تسجيل الدخول


عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي

((عَبْدُ اللّهِ بنِ عَباسِ بنِ عبد المُطَّلِبِ بن هَاشِم بنِ عَبْدِ مَنَاف، أَبو العباس القُرَشِيّ الهاشمي. ابنُ عَمِّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم)) أسد الغابة. ((عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصّي)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((يسمى حَبْرَ الأُمة.)) أسد الغابة. ((كان يقال له: حبر العرب. ويقال: إن الذي لقبه بذلك جرجير ملك المغرب، وكان قد غزا مع عبد الله بن أبي سَرْح إفريقية، فتكلم مع جرجير فقال له: ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب. ذكر ذلك ابن دُرَيد في الأخبار المنثورة له.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((يُكْنَى أبا العبّاس)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((وُلِد وبنو هاشم بالشِّعْبِ قبل الهجرة بثلاث، وقيل: بخمس. والأول أثبت، وهو يقارب ما في الصحيحين عنه: أقبلْتُ وأَنا راكبٌ على حمارٍ أَتان، وأنا يومئذ قد ناهزْتُ سنَّ الاحتلام، والنبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم يصلّي بمنى إلى غير جِدَار... الحديث. وفي "الصحيح" عن ابن عباس: قُبض النبي صَلَّى الله عليه وسلم وأنا خَتِين.(*) وفي رواية: وكانوا لا يختنون الرجلَ حتى يُدرك. وفي طريق أخرى: قُبِض وأنا ابنُ عشر سنين؛ وهذا محمول على إلغاء الكسر.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((وُلِد والنبي صَلَّى الله عليه وسلم وأَهل بيته بالشِّعْب من مكة، فأُتِيَ به النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم فحنكه بريقه)) أسد الغابة.
((أمّه أم الفضل وهي لُبابة الكبرى بنت الحارث بن حَزْن بن بُجَيْر بن الهُزم بن رُوَيْبة بن عبد الله بن هلال بن عامر.)) الطبقات الكبير. ((ابن خالة خالد بن الوليد.)) أسد الغابة.((أخبرنا عبد الله بن نُمَيْر، وعُبَيْد الله بن موسى، عن زكريا، عن عامر، قال: دخل العباس على النبي صَلَّى الله عليه وسلم فلم َيرَ عنده أحدًا، فقال لهُ ابنه عبد الله لقد رأيت عنده رجلًا، فقال العباس: يارسول الله، زعم ابن عمك أنه رأى عندك رجلًا، فقال عبد الله: نعم والذي أنزل عليك القرآن، فقال: "ذاك جبريل".(*) قال: أخبرنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن شعيب بن يسار، عن عِكرمة، قال: أرسل العباس عبد الله إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فانطلق ثم جاء فقال: رأيت عنده رجلًا ما أدري كيف هو! فجاء العباس إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قال عبد الله، فأرسل النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلى عبد الله فدعاه فأجلسه في حجره ثم مسح رأسه ودعا له بالعلم.(*) قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس، قال: حدثني سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد الدِّيلي، عن موسى بن ميسرة ــ وهو خال ثور وكان يكنى موسى أبا عروة ــ أن العباس بن عبد المطلب أرسل ابنه عبد الله إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم يكلمه بحاجة فوجد عنده رجلًا فرجع فلم يكلمه من أجل مكان الرجل معه، فلقي النبي صَلَّى الله عليه وسلم العباسَ بعد ذلك فقال: أرسلت إليك ابني فوجد عندك رجلًا فلم يستطع أن يكلمك فرجع. قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "وقد رآه؟" فقال العباس: نعم. قال: "وتدري مَن ذلك الرجل؟" قال: لا. قال: "ذلك جبريل صَلَّى الله عليه وسلم لعسى أن لا يموت ابنك حتى يؤتى علمًا ويذهب بصره".(*) قال: أخبرنا عفان بن مسلم، وكثير بن هشام، ويحيى بن عباد، قالوا: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، قال: كنت عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مع أبي ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مقبل على رجل يناجيه وهو كالمعرض عن العباس، فلما خرجنا قال لي أبي: ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عني! فقلت: ياأبتِ إنه كان عنده رجل يناجيه، فقال: أَوَ كان عنده أحد؟ قلت: نعم. فرجعنا فقال: يارسول الله إني قلت لعبد الله كذا وكذا فقال: إنه كان عندك رجلٌ يناجيك، فهل كان عندك أحد؟ قال: "وهل رأيته ياعبد الله؟" قلت: نعم: قال: "ذاك جبريل وهو الذي كان شغلني عنك".(*) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا أبو بكر بن عَيّاش، عن نصير، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جُبير، قال: مرّ العباس وابنه على النبي صَلَّى الله عليه وسلم وعنده جبريل عليه السلام، فسلّم العباس فلم يرد النبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال: فشق ذلك عليه، قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: ياأبتِ مَن الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء؛ لأنه لم ير هو مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم أحدًا. قال: فجاء العباس فقال يارسول الله، مررت بك فسلمت فلم ترد عليّ السلام، فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: "وقد رآه؟ ذاك جبريل". قال: فمسح النبي صَلَّى الله عليه وسلم رأسه ودعا له بالعلم.(*) قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عكرمة أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ومعه ابنه عبد الله، فلما خرج قال عبد الله لأبيه: مَن الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال العباس: ما كان عنده أحد. فسأل العباس النبي صَلَّى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "ذاك جبريل".