة قال: قال سلمان: لا نَؤمكم في مساجدكم ولا نَنْكِحُ نساءكم، يعني العرب. قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق وغيره قالوا: كان سلمان يقول لنفسه: سلمان بمِير، يقول مُتْ. قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: حدّثنا الأعمش عن أبي سفيان عن أشياخه قالوا: دخل سعد بن أبي وقّاص على سلمان يعوده، قال فبكى سلمان فقال له سعد: ما يُبْكيك يا أبا عبد الله؟ تُوفّي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو عنك راضٍ، وتلقى أصحابَك، وتَرِدُ عليه الحوْضَ. قال سلمان: والله ما أبكي جَزَعًا من الموت ولا حِرْصًا على الدنيا ولكنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عهد إلينا عهدًا فقال:
"لتكُنْ بُلْغَةُ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب"
وحولي هذه الأساود، قال وإنمّا حوله جَفْنَةٌ أو مَطْهَرةٌ أو إجّانة، قال فقال له سعد: يا أبا عبد الله اعهد إلينا بعهد نأخذه بعدك، فقال يا سعد اذكر الله عند همّك إذا هممتَ وعند حُكْمِك إذا حكمتَ وعند يدك إذا قسمتَ
(*)
. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا حمّاد بن سَلَمَة قال: أخبرنا عليّ بن زيد عن سعيد بن المسيّب أنّ سعد بن مسعود وسعد بن مالك دخلا على سلمان يعودانه فبكى فقالا له: ما يُبْكيك يا أبا عبد الله؟ قال: عَهْدٌ عهده إلينا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لم يحفظه منا أحد، قال:
"ليَكُن بلاغُ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب"
(*)
. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا جَبَلَة بن عطيّة عن رجاء بن حَيْوَةَ قال: قال أصحاب سلمان لسلمان: أوْصِنا، فقال: مَن استطاع منكم أن يموت حاجًّا أو معتمرًا أو غازيًا أو في ثقل الغُزَاة فَلْيَمُتْ، ولا يموتنّ أحدكم فاجرًا ولا خائنًا.)) ((قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا سفيان بن عُيينة عن عاصم الأحول عن أنس قال: لـمّا قّدِمَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة آخى بين سلمان وحُذيفة
(*)
. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث عن أبيه قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله عن الزّهْرّي أنــّهما كانا يُنْكِران كلّ مؤاخاة كانت بعد بدر ويقولان: قَطَعَتْ بـَدر المواريثَ، وسلمان يومئذٍ في رقّ، وإنّما عَتَقَ بعد ذلك. وأوّل غزاة غزاها الخندق سنة خمسٍ من الهجرة. قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير قال: حدّثنا الأعمش عن أبي صالح قال: نزل سلمان على أبي الدرداء، وكان أبو الدرداء إذا أراد أن يصلّي منعه سلمان وإذا أراد أن يصومَ منعه فقال: أتمنعني أن أصوم لربّي وأصلّي لربّي؟ قال: إنّ لعينك عليك حقًّا وإنّ لأهلك عليك حقًّا فصُمْ وأفْطِرْ وصَلّ ونَمْ. فبلغ ذلك رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال:
"لقد أُشْبعَ سلمانُ عِلْمًا"
(*)
. قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال: أخبرنا بن عون عن محمد بن سيرين قال: دخل سلمان على أبي الدرداء في يوم جمعةٍ فقيل له هو نائم، قال فقال: ما له؟ قالوا: إنـّه إذا كان ليلة الجمعة أحياها ويصوم يوم الجمعة، قال: فأمرهم فصنعوا طعامًا في يوم جمعة ثمّ أتاهم فقال: كُلْ، قال: إنّي صائم فلم يزل به حتى أكل، ثمّ أتيا النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فذكرا له ذلك فقال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم:
"عُوَيـْمِرُ! سلمان أعْلَمُ منك"
، وهو يضرب على فخذ أبي الدّرداء،
"عويمر سلمان أعلم منك"
ثلاث مرّات،
"لا تَخُصّ ليلةَ الجمعة بقيام بين الليالي ولا تخصّ يوم الجمعة بصيام بين الأيـّام"
(*)
. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا أبو عَوانة قال: حدّثنا قَتادَة أنّ سلمان أتى أبا الدرداء فشكَتْ إليه أمّ الدرداء أنـّه يقوم الليل ويصوم النهار، فبات عنده فلمّا أراد القيام حبسه حتى نام، فلمّا أصبح صنع له طعامًا فلم يزل به حتى أفطر فأتى أبو الدّرداء النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال النبيّ:
"عُويمر سلمان أعلم منك، لا تُحَقْحِقْ فتـُقْطَعَ ولا تَحْبِسْ فتُسْبَقَ، اقْصِدْ تُبْلِغْ سَيْرَ الرِكابات تَطَأ فيها البَرْدَيــْنِ والخَفْقَتَينِ من الليل"
(*)
. أخبرنا محمد بن عبد الله الأسديّ قال: حدّثنا مِسْعَر عن عمرو بن مُرّة عن أبي البَخْتَريّ قال: سُئل عليّ عن سلمان فقال: أوتيَ العلمَ الأوّلَ والعلم الآخر، لا يُدرَكُ ما عنده. قال: أخبرنا حجّاج بن محمّد عن بن جُريج عن زاذان قال: سئل عليّ عن سلمان الفارسي فقال: ذاك امرؤ منّا وإلينا أهل البيت، مَنْ لكم بمثل لقمان الحكيم، عَلِمَ العلمَ الأوّل والعلم الأخر وقرأ الكتاب الأوّل وقرأ الكتاب الآخر وكان بحرًا لا يُنْزَفُ. قال: أخبرنا حمّاد بن عمرو النصيبيني قال: حدّثنا زيد بن رُفيع عن معبد الجُهَني عن يزيد بن عَمِيرَة السّكْسَكيّ وكان تلميذًا لمعاذٍ أنّ مُعاذًا أمره أن يطلب العلم من أربعةٍ أحدهم سلمان الفارسي. قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن الأعمش عن شِمْرِ بن عَطيّة عن رجل من بني عامر عن خالٍ له أنّ سلمان لـمّا قَدِمَ على عمر قال للناس: اخرجوا بنا نَتَلَقّ سلمانَ. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن إسماعيل بن سُمَيْع عن عمّار الدّهْني عن سالم بن أبي الجعد أنّ عمر جعل عطاء سلمان ستّة آلاف. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن إسماعيل بن سُمَيْع عن مالك بن عُمير قال: كان عطاء سلمان الفارسيّ أربعة آلاف. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا إسرائيل عن إسماعيل بن سُميع عن مسلم البَطين قال: كان عطاء سلمان أربعة آلاف. قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرّقّيّ عن مسلم البطين قال كان عطاء سلمان أربعة آلاف. قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرّقّيّ قال: حدّثنا أبو المليح عن ميمون قال: كان عطاء سلمان الفارسي أربعة آلاف وعطاء عبد الله بن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقلت: ما شأن هذا الفارسي في أربعة آلاف وابن أمير المؤمنين في ثلاثة آلاف وخمسمائة؟ قالوا: إن سلمان شهد مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مشهدًا لم يشهده ابن عمر. قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن زُرارة الجَرْميّ قال: حدّثنا جعفر بن سليمان قال: حدّثنا هشام بن حسّان عن الحسن قال: كان عطاء سلمان خمسة آلاف وكان على ثلاثين ألفًا من الناس يخطب في عباءة يفترش نِصْفَها ويلبس نِصْفَها، وكان إذا خرج عطاؤه أمضاه ويأكل من سَفِيف يديه. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا يزيد بن مَرْدَانُبَة عن خليفة بن سعيد المـُراديّ عن عمّه قال: رأيتُ سلمان الفارسيّ بالمدائن في بعض طرقها يمشي فزحمَتْه حِمْلةٌ من قصب فأوجعَتْه فتأخّر إلى صاحبها الذي يسوقها فأخذ بعضده فحرّكه ثمّ قال: لا مِتّ حتى تُدْرِكَ إمارةَ الشباب.)) الطبقات الكبير. ((يقال إنه أدرك عيسى بن مريم. وقيل بل أدرك وصيّ عيسى. ورُويت قصته من طرق كثيرة، من أصحها ما أخرجه أحمد من حديثه نفسه، وأخرجها الحاكم من وَجْهٍ آخر عنه أيضًا، وأخرجه الحاكم من حديث بُريدة، وعلق البخاري طرفًا منها، وفي سياق قصته في إسلامه اختلافٌ يتعسَّر الجَمْعُ فيه. ورَوى البُخَارِيُّ في صحيحه، عن سلمان، أنه تداوَله بضعة عشر سيّدًا. قال الذهبِي: وجدت الأقوال في سِنه كلها دالةٌ على أنه جاوز المائتين وخمسين، والاختلاف إنما هو في الزائد؛ قال: ثم رجعت عن ذلك وظهر لي أنه ما زاد على الثمانين. قلت: لم يذكر مستنده في ذلك، وأظنه أخذه من شهود سلمان الفتوحَ بعد النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وتزوُّجه امرأة من كندة وغير ذلك؛ مما يدلّ على بقاء بعض النشاط، لكن إن ثبت ما ذكروه يكون ذلك من خوارق العادات في حقه، وما المانع من ذلك، فقد روى أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" من طريق العباس بن يزيد، قال: أهل العلم يقولون: عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة، فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيها)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((سكن أَبو الدرداء الشام، وسكن سلمان العراق، فكتب أَبو الدرداء إِلى سلمان: سلام عليك، أَما بعد، فإِن الله رزقني بعدك مالًا وولدًا، ونزلت الأَرض المقدسة. فكتب إِليه سلمان: سلام عليكم، أَما بعد، فإِنك كتبت إِليّ أَن الله رزقك مالًا وولدًا، فاعلم أَن الخير ليس بكثرة المال والولد، ولكن الخير أَن يكثر حلمك، وأَن ينفعك علمك، وكتبت إِلي أَنك نزلت الأَرض المقدسة، وإِن الأَرض لا تَعْمل لأحَد، اعمل كأَنك ترى، واعدد نفسك من الموتى.)) ((أَخبرنا إِبراهيم بن محمد بن مهران، وإِسماعيل بن علي بن عبيد اللّه، وأَبو جعفر عبيد اللّه بن أَحمد بن علي بإِسنادهم إِلى محمد بن عيسى السلمي، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، أَخبرنا أَبي، عن الحسن بن صالح، عن أَبي ربيعة الإِيادي، عن الحسن، عن أَنس ابن مالك، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"إِنَّ الجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَسَلْمَانَ"
(*)
ذكره التبريزي في المشكاة حديث 6225 وكنز العمال حديث 33112.
.)) أسد الغابة. ((ذكر مُسلم، حدّثنا محمد بن حاتم، أخبرنا بهز، أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن معاوية بن قرة، عن عائذ بن عمرو ـــ أن أبا سفيان أتى على سلمان، وصُهيب وبلال في نَفر، فقالوا: ما أخذَتْ سيوفُ الله من عُنق عدوّ الله مأخذها. فقال أبو بكر: أتقولون هذا لِشَيْخِ قريش وسيّدهم. وأتى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فأخبره، فقال:
"يَا أَبَا بَكْرٍ، لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ، لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ جَلَّ وَعَلاَّ"
، فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه، أغضبتكم؟ قالوا: لا يا أبا بكر، يغفر الله لك
(*)
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة 170 وأحمد 5/ 64، والطبراني في الكبير 18/ 98، وأبو نُعَيْم في الحلية 1/ 346
. وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين أبي الدرّداء، فكان إذا نزل الشّام نزل على أبي الدّرداء. وروى أبو جحيفة أنّ سلمان جاء يزُور أبا الدَّرداء فرأى أمّ الدّرداء مبتذلة فقال: ما شأنك؟ قالت: إنّ أخاك ليس له حاجةٍ في شيء من الدّنيا. قال: فلما جاء أبو الدّرداء رحَّبَ بسلمان وقرَّب له طعامًا.. قال سلمان: اطْعَم. قال: إني صائمٌ. قال: أقسمتُ عليك إِلّا مَا طعمت، إني لسْتُ بآكل حتى تطعم. قال: وبات سلمان عند أبي الدّرداء، فلما كان اللّيل قام أبو الدّرداء فحبسه سلمان. قال: يا أبا الدّرداء إن لربّك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا، وإن لجسدك عليك حقًّا، فأعْطِ كُلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ. قال: فلما كان وَجْه الصَّبح قال: قم الآن. فقاما فصلّيا، ثم خرجا إلى الصَّلاة. قال: فلما صلّى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم قام إليه أبو الدّرداء وأخبره بما قال سلمان. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مثل ما قال سلمان.
(*)
))
((روى عنه من الصّحابة ابن عمر، وابن عبّاس، وأنس، وأبو الطُّفيل)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((روى عنه أنس، وكعب بن عُجرة، وابن عباس، وأبو سعيد، وغيرهم من الصحابة. ومن التابعين: أبو عثمان النَّهْدِي، وطارق بن شهاب، وسعيد بن وهب، وآخرون بعدهم.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((روى عنه ابن عباس، وأَنس، وعقبة بن عامر، وأَبو سعيد، وكعب بن عُجْرة، وأَبو عثمان النهدي، وشرحبيل بن السِّمط، وغيرهم. أَخبرنا أَبو منصور بن السِّيحي، أَخبرنا أَبو البركات محمد بن محمد بن خميس. أَخبرنا أَبو نصر بن طوق، أَخبرنا أَبو القاسم بن المرجي، أَخبرنا أَبو يعلى الموصلي، أَخبرنا محمد بن الصباح، حدثنا جرير، عن منصور عن إِبراهيم، عن علقمة، عن قَرْثَع الضَّبِّي، عن سلمان الفارسي، قال: قال لي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
"هَلْ تَدْرِي مَا يَوْمُ الجُمُعَةِ"؟
قال: قلت: الله ورسوله أَعلم، قال:
"هُوَ الَّذِي جَمَعَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيه أَبَاكُمْ،
أَوْ
أَبَاكَ، آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَطَهَّرُ يَوْمَ الجُمُعَةِ ثُمَّ يَأْتِي الجُمُعَةَ لَا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى يَقْضِيَ الإِمَامُ صَلَاتَهُ إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا"
(*)
ذكره السيوطي في الدر المنثور 6/ 216.
.)) ((أَخبرنا عبد اللّه بن أَحمد بن عبد القاهر، قال: أَخبرنا أَبو محمد جعفر بن أَحمد القاري، أَخبرنا الحسن بن أَحمد بن شاذان، أَخبرنا أَحمد بن عثمان بن أَحمد بن السماك، أَخبرنا يحيى بن جعفر، أَخبرنا حماد بن مسعدة، أَخبرنا ابن أَبي ذئب، عن سعيد بن أَبي سعيد، عن عبد اللّه بن وديعة، عن سلمان الفارسي أَن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال:
"مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَتَطَهَّرَ مِمَّا اسْتَطَاعَ مِنَ الطُّهْرِ، ثُمَّ ادّهَنَ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غَفَرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى"
(*)
أخرجه أحمد في المسند 3/ 81، 5/ 420 والبيهقي في السنن 3/ 232.
. رواه آدم بن أَبي إِياس، عن ابن أَبي ذئب، عن سعيد، عن أَبيه، عن ابن وديعة، عن سلمان. ورواه ابن عجلان، عن سعيد، عن أَبيه، عن ابن وديعة، عن أَبي ذرِّ.)) أسد الغابة.