(*))) الطبقات الكبير. ((في فوائد أبي الطاهر الذُّهلي، من طريق سليمان الأحول، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، أنه سكب للنبي صَلَّى الله عليه وسلم وضوءًا عند خالته ميمونة، فلما فرغ قال: "مَنْ وَضَعَ هَذَا؟" فَقَالَتْ: ابن عباس. فقال: "اللهُمّ فَقِّهه فِي الدِّينِ وعَلِّمه التأويِلَ"(*) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 48 ومسلم 4/ 1927، في كتاب فضائل الصحابة باب 30 حديث رقم 138 ـــ 2477، وأحمد في المسند 1/ 266، 314 والطبراني في الكبير 10/ 320 والطبراني في الصغير 1/ 197، والبيهقي في دلائل النبوة 6/192، 193)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((وَلَدَ عبدُ الله بن العباس: العباسَ بنَ عبد الله وبه كان يُكْنَى وهو أكبر ولده، وليس له عقب، وعلي بن عبد الله وهو أصغر ولده، وكان أجمل قرشي على الأرض، وأوسمه، وأكثر صلاة، وكان يدعى السّجّاد، وله عقب، وفي ولده الخلافة، والفضل بن عبد الله لا بقية له، ومحمد بن عبد الله لا بقية له، وعُبيد الله بن عبد الله لا بقية، ولُبابة بنت عبد الله كانت عند علي بن أبي طالب بن جعفر بن أبي طالب: فولدت له، ولولدها أعقاب وبقية، وأمهم زُرعة بنت مِشْرَح بن معديكرب بن وَلِيعة بن شرحبيل بن معاوية بن حُجْر القَرِدْ بن الحارث الولادة بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن مُرْتَعْ وهو كِنْدَة، وأسماء بنت عبد الله كانت عند عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، فَوَلَدَتْ له حَسَنًا وحُسَينًا الفقيه، وأمها أم ولد.))
((قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، قال: رأيت ابن عباس طويل الشعر أيام مِنًى، ورأيته يصلي وشعره يصيب الأرض، ورأيت في إزاره بعض الإسبال. قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، قال: رأيت ابن عباس بمكة طويل الشعر بعد ما أحل الناس، أظنه قَصَّرَ فكان إذا سجد نزل شعره حتى يقع إلى الأرض.)) ((قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، قال: حدثنا فِطْر، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: رأيت ابن عباس ذا جُمَّة. قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَينْ، قال: حدثنا قيس، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: رأيت ابن عباس وله جُمّة فينانةٌ وعليه قميص رقيق وبين يديه كبة من ريحان.)) ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، قال: أخبرني إبراهيم الصيقل مولى عبد الله بن عباس عتاقة، قال: رأيت ابن عباس لا يغيّر. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد الوهاب بن عطاء العجلي، قالا: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، قال: رأيت ابن عباس يُصَفّر. قال: أخبرنا يعلى بن عبيد، قال: حدثنا رِشْدِين بن كُرَيب، عن أبيه، قال: رأيت ابن عباس يخضب بصفرة أو يصفّر بالحناء. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عمر بن عقبة، عن شعبة مولى ابن عباس: أن ابن عباس كان يصفّر لحيته.)) الطبقات الكبير. ((قال محمد بن عثمان بن أبي خيثمة في تاريخه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق: رأيتُ ابْنَ عباس رجلًا جسيمًا، قد شاب مقدم رَأْسِه وله جُمّة. وقال أبو عَوانة، عن أبي حمزة: كان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد رجلين.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((كان يُصَفِّر لحيته، وقيل: كان يَخْضِبُ بالحَنَّاء، وكان جميلًا أَبيض طويلًا، مُشْرَبًا صفرة، جسيمًا وسيمًا صبيح الوجه)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا عبد الله بن نمير، عن محمد بن إسحاق، عن الصلت بن عبد الله بن نوفل، قال: رأيت ابن العباس وخاتمه في يمينه ولا إِخَالُهُ إلّا أنه قد كان يذكر أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم هنالك يلبسه.(*) قال: أخبرنا يَعلَى بن عبيد، قال: أخبرنا رِشْدِين بن كُرَيب، عن أبيه، أَنَّ ابنَ عباس كان يتختم في يساره. قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا أبو عوانة، عن هلال بن خَبّاب، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس، أنه لم يكن يدخل الحمّام إلا وحده، ولم يكن يدخل إلا وعليه ثوب صفيق ويقول: إني لأستحي من الله أن يراني متجردًا في الحمّام. قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي الجويرية، قال: رأيت إزار ابن عباس إلى نصف الساق أو فوق ذلك وعليه قطيفة رومية، يصلي مستقبل البيت. قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي حمزة، قال: رأيت عَلَى ابن عباس قميصًا مقلصًا فوق الكعب، والكُمّ يبلغ أصول الأصابع ويغطي ظهر الكف، ورأيت ابن عباس مشى يومًا في أحد العيدين في خمسة من أهله، وكان قائم البصر. قال: حدثنا يعلى بن عبيد، قال: حدثنا رِشْدِين بن كُرَيب، عن أبيه، قال: رأيت ابن عباس يعتمّ فيرخي من عمامته شبرًا بين كتفيه ومن بين يديه. قال: أخبرنا سعيد بن محمد الثقفي، عن رِشْدِين، عن أبيه، قال: رأيت عبد الله بن عباس يعتمّ بعمامة سوداء حرقانية، ويرخيها شبرًا أو أقل من شبر. قال: أخبرنا أنس بن عياض، قال: حدثني محمد بن أبي يحيى، عن عِكْرِمة مولى ابن عباس، أن ابن عباس كان إذا اتَّزَر أرخى مقدم إزاره حتى تقع حاشيته على ظهر قدميه، ويرفع الإزار مما وراءه، قال: فقلت له: لم تتزر هكذا؟ قال: رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يأتزر هذه الإِزْرة.(*))) الطبقات الكبير. ((كان ابن عبّاس رضي الله عنهما قد عمي في آخر عمره.‏ وروى عنه أنه رأى رجلًا مع النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فلم يعرفه، فسأل النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم عنه، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:‏ ‏"أَرَأَيْتَهُ‏"‏؟ قال:‏ نعم.‏ قال:‏ ‏"ذَلِكَ جِبْرَئيل، أَمَّا إِنَّكَ سَتَفْقِدُ بَصَرَكَ‏"،‏ فعمي بعد ذلك في آخر عمره(*)، وهو القائل في ذلك فيما روي عنه من وجوه: [البسيط]