((ذكر معمر، عن رجل من أصحابه، قال: دخل قومٌ على سلمان، وهو أميرٌ على المدائن وهو يعمل هذا الخوص، فقيل له: لم تعمل هذا وأنت أمير يجري عليك رزق؟ فقال: إني أحب أن آكل من عمل يدي.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نُسَيّ أنّ سلمان كان له حُبىً من عبَاءٍ وهو أمير الناس.)) ((قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا سلام بن مسكين عن ثابت أنّ سلمان كان أميرًا على المدائن وكان يخرج إلى النّاس في أنـْدَرْوَرْد وعبَاءة فإذا رأوه قالوا: كُرْك آمَذ كُرْك آمَذ، فيقول سلمان: ما يقولون؟ قالوا: يُشَبّهونك بلُعْبَةٍ لهم، فيقول سلمان: لا عليهم فإنمّا الخير فيما بعد اليوم. قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرّقّيّ قال: حدّثنا أبو المليح عن حبيب بن أبي مرزوق عن هُذَيم قال: رأيتُ سلمان الفارسيّ على حمارٍ عُرْيٍ وعليه قميصٌ سُنْبُلانّي قصير ضيّق الأسفل، وكان رجلًا طويل الساقين كثير الشعر، وقد ارتفع القميص حتى بلغ قريبًا من رُكْبَتَيْه. قال ورأيتُ الصبيان يحضرون خلفه فقلتُ: ألا تَنَحّوْنَ عن الأمير؟ فقال: دَعْهم فإنمّا الخير والشرّ فيما بعد اليوم. قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدّثنا جعفر بن بُرْقان عن حبيب بن أبي مرزوق عن ميمون بن مهران عن رجل من عبد القيس قال: كنت مع سلمان الفارسيّ وهو أمير على سريّة فمرّ بفتيان من فتيان الجند فضحكوا وقالوا: هذا أميركم؟ فقلتُ: يا أبا عبد الله ألا ترى هؤلاء ما يقولون؟ قال: دَعْهم فإنمّا الخير والشرّ فيما بعد اليوم، إن استطعتَ أن تأكلَ من التراب فكُل منه ولا تكونَنّ أميرًا على اثنين، واتقِ دعوة المظلوم المضطرّ فإنّها لا تُحْجب. قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا سَلام بن مسكين قال: حدّثنا ثابت قال: كان سلمان أميرًا على المدائن فجاء رجل من أهل الشأم من بني تيم الله معه حِمْل تين، وعلى سلمان أنَـْدَرْوَرْد وعبَاءة، فقال لسلمان: تَعالَ احـْمِلْ، وهو لا يعرف سلمان، فحمل سلمان فرآه الناس فعرفوه فقالوا: هذا الأمير، قال: لـمْ أعرفك، فقال له سلمان: لا حتى أبـْلُغَ منزلَك.)) الطبقات الكبير.
((مات سنة ست وثلاثين في قول أبي عبيد، أو سبع في قول خليفة. وروى عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس: دخل ابن مسعود على سلمان عند الموت. فهذا يدل على أنه مات قبل ابن مسعود، ومات ابن مسعود قبل سنة أربع وثلاثين، فكأنه مات سنة ثلاث أو سنة اثنتين.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((تُوفِّي سلمان رضي الله عنه في آخر خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين. وقيل: بل تُوفِّي سنة ست وثلاثين في أولها. وقيل: تُوِّفي في آخر خلافةِ عمر. والأول أكثر، والله أعلم. قال الشَّعبي: تُوفِّي سَلمان في علية لأبي قرة الكنديّ بالمدائن.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: حدّثنا محمد بن سُوقة عن الشعْبيّ قال: لمّا حضرت سلمان الوفاةُ قال لصاحبة منزله: هلمّي خبيّك الذي استخبأتُكِ، قالت: فجئتُه بصُرّة مِسْكٍ، قال فقال: ائتيني بقَدَح فيه ماء، فنثر المسك فيه ثمّ ماثه بيده ثمّ قال: انْضِحيه حولي فإنّه يحضرني خلق من خلق الله يجدون الريح ولا يأكلون الطعام ثمّ اجْفَئي عَلَيّ الباب وانزلي، قالت ففعلتُ وجلستُ هُنيهةً فسمعتُ هَسْهَسَةً، قالت ثمّ صعدتُ فإذا هو قد مات. قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير عن الأجلح عن عامر الشّعْبيّ قال: أصاب سلمان صُرّةَ مسكٍ يومَ فُتِحَتْ جلولاءُ فاستودعها امرأتَه، فلمّا حضرته الوفاةُ قال هاتي هذه المِسكَةَ، فمرسها في ماء ثمّ قال: انْضِحيها حولي فإنّه يأتيني زُوّار الآن. قال ففعَلَت فلم يمكث بعد ذلك إلاّ قليلًا حتّى قُبِضَ. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: حدّثنا شَيْبان عن فِراس عن الشّعْبيّ قال: حدّثني الجَزْل عن امرأة سلمان بُقيرة أنّه لمّا حضرته الوفاة، يعني سلمان، دعاني وهو في عُلّيّة له لها أربعة أبواب فقال: افتحي هذه الأبواب يا بُقيرة فإنّ لي اليوم زُوّارًا لا أدري من أيّ هذه الأبواب يدخلون عليّ. ثمّ دعا بمسكٍ له فقال: أديفيه في تَوْرٍ، ففعلتُ ثمّ قال: انضحيه حول فراشي، ثمّ انزلي فامكثي فسوف تطّلعين فتَرَيْ على فراشي، فاطّلعتُ فإذا هو قد أُخِذَ روحه فكأنمّا هو نائم على فراشه أونحوًا من هذا. قال: أخبرنا عارِم بن الفضل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: وأخبرنا المعلّى بن أسد قال: حدّثنا وُهيب بن خالد قالا: حدّثنا عطاء بن السائب أنّ سلمان حين حضرته الوفاةُ دعا بصُرّة من مسك كان أصابها من بَلَنْجَر فأمر بها أن تُدافَ وتُجْعَلَ حول فراشه، وقال: فإنّه يحضرني الليلةَ ملائكةٌ يجدون الريح ولا يأكلون الطعام. قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن سعيد بن المسيّب عن عبد الله بن سلام أنّ سلمان قال له: أيْ أُخَيّ، أيـّنا مات قبل صاحبه فَليَتَرَاءَ له. قال عبد الله بن سلام: أوَ يكون ذلك؟ قال: نعم إنّ نَسَمَةَ المؤمن مخلاَةٌ تذهب في الأرض حيث شاءت ونسمة الكافر في سجْنٍ. فمات سلمان، فقال عبد الله: فبينما أنا ذاتَ يومٍ قائل بنصف النهار على سرير لي فأغْفَيْتُ إغْفاءةً إذ جاء سلمان فقال: السلام عليك ورحمة الله، فقلتُ: السلام عليك ورحمة الله أبا عبد الله، كيف وجدتَ منزلَك؟ قال: خيرًا وعليك بالتوكّل فنِعْم الشيء التوكّل، وعليك بالتوكّل فنعم الشيء التوكّل، وعليك بالتوكّل فنِعْم الشيء التوكّل. قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: حدّثنا أبو معشر عن محمد بن كعب قال: حدّثني المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنّ سلمان مات قبل عبد الله بن سلام فرآه عبد الله بن سلام في المنام فقال له: كيف أنتَ أبا عبد الله؟ قال: بخير، قال: أي الأعمال وجدتَها أفضلَ؟ قال: وجدت التوكّل شيئًا عجيبًا. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: تُوفّي سلمان الفارسيّ في خلافة عثمان بن عفّان بالمدائن.)) الطبقات الكبير.
الصفحة الأم
|
مساعدة
|
المراجع
|
بحث
|
المسابقات
الاسم :
البريد الالكتروني :
*
عنوان الرسالة :
*
نص الرسالة :
*
ارسال