إِنْ يَأْخُذِ اللَّهُ مِنْ عَيْنَيَّ نُورَهُمَا فَفِي لِسَانِي وَقَلْبِي مِنْهُمَا نُورُ

قَلَبِي ذَكِيٌّ وَعَقْلِي غَيْرُ ذِي دَخَلٍ وَفِي فَمِي صَارِمٌ كَالسَّيْفِ مَأْثُورُ)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَين، قال: حدثنا مِسْعر، عن راشد مولى لبني عامر، قال: رأيت على فراش ابن عباس أو مجلس ابن عباس مِرْفَقَة من حرير. قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا سلمة بن سابور، قال: قال رجل لعطية ما أضيق كم قميصك؟ قال: هكذا كان كمّ ابن عباس وابن عمر. قال: وأخبرنا الفضل بن دُكَين، قال: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن مالك بن دينار، عن عِكْرِمة، قال: كان ابن عباس يلبس الخَزَّ ويكره المُصْمَتَ منه. قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن ثابت، قال: ما رأيت ابن عباس يزرّ قميصه قط.)) ((أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال: حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي الجُوَيرية، قال: رأيت إزار ابن عباس إلى أنصاف ساقيه، ورأيت عليه قطيفةً.)) الطبقات الكبير.
((ذَكَرَ خَلِيفَةٌ أن عليًّا ولاّه البصرة وكان على الميسرة يوم صفين)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن الزُّهري، عن عُبيد الله بن عَبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، قال: مررت في حجة الوداع على حِمَار أنا والفضل، وقد راهقت يومئذ الاحتلام، والنبي صَلَّى الله عليه وسلم، يصلي بالناس فدخلنا في الصف وتركنا الحمار أمام الناس فلم يُنكر علينا.(*) قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس وُلد في الشِّعب، وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة، ألا تراه يقول في حديث مالك، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عبد الله، راهقت الاحتلام في حجة الوداع، وهذا أثبت مما روى هُشَيْم، عن أبي بِشْر عن سَعيد بن جُبَير في سِنّه.)) الطبقات الكبير. ((قال ابْنُ يُونُسَ: غزا إفريقية مع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((شهد عبد الله بن عبّاس مع عليّ رضي الله عنهما الجمل وصِفّين والنهروان، وشهد معه الحسن والحسين ومحمد بنوه، وعبد الله وقَثَم ابنا العبّاس، ومحمد وعبد الله وعَوْن بنو جعفر بن أبي طالب‏. والمغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلّب، وعقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلّب.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ، أخبرنا إسماعيل بن مسلم، حدّثني عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عبّاس قال: دعاني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فمسح على ناصيتي وقال: "اللهمّ عَلّمْهُ الحكمة وتأويلَ الكتاب!"(*))) ((أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا جُوَيْبر عن الضّحّاك عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ} [سورة الكهف:22]: قال: أنا من أولئك القليلِ وهم سبعةٌ. أخبرنا سفيان بن عُيينة عن عُبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عبّاس إذا سُئلَ عن الأمر فإن كان في القرآن أخبر به وإن لم يكن في القرآن وكان عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أخبر به، فإن لم يكن في القرآن ولا عن رسول الله وكان عن أبي بكر وعمر أخبر به، فإن لم يكن في شئٍ من ذلك اجتهدَ رَأيَه. أخبرنا أبو أسامة حمّاد بن أسامة قال الأعمش حُدّثنا عن مجاهد قال: كان ابن عبّاس يسمّى البَحْر من كثرة عِلْمِه. وأُخبرتُ عن ابن جُريج عن عطاء قال: كان ابن عبّاس يقال له البحر: قال: وكان عطاء يقول قال البحرُ وفعل البحرُ! أخبرنا محمد بن عبد الله الأسديّ، أخبرنا سفيان عن ليث عن طاوس وأخبرنا قَبيصة بن عُقبة عن سفيان عن ابن جُريج عن طاوس قال: ما رأيتُ رجلًا أعلم من ابن عبّاس. أخبرنا إسماعيل بن أبي مسعود عن عبد الله بن إدريس عن ليث بن أبي سُليم قال: قلتُ لطاوس لزمتَ هذا الغلامَ، يعني ابن عبّاس، وتركتَ الأكابرَ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: إني رأيتُ سبعين من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إذا تدارءُوا في شئٍ صاروا إلى قول ابن عبّاس. أخبرنا عفّان بن مسلم، أخبرنا حمّاد بن زيد، أخبرنا عليّ بن زيد، حدّثني سعيد بن جُبير ويوسف بن مِهْران: أنّ ابن عبّاس كان يُسأل عن القرآن كثيرًا فيقول هو كذا وكذا، أمَا سمعتم الشاعر يقول كذا وكذا؟ أخبرناعارم بن الفضل، أخبرنا حمّاد بن زيد عن الزبير عن عِكْرِمة قال: كان ابن عبّاس أعلمهما بالقرآن وكان عليّ أعلمهما بالمُبْهَمَات. أخبرنا رَوْح بن عبادة أو ثَبْتٌ عنه عن ابن جُريج قال: قال عطاء: كان ناسٌ يأتون ابنَ عبّاس للشعر وناسٌ للأنساب وناسٌ لأيام العرب ووقائِعها، فما منهم مِنْ صِنْفٍ إلاّ يُقْبِلُ عليه بما شاء. أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقّيّ، أخبرنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن قال: أوّل من عرّف بالبصرة عبدُ الله بن عبّاس، قال وكان مِثَجّةً كثير العلم، قال فقرأ سورة البقرة ففسّرها آيةً آية. أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا جرير بن حازم عن يَعْلَى بن حكيم عن عكرمة عن ابن عبّاس قال: لمّا قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قلتُ لرجل من الأنصار هَلُمّ فَلْنَسْأل أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فإنّهم اليومَ كثيرٌ، قال فقال: واعجبا لك يا بن عبّاس! أتَرَى النّاس يفتقرون إليك وفي النّاس من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مَنْ فيهم؟ قال: فتركتُ ذلك وأقبلتُ أسأل أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عن الحديث فإنْ كان لَيَبْلغني الحديثُ عن الرجل فآتِي بابَه وهو قائل فأتوسّد رِدائى على بابه تَسفي الريحُ عليّ الترابَ فيخرج فيراني فيقول لي: يابن عمّ رسول الله ما جاء بك؟ ألا أرسلتَ إليّ فَآتيكَ؟ فأقول:لا، أنا أحقّ أن آتيك! فأسأله عن الحديث، فعاش ذلك الرجل الأنصاريّ حتى رأني وقد اجتمع الناسُ حولي ليسألوني فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني! أُخبرْتُ عن محمّد بن عَمْرو عن أبي سلمة عن ابن عبّاس قال: وجدتُ عامّة حديث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عند الأنصار فإن كنتُ لآتى الرجلَ فأجدُه نائمًا لو شئتُ أن يُوقَظَ لي لأوقِظَ فأجْلِسُ على بابه تَسْفِي على وجهي الريح حتى يستيقظ متى ما استيقظ وأسأله عَمّا أريد ثمّ أنصرف. أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسديّ عن سفيان الثوريّ عن سالم بن أبي حَفصة عن أبي كلثوم قال: لمّا دفن ابن عبّاس قال ابن الحَنَفيّة: اليومَ مات رَبّانيّ هذه الأمّة! أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبْة قال: كان ابن عبّاس قد فات الناسَ بخصال: بعِلْم ماسبقَه وفقهٍ فيما احتيجَ إليه من رأيه، وحِلْم وَنَسَب، ونائلٍ، ومارأيتُ أحدًا كان أعلمَ بما سَبقه من حديث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، منه ولا أعلمَ بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان مِنْه، ولا أَفْقَه في رأيٍ منه، ولا أعلَمَ بِشِعْرٍ ولا عربيّة ولا بتفسير القرآن ولا بحسابٍ ولا بفريضةٍ مِنْه، ولا أعلمَ بما مضَى وََلا أَثْقَب رأيًا فيما احتيج إليه منه، ولقَدْ كانَ يجلسُ يومًا ما يذكر فيه إلّا الفقهَ ويومًا التأويلَ ويومًا المغازي ويومًا الشعر ويومًا أيّام العرب، ومارأيتُ عالمًا قطّ جَلَسَ إليه إلّا خَضَعَ له وما رأيت سائلًا قطّ سأله إلّا وجد عنده عِلْمًا. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني داود بن جُبير قال: سمعتُ ابنَ المسيّب يقول: ابنُ عبّاس أعلمُ النّاسِ! أخبرنا محمّد بن عمر أخبرنا أبوبكر بن عبد الله بن أبى سَبْرة عن موسى بن سعد عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص قال: سمعتُ أبي يقول: ما رأيتُ أحدًا أحضرَ فَهمًا ولا ألبّ لُبًّا ولاأكثرَ علمًا ولا أوسعَ حلمًا من ابن عبّاس! ولقد رأيتُ عمر بن الخطّاب يدعوه للمُعْضلات ثمّ يقول عندك قد جائتك معضلةٌ، ثمّ لا نجاوز قوله وإنّ حوله لأهلَ بدر من المهاجرين والأنصار. أخبرنا محمّد بن عمر، أخبرنا سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن نَبْهان قال: قلتُ لأمّ سلمة زوج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: أرى الناسَ على ابن عبّاس منقصفين، فقالت أمّ سلمة: هو أعلمُ مَن بَقِيَ. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني واقد بن أبي ياسر عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر عن أبيه عن عائشة: أنّها نظرَت إلى ابن عبّاس ومعه الحلَقُ لياليَ الحَجّ، وهو يُسأل عن المَناسك فقالت: هو أعلمُ مَن بقي بالمناسك. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن مروان بن أبي سعيد عن ابن عبّاس قال: دخلتُ على عمر بن الخطّاب يومًا فسألَني عن مسألة كَتب إليه بها يعلى بن أميّة من اليَمَن وأجَبْتُه فيها، فقال عمر: أشْهَدُ أنّك تنطق عن بيت نُبُوّة! أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن عمرو بن أبي عمرو عن أبي معبد قال: سمعتُ ابن عمر يقول: أعلمُنا ابنُ عبّاس. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة قال: سمعتُ معاوية بن أبي سفيان يقول: مَوْلاك واللهِ أفقهُ مَن مات وعاشَ. أخبرنا محمّد بن عمر، أخبرنا ابن أبي وَعْلة عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال: قال كعب الأحبار: مولاك رَبّانيّ هذه الأمّة، هو أعلمُ مَن مات ومَن عاش. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني معمر بن راشد عن ابن طاوس عن أبيه قال: كان ابن عبّاس من الراسخين في العِلم. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني بِشْر بن أبي مسلم عن ابن طاوس عن أبيه قال: كان ابن عبّاس قد بَسق على النّاس في العلم كما تَبسق النخل السّحُوقُ على الوَدِيّ الصغار. أخبرنا محمّد بن عمر، أخبرنا معمر بن راشد عن عبد الكريم بن مالك عن سعيد بن جُبير قال: إنْ كان ابنُ عبّاس ليُحدّثني الحديث فلو يأذن لي أن أُقَبّل رأسه لفَعَلتُ. أخبرنا محمّد بن عمر، أخبرنا موسى بن محمّد بن إبراهيم التّيْميّ عن أبيه عن مالك بن أبي عامر قال: سمعتُ طلحة بن عُبيد الله يقول لقد أُعطى ابنُ عبّاس فهمًا ولَقْنًا وعلمًا،ما كنتُ أرى عمرَ بن الخطّاب يُقَدّمُ عليه أحدًا. أخبرنا محمّد بن عمر، أخبرنا مَخْرمة بن بُكير عن أبيه عن بُسْر بن سعيد عن محمّد بن أبيّ بن كعب قال: سمعتُ أبي أُبَيّ بن كعب يقول، وكان عنده ابن عبّاس، فقام فقال: هذا يكون حَبْر هذه الأمّة؛ أوتيَ عقلًا وفهمًا وقد دعا له رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن يفقّهه في الدين. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني الثوريّ عن ليث بن أبى سُليم عن أبي جَهْضَم عن ابن عبّاس قال: رأيتُ جبريل، صلوات اللهِ عليه، مرتين، ودعا لي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مرتين. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزّناد عن أبيه: أن عمر بن الخطّاب دخل على ابن عبّاس يعوده وهو يُحَمّ فقال عمر: أخَلّ بنا مرضك فاللهُ المستعانُ. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني موسى بن عُبيدة عن أبي معبد قال: سمعتُ ابن عبّاس يقول: ماحدّثني أحدٌ قطّ حديثًا فاستفهمتُه، فلقد كنتُ آتي بابَ أُبَيّ ابن كعب وهو نائم فأقيلُ على بابه، ولو علم بمكاني لأحبّ أن يوقَظ لي لِمَكاني من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ولكني أكْرَهُ أن أُمِلّه. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني فائدُ مولى عُبيد الله بن عليّ عن عُبيد الله بن عليّ عن جدّته سلمَى قالت: رأيتُ عبد الله بن عبّاس معه ألواحٌ يكتب عليها عن أبي رافع شيئًا من فِعْلِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني قُدامة بن موسى عن أبي سلمة الحضرميّ قال: سمعت ابن عبّاس يقول كنتُ ألزمُ الأكابرَ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من المهاجرين والأنصار فأسألهم عن مغازي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحدًا منهم إلاّ سُرّ بإتْياني لقُرْبي من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فجعلت أسأل أُبَيّ بن كعب يومًا، وكان من الراسخين في العلم، عمّا نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل بها سبع وعشرون سورة وسائرها بمكّة. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني يحيَى بن العلاء عن عبد المجيد بن سُهيل عن عِكْرِمَة قال: سمعتُ عبد الله بن عَمرو بن العاص يقول: ابن عبّاس أعلمُنا بما مضى، وأفقهُنا فيما نزل ممّا لم يأتِ فيه شئ. قال عِكرمة: فأخبرتُ ابنَ عبّاس بقوله فقال: إن عنده لَعِلْمًا ولقد كان يَسألُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عن الحلال والحرام. أخبرنا محمدبن عمّر، أخبرنا سفيان عن أبي سلمة عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس قال: ما رأيتُ أحدًا قَطّ خالف ابن عبّاس ففارقه حتى يقرّره. أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني يحيَى بن العلاء عن يعقوب بن زيد عن أبيه قال: سمعتُ جابر بن عبد الله يقول حين بلغه موتُ ابن عبّاس وصَفَقَ بإحدى يدَيه على الأخرى: مات أعلم النّاس وأحلمُ النّاسِ، ولقد أصيبتْ به هذه الأمّة مصيبةً لا تُرْتَقُ! أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني يحيَى بن العلاء عن عمر بن عبد الله عن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حَزْم قال: لمّا مات ابنُ عبّاس قال رافع بن خَديج: مات اليومَ مَن كان يَحتاج إليه مَن بين المشرِق والمغرِب في العلم. أخبرنا محمّد بن عمر، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن زياد بن ميناء قال: كان ابن عبّاس وابن عُمر وأبوسعيد الخُدْريّ وأبو هُريرة وعبد الله بن عَمرو بن العاص وجابر بن عبد الله وَرَافع بن خَديج وسَلَمة بن الأكْوع وأبو واقد اللّيثي وعبد الله بن بُحينة مع أشباهٍ لهم من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يُفتون بالمدينة ويحدّثون عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من لَدُنْ تُوفيّ عثمان إلى أن تُوفّوا، والذين صارت إليهم الفتوَى منهم ابن عبّاس وابن عمر وأبو سَعيد الخُدْريّ وأبو هُريرة وجابر بن عبد الله.)) ((قال محمد بن عمر: وكانت السنة التي ولّى عثمان فيها ابن عباس على الحج سنة خمس وثلاثين، ولما ولّى عليّ وبويع له استعمل أيضًا ابن عباس على الحج، فحج بالناس سنة ست وثلاثين.)) ((قال: أخيرنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن عباس، أنه كان يتخذ ـ أو يبتاع ـ الرداء بألف.)) ((قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن مؤذن بني وَادِعَة، قال: دخلت على عبد الله بن عباس وهو متكئ على مرفقة من حرير، وسعيد بن جبير عند رجليه، وهو يقول: انظر كيف تُحَدِّث عَنِّي، فإِنّك قد حَفِظْتَ عنّي كثيرًا.))
((قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأَزْرَقي، قال: حدثنا عطاف، عن إبراهيم بن مسلم بن أبي حرة، عن ابن عباس قال: ماندمت على شيء ماندمت على مافاتني في شبابي ألا أكون حججت ماشيا. إني سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تبارك وتعالى في كتابه: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ}ِ [سورة الحج: 27].فبدأ بالراجل قبل الراكب".(*) قال: أخبرنا حجاج بن نصير، قال: حدثنا محمد بن مسلم، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: والله ما آسى على شيء لم أعمله كما آسى على أني لم أحج ماشيًا، فقيل له من أين؟ قال: من مكة حتى ترجع إليها، فإني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "إن للراكب سبعين حسنة، وإن للماشي بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم" فقيل: ما حسنات الحرم؟ قال: بكل مائة ألف حسنة، وإنما هو بكل حسنة ألف حسنة، ولكنه هكذا حدثني.(*) قال: أخبرنا وكيع بن الجراح، ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا سفيان، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كيف أؤمهم وهم يعدلوني إلى القبلة؟ قال: أخبرنا معن بن عيسى، قال: حدثنا عبد الله بن المؤمل، عن عطاء، أن عبد الله بن عباس كان يؤمهم وهو أعمى.)) ((أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: كان عبد الله بن عباس أمدَّهم قامةً وأعظمهم جَفْنة وأوسعهم علمًا. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن شعبة، قال: كان ابن عباس يشرب في القوارير ويتوضأ في النحاس.)) ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن الزُّهري، عن عُبيد الله بن عَبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، قال: مررت في حجة الوداع على حِمَار أنا والفضل، وقد راهقت يومئذ الاحتلام، والنبي صَلَّى الله عليه وسلم، يصلي بالناس فدخلنا في الصف وتركنا الحمار أمام الناس فلم يُنكر علينا.(*) قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس وُلد في الشِّعب، وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة، ألا تراه يقول في حديث مالك، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عبد الله، راهقت الاحتلام في حجة الوداع، وهذا أثبت مما روى هُشَيْم، عن أبي بِشْر عن سَعيد بن جُبَير في سِنّه. قال: أخبرنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا هُشَيْم، قال: أخبرنا أبو بِشْر، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر حِجج، وقرأت المحكَم على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يعني المُفَصَّل. قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: إن الذي تَدعون المُفَصَّل هو المُحْكَم. قال: وسمعت ابن عباس يقول: توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم. قال: أخبرنا عُبَيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: سُئل ابن عباس مثل من كنت يوم توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: أنا يومئذ مختون. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، عن ابن عُيَيْنَة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين، وأنا ممن قدّم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضَعَفَة أهله. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين، قال: حدثنا سفيان، عن سلمة ـ يعني ابن كُهَيل ـ عن الحسني العُرَني عن ابن عباس، قال: قَدَّمَنا رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أُغَيْلِمَة بني عبد المطلب على حُمُرات فجعل يَلْطَحُ أَفْخَاذَنا ويقول: "أُبَيْنِيَّ لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس".(*) أخبرنا عبد الله بن وهب المصري، عن عمرو بن الحارث، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: كنت فيمن يُقدِّم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من ضَعَفَةِ أهله من المُزْدَلِفَة إلى مِنًى.)) ((قال: أخبرنا عفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان في بيت ميمونة، [[فوضعتُ]] له وضوءًا من الليل. قال: فقالت ميمونة: يارسول الله وضع لك هذا عبد الله بن عباس، فقال صَلَّى الله عليه وسلم: "اللهم فقِّهه في الدين وعلِّمهُ التأويل".(*))) ((قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا جرير بن حازم، عن يَعْلَى بن حكيم، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس، قال: لما قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قلت لرجلٍ من الأنصار: هَلُمَّ فَلْنَسْأَل أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فإنهم اليومَ كثيرٌ، فقال: واعجبًا لك يابن عباس! أَتَرَى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مَنْ فيهم؟ قال: فترك الرجل ذاك؟ وأقبلتُ أسأل أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عن الحديث، فإنْ كان لَيَبْلغني الحديثُ عن الرجل فآتِي بابَه وهو قائل، فأتوسّد رِدائي على بابه تَسفى الريحُ عليّ من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يابن عمّ رسول الله ما جاء بك؟ أَلَا أرسلت إليّ فآتيكَ؟ فأقول: لا أنا أحق أن آتيك! فأسأله عن الحديث، فعاش ذلك الرجل الأنصاريّ حتى رآني وقد اجتمع الناسُ حولي يسألوني فيقول: هذا الفتى كان أعقل منّي! قال: أخبرنا هُشَيم بن بشير، أخبرنا أبو بِشْر، عن سَعيد بن جُبَيْرٍ، عن ابن عباس، قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر ويأذن لي معهم. قال: فقال له بعضهم: أتأذن لهذا الفتى معنا ومن [[أبنائنا]] من هو مثله! قال: فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم وأذن لي معهم. قال: فسألهم عن هذه السُورَة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [سورة النصر: 1] فقالوا: أمر الله نبيه صَلَّى الله عليه وسلم إذا فتح عليه أن يستغفر وأن يتوب إليه. فقال لي: ما هو يابن عباس؟ قال: قلت ليس كذاك، ولكنه أخبر نبيه صَلَّى الله عليه وسلم بحضور أجله. فقال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [سورة النصر: 1] وَالْفَتْح فتح مكة: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [سورة النصر: 2] أي فذاك موتك: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [سورة النصر:3] فقال لهم عمر: كيف تلوموني عليه بعد ما ترون. قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جُبَير، قال: كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم، قال: وكان يسأله. فقال عمر: أَمَا إِنّي سَأُرِيكم منه اليوم ما تعرفون فَضْلَه، فسألهم عن هذه السورة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [سورة النصر: 1و2] قال: فقال بعضهم: أمر الله نبيه صَلَّى الله عليه وسلم إذا رَأَى الناسَ يدخلون في دين الله أفواجًا أن يحمده ويستغفره. قال: فقال عمر: يابن عباس أَلَا تكلّم؟ قال فقال: أعلمه متى يموت. قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [سورة النصر: 1و2] فهي آتيك من الموت: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [سورة النصر: 3]. قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنّا نرى أَنها في العشر الوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين وقال بعضهم. ثلاث وعشرين. وقال بعضهم: سبع وعشرين. فقال عمر لابن عباس: أَلَا تكلّم؟ قال: والله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك، فقال ابن عباس: الله وتْر يحب الوتْر، خلق من خلقه سبع سماوات فاستوى عليهن وخلق الأرض سبعا، وخلق عدة الأيام سبعًا وجعل طوافًا بالبيت سبعًا، ورمي الجمار سبعًا، وبين الصفا والمروة سبعًا، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع قال فقال عمر: فكيف خلق الإنسان من سبع؟ وجعل رزقه من سبع؟ فقد فهمت من هذا أمرًا ما فهمتُه. قال ابن عباس: إن الله يقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} حتى بلغ إلى قوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [سورة المؤمنون: 12 ـ 14] قال: ثم قرأ: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [سورة عبس 25 ـ 31]. فأما السبعة فلبني آدم، وأما الأبّ فما أنبت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها ـ إن شاء الله ـ إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع يبقين. قال: أخبرنا يحيى بن عباد، قال حدثنا شُعْبَة، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيد بن جُبَيْرٍ، قال: كان عمر يُدْنِي ابنَ عباسٍ، فقال لهُ ابن عَوْف: لنا أبناء مثله، فقال: إنه مِنْ حَيْث تَعْلَم، فسأله عن هذه الآية: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قال: هذا أَجَلُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَعْلَمَه. فقال عمر: ما أعلم منه إلا مثل ما تعلم. قال: أخبرنا بكار بن عبد الله بن عبيدة الرَّبَذيّ، عن عمه موسى بن عبيدة، عن يعقوب بن زيد، قال: كان عمر بن الخطاب يستشير عبد الله بن عباس في الأمر إِذَا أَهَمَّه ويقول: غُصْ غَوّاصُ. قال: أخبرنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، أن العباس قال لعبد الله بن العباس: إني أرى هذا الرجل ـ يعني عمر بن الخطاب ـ قد أدناك وأكرمك وألحقك بقوم لست مثلهم. فاحفظ عني ثلاثا: لا يُجرِّبَنَّ عليك كذبًا، ولا تفشيَنَّ له سِرًّا، ولا تَغْتَابَنَّ عنده أَحَدًا. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن ابن خثيم، عن مجاهد، قال: سمعت ابن عباس يقول: خدمتُ عمر خدمة لم يخدُمها إياه أحد من أهله، ولطفتُ به لطفًا لم يلطفهُ أحدٌ من أهله، فخلوت معه ذات يوم في بيته وكان يُجلني ويكرمني، فشهق شهقةً ظننتُ أنّ نفسَه سوف تخرجُ منها. فقلت: أَمِنْ جزعٍ يا أمير المؤمين؟ فقال: من جزع. فقلت: وماذا؟ فقال: اقترب، فاقتربتُ منه، فقال: لا أجدُ لهذا الأمر أحدًا، قلت: فأين أنت عن فلان، وفلان، وفلان، وفلان، وفلان، وفلان فسمى له الستة أهل الشورى، فأجابه في كل واحد منهم بِقَوْلٍ، ثم قال: إنه لا يصلح لهذا الأمر إلى قويٌّ في غير عُنْفٍ، لَيِّنٌ في غير ضعفٍ، جوادٌ في غير سَرَف، ممسك في غير بُخْل. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني محمد بن عبد الله، عن الزُّهْرِيّ، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن عُتْبَة، عن ابن عباس، قال: جئت عمر حين طُعِنَ في غَبَشِ السَّحَر فاحتملته أنا ورهط معي وكنا في المسجد، حتى إذا أدخلناه بيته وأمر عمر عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس وغشي على عمر من النزف فلم يزل في غشيته حتى أسفر، ثم أفاق فقال: أَصَلَّى الناسُ؟ فقلنا: نعم. فقال: لا إسلام لمن ترك الصلاةَ، ثم دعا بوضوء فتوضأ، ثم صلى، قال حين سلم: يا عبد الله بن عباس، اخرج فسل مَنْ قتلني؟ قال: ففتحت الباب فإذا الناس مجتمعون جاهلون بخبر عمر، فقلت: مَنْ طَعَنَ أمير المؤمنين؟ قالوا: طعنه عدو الله أبو لؤلؤة، فرجعت إلى عمر أخبره، قال: فإذَا عُمر يُبِدُّنِي النظرَ، يسألني خبر ما بعثني إليه، فقلت: أرسلتني يا أمير المؤمنين أسأل: مَنْ قَتَلَك؟ فكلمتُ الناسَ، فزعموا أنّه طعنك أبو لؤلؤة، غلام المغيرة بن شعبة، وطعن معك رَهْطًا، وقَتلَ نفسه، فقال عمر: الله أكبر، الحمدُ لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجّني عند الله بسجدة سَجَدها له، ولقد عرفتُ ما كانت العرب لتقتلني، أنا أحب إليها من ذلك. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا سفيان، ومنصور، عن أبي سلمة، عن سماك الحنفي، عن ابن عباس، قال: لما طعن عمر قال: لو أن لي ما في الأرض لافتديت به من هول المُطَّلع. فقال له ابن عباس: لم؟ فقد فتح الله بك الفتوح ومَصَّرَ بكَ الأمصار ووليت الناس فعملت بالعدل وصحبت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ومات وهو عنك راضٍ، وصحبت أبا بكر فمات وهو عنك راضٍ، فقال عمر أردد عليّ الكلمات، فرددها عليه فقال: أتشهد بها لي عند الله؟ قال: نعم. أشهد لك بها عند الله. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني إسحاق بن أبي إسحاق، عن سماك بن الفضل، عن شهاب بن عبد الله الخلواني، عن ابن عباس، قال: دعاني عمر حين طعن، فقال: احفظ عني ثلاث خصال، مَنْ قال عَلَيَّ فيهن شيئًا فقد كذب، ومن قال: إني تركت مملوكًا فقد كذب، ومن قال: إني قضيت في الكلالة بشيء فقد كذب، ومن قال: إني قد سميت الخليفة بعدي فقد كذب. قال: ثم بكى عمر فقال له ابن عباس: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ قال: يبكيني أمر آخرتي. قال ابن عباس: فإن فيك يا أمير المؤمنين ثلاث خصال لا يعذبك الله معهن أبدًا إن شاء الله. قال عمر: وَمَا هُنَّ؟ قال: إنك إذا قلتَ صدقتَ، وإذا حكمتَ عدلتَ، وإذا استُرْحمتَ رحمتَ. فقال: أتشهد لي بهنّ عند ربي يابن عباس؟ قال: نعم. قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير، والنضر بن إسماعيل أبو المغيرة، قالا: حدثنا الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عَشره منا من رجل. وزاد النضر بن إسماعيل في هذا الحديث بهذا الاسناد نِعم ترجمان القرآن ابن عباس! وكان سفيان الثورى يحدِّث به عن الأعمش كما قال أبو معاوية.)) ((قال: أخبرنا يزيد بن هارون، وعثمان بن عُمر، والضحاك بن مخلد، وعبد الوهاب بن عطاء، عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، قال: شَتَمَ رجلٌ ابن عباس فقال له ابن عباس إنك لتشتمني وإن فيَّ ثلاث خصال: إني لأسمع بالحكم من حكام المسلمين يعدل فأفرح به ولعلّي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع بالغيث يصيب البلد من بلدان المسلمين فأفرح به وما لي به سائمة، وإني لآتي على الآية من كتاب الله فأتمنى أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم. قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن سيف، قال: قالت عائشة: من استعمل على الموسم العام؟ قالوا: ابن عباس. قالت: هو أعلم الناس بالحج. قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائِل، قال: شهدت الموسم مع ابن عباس فخطبنا أو فخطب فقرأ سورة البقرة، ففسّرها. ووالله إني لأظن أن لو أن الترك شهدته ففقهوا ما قال لأسلموا. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، عن ابن عُيَيْنَة، عن عبد الله بن أبي يزيد، عن ابن أبي مليكة، قال: سمعت ابن عباس يقول: سلوني عن سورة البقرة وعن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير.)) ((قال: أخبرنا روح بن عبادة، قال: حدثنا السائب بن عمر، قال: أخبرني عيسى بن موسى، أن محمد بن عباد بن جعفر أخبره قال: سمعت ابن عباس يقول: أكرم الناس عليّ جليسي. قال: أخبرنا محمد بن سليم العبدي، قال: حدثني معتمر بن سليمان، عن شعيب بن درهم، عن أبي رجاء العطارِدي، قال: رأيت في خدِّ ابن عباس مثل الشراك الأسود من البكاء. قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، عن أبي أمية بن يعلى، عن سعيد بن أبي سعيد، قال: كنت عند عبد الله بن عباس فجاءه رجل فقال: يابن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: وَلِمَ؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيهما، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا عمر بن أبي زائدة، قال: حدثنا عبد الله بن أبي السفر، قال: كان ابن عباس يقول: إني لأرى رَدَّ جواب الكتاب حقًّا عليّ كردّ السلام. قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا شريك، عن العباس بن ذَرِيح، عن عامر، عن ابن عباس، قال: إني لأرى لجواب الكتاب عليّ حقًّا كحق رد السلام. قال: أخبرنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر عن أبيه ـ وكانت أمه لبابة بنت عبد الله بن عباس ـ قال: كنت أزور جدّي في كل يوم جمعة ـــ ابن عباس ــــ قبل أن يذهب بصره فأراه يقرأ في المصحف فأتى على هذه الأية: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [سورة القمر 48 ـ 49] فقال: يا بني لم يأت هؤلاء بعد وليكونن. قال: أخبرنا روح بن عبادة، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جبير، أن ابن عباس كان ينهى عن كتاب العلم وأنه قال: إنما أضلّ من كان قبلكم الكتب. قال: أخبرنا روح بن عبادة، قال: حدثنا حنظلة بن أبي سفيان، قال: سمعت طاوسًا يقول: لما عَمِيَ ابنُ عباس جعل أناس من أهل العراق يسألونه ويكتبون، قال: فجاء إنسان من أهله فالتقم أذنه فلم يتلكم حتى قام. قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا معمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يذكر عن طاوس، أن سعيد بن جُبير كان عند ابن عباس قال: فقيل له: إنهم يكتبون، قال: يكتبون؟ ثم قام. قال: وكان حسن الخُلُق، قال: كأنه يرى أنه لولا حسن خلقه لغيَّر بأشَدَّ من القيام. قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، قال: حدثني حفص بن عمر بن أبي العطاف، عن أبي الزناد، عن الأعرج، أن ابن عباس قال قيدوا العلم بالكتب. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني الحسن بن مسلم، عن طاوس، قال: أشهد لسَمعتُ ابن عباس يقول: أشهد لسَمعتُ عمر يُهل وإنا لواقفون في الموقف، فقال له رجل: أرأيت حين دفع؟ فقال ابن عباس: لا أدري، فعجب الناس من ورع ابن عباس. قال: أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد أن ابن عباس قال: من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه فهو مجنون. قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: أخبرنا ثابت بن يزيد أبو زيد، قال: حدثنا هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: حججت مع عمر بن الخطاب إحدى عشرة حجة.)) ((قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا المعافى بن عمران، قال: حدثنا إدريس بن سنان أبو إلياس، قال: حدثني وهب بن منبه، قال: كان ابن عباس حين رقّ بصره يتوكأ على عصا. أخبرنا عبد الله بن بكر السهمي، قال: حدثنا حاتم ـ يعني ابن أبي صَغِيرَة ـ عن سِمَاك، أن ابن عباس سقط في عينيه الماء فذهب بصره، فأتاه هؤلاء الذين يثقبون العيون ويسيلون الماء، فقالوا: خلّ بيننا وبين عينيك نسيل ماءَهُما ولكنك تمسك خمسة أيام لا تصلي إلا على عمود! قال: لا والله ولا ركعة واحدة إني حدثت أنه من ترك صلاةً واحدةً متعمدًا لقي الله وهو عليه غضبان.)) الطبقات الكبير. ((في مسند أحمد من طريق حاتم بن أبي صَغِيرة، عن عمرو بن دينارــــ أنَّ كريبًا أخبره أن ابْنَ عباس قال: صليتُ خَلْفَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فجرَّنِي حتى جعلني حِذاءَه، فلما أقبل على صلاته خنست. فلما انصرف قال لي: "ما شَأنُكَ؟" فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحَدٍ أنْ يصلِّي حِذَاءك، وأنتَ رسول الله! فدعا لي أن يزيدني الله علمًا وفهمًا.(*))) ((أخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طريق ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن النعمان ـــ أن حسان بن ثابت قال: كانت لنا عند عثمان أو غيره من الأمراءِ حاجةٌ فطلبناها إليه: جماعة من الصحابة، منهم ابُن عباس، وكانت حاجة صعبة شديدة، فاعتلَّ علينا، فراجعوه إلى أن عذروه وقاموا إلا ابْنَ عباس فلم يزل يُرَاجعه بكلام جامع حتى سدَّ عليه كلَّ حاجة، فلم يرى بُدًّا من أن يقضي حاجتنا، فخرجنا من عنده وأنا آخذُ بيدِ ابن عباس؛ فمررنا على أولئك الذين كانوا عذَروا وضَعفُوا فقلت: كان عبد الله أوْلاَكم به. قالوا: أجل. فقلت أمدحه:

إِذَا
قَالَ لَمْ
يَتْرُكْ
مَقَالًا
لِقَائِلٍ بِمُلْتَقَطَـاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَصْلَا

كَفَى وَشَفَى ما في الصُّدُورِ وَلَمْ يَدَعْ لِذِي إرْبَةٍ فِي القَوْلِ جدًّا وَلَا هَزْلَا

سَمَـوْتَ
إلى العَلْيَا بِغَيْرِ
مَشقَّةٍ فَنِلْـتَ
ذُرَاهَا لَا دَنِيًّا وَلَا وَغْلَا
[الطويل]

وروى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بسند له إلي حسان بن ثابت بدت لنا حاجة إلي الأمير وكان أمرًا صعبًا فمشينا إليه برجال من قريش، فاعتذر فعذروه إلا ابن عباس، فوالله ما وجد بدًا من قضاء حاجتنا، قال: فجئنا المسجد والقوم في أنديتهم، قال حسان فصحت صيحة أسمعهم وأنشأ يقول:

إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه رأيت له في كل مجمعه فضلا

إذا قال لم يترك مقالًا
لقائل بملتقطاتٍ لا ترى بينها فصلا)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قال: أخبرنا محمد بن ربيعة، عن مُسْتَقِيم بن عبد الملك، قال: رأيت ابن عباس يستلم الحجر ثم يقبل يده.)) الطبقات الكبير. ((أخرج أبُو نُعَيْمٍ من طريق حمزة بن أبي محمد، عن عبد الله بن دينار ـــ أنَّ رجلًا سأل اْبَن عمر عن قوله تعالى: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتقْنَاهُما} [الأنبياء: 30] فقال: اذهب إلى ذلك الشيخ فَسلْهَ ثم تعال فأخْبِرْني. فذهب إلى ابن عباس، فسأله، فقال: كانت السماوات رتقاء لا تُمْطِر، والأرض رَتَقْاء لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وهذه بالنبات. فرجع الرجلُ فأخبر ابْنَ عمر، فقال: لقد أوتي ابْنُ عباس عِلْمًا صدقًا، هكذا، لقد كنت أقول ما يعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قَد علْمتُ أنه قد أوتي علمًا.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((أَخبرنا أَبو ياسر بن أَبي حَبَّة وغير واحد إِجازة قالوا: أَخبرنا أَبو القاسم إِسماعيل بن أَحمد أَخبرنا أَبو الحسن ابن النَّقُور، أَخبرنا المُخلِّص، أَخبرنا يحيى بن محمد بن صَاعِد، حدثنا يوسف بن محمد بن سَابِق، حدثنا أَبو مالك الجَنْنبي، عن جُوَيْبر، عن الضَّحَّاك، عن ابن عباس قال: "نحن أَهلَ البيت شجرةُ النبوة، وَمُخْتَلف الملائكة، وأَهل بيت الرسالة، وأَهل بيت الرحمة، ومَعْدن العلم".)) أسد الغابة. ((أخُرجَ الزُّبَيْرُ بسندٍ له ـــ أنَّ ابن عَبّاس كان يَغشى الناسَ في رمضان وهو أمير البصرة، فما ينقضي الشهر حتى يفقّههم. قال: وحدثني محمد بن سلام، قال: سعى ساعٍ إلى ابْنِ عباس برجل، فقال: إن شئت نظرنا. فإن كنت كاذبًا عاقبناك، وإن كنت صادقًا نفيناك، وإن شئت أقَلْتُكَ: قال: هذه. وفي كتاب الجليس للمعافى مِنْ طريق ابن عائشة، عن أبيه: نظر الحطيئة إلى ابْنِ عباس في مجلس عُمر، وقد فرع بكلامه، فقال: مَنْ هذا الذي نزل عن القوم بسنه، وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابنُ عباس؛ فأنشأ يقول:

إنِّي وَجَدْتُ بَيَانَ المَرْءِ نَافِلَةً يَهْدِي لَهُ وَوَجَدْتُ العَيَّ كالصَّمَمِ

المَرْءُ يَبْلَى وَيَبْقَى الكَلْمُ سَائِرَةً وَقَدْ يُلاَمُ الفَتَى
يَوْمًا وَلَمْ َيلُمِ

[البسيط])) ((في تاريخ يعقوب بن سفيان، من طريق يزيد بن الأصم، عن ابن عباس، قال: قدم عَلَى عُمر رجلٌ فسأله عن الناس، فقال: قرأ منهم القرآن كذا وكذا. فقال ابن عباس: ما أحبُّ أن يسأل عن آي القرآن. قال: فزَبرني عمر، فانطلقت إلى منزله، فقلت: ما أراني إلا قد سقطت من نفسه، فبينا أنا كذلك إذا جاءني رجل فقال: أجِبْ. فأخذ بيدي ثم خَلَا بي، فقال: ما كرهْتَ مما قال الرجل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله. قال: لتحدثني. قلت: إنهم متى تنازعوا اختلفوا، ومتى اختلفوا اقتتلوا. فقال: لله أبوك! لقد كنُتُ أكتمها الناس. وفي المجالسة من طريق المدائني، قال عليّ في ابن عباس إنا لننظر إلى الغَيْث من ستر رقيق لعقله وفِطْنته. ومن طريق ابن الْمُبَاركِ، عن داود ـــ وهو ابن أبي هند، عن الشعبي، قال: ركب زيد بن ثابت فأخذ ابْنُ عباس بركابه، فقال: لا تفعل يا ابن عم رسول الله. فقال: هكذا أمِرْنا أن نفعل بعلمائنا. فقبَّلَ زيد بن ثابت يدَه، وقال: هكذا أمِرْنا أن نفعلَ بأهل بيت نبينا. وأخرجَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، عن سليمان بن حرب، عن جرير بن حازم، عن أيوب ـــ مِثْلَ ما أخرج أحمد، عن إسماعيل، عن أيوب، عن عكرمة ـــ أنَّ عليًا حرق ناسًاـــ فبلغ ابْنَ عباس، فقال: لم أكُنْ لأحرقهم... الحديث. زَادَ سُلَيْمَانُ: فبلغ عليًّا قوله، فقال: ويح ابن أم الفضل؛ إنه لغوّاص.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قال القاسم بن محمد‏: ما رأيت في مجلس ابن عبّاس باطلًا قطّ، وما سمعْتُ فتوى أَشْبه بالسّنة من فَتْوَاه، وكان أصحابهُ يسمُّونَه البحر، ويسمُّونه الحبْر.‏ وقال عبد الله بن أبي زيد الهلاليّ [الطويل]‏

وَنَحْنُ وَلَدْنَا الفَضْلَ وَالحَبْرَ بَعْدَهُ عَنيـْتُ أَبَا العَبَّاسِ ذَا الفَضْلِ وَالنَّدَى

وقال أبو عمرو بن العلاء:‏ نظر الحطيئة إلى ابن عبّاس في مجلس عمر بن الخطّاب رضي الله عنه غالبًا عليه، فقال:‏ منْ هذا الذي برع النّاس بعلمه، ونزل عنهم بسِنِّه، قالوا:‏ عبد الله بن عبّاس، فقال فيه أبياتًا منها‏: [البسيط]‏

إنِّي وَجَدْتُ بَيَانَ المَرْءِ نَافِلَةً تُهْدَى لَهُ وَوَجَدْتُ العَيَّ كَالصَّمَمِ

وَالمَرْءُ يَفْنَى وَيَبْقَى سَائِرُ الكَلِمِ وَقَدْ يُلاَمُ الفَتَى يَوْمًا وَلَمْ يُلَمِ

وفيه يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:‏ ‏[الطويل]

إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ فَضْلاَ

إِذَا
قَالَ
لَمْ
يَتْرُكَ
مَقَالًا لِقَائِلٍ بِمُنْتَظَمَاتٍ لاَ تَرَى بَيْنَهَا فَصْلاَ

كَفَىَ وَشَفَى مَا فِي النُفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ لِذِي إِرْبَةٍ فِي القَوْلِ جَدًّا وَلاَ هَزْلاَ

سَمَوْتَ
إِلَى العُلْيَا بِغَيرِ
مَشَقَّةٍ فَنِلْتَ ذُرَاهَا لاَ دنِيّا وَلاَ وَغْلاَ

خُلِقْتَ
خَلِيقًا
لِلْمَوَدَّةِ
وَالنَّدَى فَلِيجًا وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَامَا وَلاَ جَهْلاَ

ويروى أن معاوية نظر إلى ابن عبّاس يومًا يتكلَّم، فأتبعه بصره، وقال متمثّلًا: [الطويل]

إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُُكْ مَقَالًا
لِقَائِلٍ مُصِيبٍ وَلَمْ يَثْنِ اللِّسَانَ عَلَى هُجْرِ

يُصَرِّفُ بِالقَوْلِ اللِّسَانَ إِذَا انْتَحَى وَيَنْظُرُ فِي أَعْطَافِهِ
نَظَرَ الصَّقْرِ

وروي أن عبد الله بن صفوان بن أمية مرَّ يومًا بدار عبد الله بن عبّاس بمكَّة، فرأى جماعَة من طالبي الفقه، ومرَّ بدار عبيد الله بن عبّاس، فرأى فيها جماعة ينتابونها للطّعام، فدخل على ابن الزّبير‏. فقال له:‏ أصبحت والله كما قال الشاعر. ‏[البسيط]

فَإِنْ تُصِبْكَ مِنَ الأَيَّامِ قَارِعَةٌ لَمْ نَبْك مِنْكَ عَلَى دُنيّا وَلاَ دِيْنِ

قال:‏ وما ذاك يا أعرج؟ قال:‏ هذان ابْنَا عبّاس، أحدهما يفقه النّاس والآخر يطعم النّاس، فما أبقيَا لك مكرمة، فدعا عبد الله بن مطيع.‏ وقال:‏ انطلق إِلى ابني عبّاس، فقل لهما:‏ يقول لكما أميرُ المؤمنين‏:‏ اخرُجا عني، أنتما ومن أصْغَى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت.‏ فقال عبد الله بن عبّاس لابن الزبير‏:‏ والله ما يأتينا من النّاس إلا رجلان‏. رجل يطلب فِقْهًا‏.‏ ورجل يطلب فَضْلًا، فأيّ هذين تمنع؟ وكان بالحضرة أبو الطّفيل عامر ابن واثلة الكناني، فجعل يقول: ‏[البسيط]

لاَ دَرَّ دَرُّ اللَّيَالي كَيْفَ تُضْحِكُنَا مِنْهَا
خُطُوبٌ
أَعَاجِيبٌ
وَتُبْكِينَا

وَمِثْلُ مَا تُحْدِثُ الأَيَّامُ مِنْ عِبْرٍ فِي ابْنِ الزُّبَيرِ عَنِ
الدُّنْيَا
تُسَلِّينَا

كُنَّا نَجِيءُ ابْنَ عَبَّاس فَيُسْمِعُنَا فِقْهًا
وِيُكْسِبُنَا
أَجْرًا
وَيَهْدِينَا

وَلاَ
يَزَالُ
عُبِيدُ اللَّهِ
مُتْرَعَةً جِفَانُهُ
مُطْعِمًا
ضَيْفًا
وَمِسْكِينَا

فَالبِرُّ وَالدِّينُ وَالدُّنْيَا بِدَارِهِمَا نَنَالُ مِنْهَا الَّذِي
نَبْغِي
إِذَا
شِينَا

إِنَّ النَّبِيَّ هُوَ النُّورُ الَّذِي كُشِطَتْ بِهِ
عَمَايَاتُ
مَاضِينَا
وَبَاقِينَا

وَرَهْطَهُ عِصْمَةٌ فِي دِينِهِ
لَهُمُ فَضْلٌ
عَلَيْنَا وَحَقٌّ
وَاجِبٌ
فِينَا

فَفِيمَ
تَمْنَعُنَا
مِنْهُمْ
وَتَمْنَعُهُمْ مِنَّا
وَتُؤْذِيهِم
فِينَا وَتُؤْذِينَا

وَلَسْتَ
بِِِأوْلاَهُمْ
بِهِ
رحما يَا بْنَ الزُّبَيرِ
وَلاَ
أَوْلَى
بِهِِ
دِينَا

لَنْ
يُؤْتِيَ
اللَّهُ إِنْسَانًا بِبُغْضِهِمُ فِي الدِّينِ عِزًّا وَلاَ فِي الأَرْضِ تِمْكِينَا)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((روى ابن عباس عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بن جبل، وأَبي ذر. روى عنه عبد اللّه بن عُمَر، وأَنس بن مالك، وأَبو الطُّفَيْل، وأَبو أمامة بن سهل بن حُنَيْف، وأَخوه كَثِير بن عباس، وولد عليُّ بن عبد اللّه بن عباس، ومواليه: عِكْرِمة، وكُرَيب، وأَبو مَعْبَد نَافِذ، وعطاء بن أَبي رَبَاح، ومُجَاهد، وابن أَبي مُلَيْكَة، وعَمْرو بن دِينار، وعُبَيْد بن عُمَيْر، وسَعِيد بن المُسَيَّب، والقاسم بن محمد، وعُبَيْد اللّه بن عبد اللّه بن عُتْبَة، وسليمان بن يَسَار، وعُرْوَة بن الزبير، وعلي بن الحُسَين، وأَبو الزُّبَيْر، ومحمد بن كَعْب، وطَاوُس، ووهب بنُ مُنَبِّه، وأَبو الضُّحى، وخلق كثير غير هؤلاء. أَخبرنَا غيرُ واحد بإِسنادهم إِلى أَبي عيسى قال: حدثنا أَحمد بن محمد بن موسى، أَخبرنا عبد اللّه، حدثنا الليث وابن لَهيعة، عن قيس بن الحَجَّاج، ــ قال الترمذي: وحدثنا عبد اللّه بن عبد الرحمن، حدثنا أَبو الوليد، حدثنا الليث، حدثني قيس بن الحجاج. المَعْنى واحد ــ عن حَنَشِ الصَّنْعَانِي، عن ابن عباس قال: كنت خَلْفَ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "يَا غُلَامُ، إِنِّي أَعَلِّمُكَ كَلامَاتٍ: احْفَظِ الله يَحْفَظَكَ، احْفَظ الله تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوْكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوْكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرّوكَ، لَمْ يَضروكَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الْصُّحُفُ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 4/575 كتاب صفة القيامة (38) باب (59) حديث رقم 2516 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وأحمد في المسند 1/307، والطبراني في الكبير 11/123، 178، 12، 238، والحاكم في المستدرك3/541، 542، وأورده الهيثمي في الزوائد 7/192..)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله ين يونس، عن حِبَّان بن علي، عن رِشْدِين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: أتيت خالتي ميمونة بنت الحارث فقلـت: إني أريد أن أبيت عندكم الليلة، فقالت: وكيف تبيت وإنما الفراش واحدٌ واللحاف واحدٌ والوساد واحد! قال: فقلت: لا حاجة لي في فراشكم، أفرش نصف إزاري، وأما الوساد فإني أضع رأسي مع رءوسكما من وراء الوساد، فجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فحدثته ميمونة بما قال ابن عباس فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "هذا شيخ قريش".(*))) ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن الزُّهري، عن عُبيد الله بن عَبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، قال: مررت في حجة الوداع على حِمَار أنا والفضل، وقد راهقت يومئذ الاحتلام، والنبي صَلَّى الله عليه وسلم، يصلي بالناس فدخلنا في الصف وتركنا الحمار أمام الناس فلم يُنكر علينا.(*))) الطبقات الكبير. ((قال مجاهد عن ابن عبّاس‏:‏ رأيت جبرئيل عند النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم مرّتين، ودعا لي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين.(*)))
((قال: أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة المكي، قال: حدثني نافع بن عمر، قال: حدثني عمرو بن دينار، أن أهل المدينة كَلَّمُوا ابن عباس أن يحج بهم وعثمان بن عفان محصور، فدخل على عثمان فأخبره بذلك فأمره أن يحج بالناس، فحج بهم ثم انصرف إلى المدينة، فوجد عثمان قد قتل، فقال لعلي: إن أنت قمت بهذا الأمر الآن ألزمك الناس دم عثمان إلى يوم القيامة. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن عبيد الله بن عبد الله بن عبتة، عن ابن عباس، قال: دعاني عثمان فاستعملني على الحج، فخرجت إلى مكة فأقمت للناس الحج وقرأت عليهم كتاب عثمان إليهم، ثم قدمت المدينة وقد بويع لعليّ، فقال: سِرْ إلى الشام فقد وليتكها، فقال ابن عباس: ما هذا برأي! معاوية رجلٌ من بني أمية وهو ابن عم عثمان وعامله على الشام، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكم عليّ. فقال له عليّ: وَلِمَ؟ قال: لقرابة ما بيني وبينك، وأن كل من حمل عليك حمل عليّ، ولكن اكتب إلى معاوية فَمَنِّهِ وعِدْهُ، فأبى عليٌّ وقال: والله لا كان هذا أبدًا. قال محمد بن عمر: وكانت السنة التي ولّى عثمان فيها ابن عباس على الحج سنة خمس وثلاثين، ولما ولّى عليّ وبويع له استعمل أيضًا ابن عباس على الحج، فحج بالناس سنة ست وثلاثين. قال: أخبرنا أبو عبيد، قال: حدثنا أبو جناب الكلبي، عن شيخ من بني مجاشع، أخبره أن عبد الله بن عباس شهد الجمل مع عليّ بن أبي طالب وهو كان رسوله إلى طلحة والزبير يسألهما عن خروجهما في هذا الأمر وما يريدان، ورجع إلى عليّ بجوابهما. قال: أخبرنا أبو عبيد، عن مجالد، عن الشعبي، وغيره، قال: أقام عليّ بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة، ثم أقبل إلى الكوفة واستخلف عبد الله بن عباس على البصرة، ووجه الأشتر على مقدمته إلى الكوفة فلحقهُ رجل فقال: من استخلف أمير المؤمنين على البصرة؟ قال: عبد الله بن عباس، قال: ففيم قتلنا الشيخ بالمدينة أمس؟ قال: فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى سار إلى صفين فاستخلف أبا الأسود الدِّيلي على الصلاة بالبصرة، واستخلف زيادًا على الخراج وبيت المال والديوان، وقد كان استكتبه قبل ذلك، فلم يزالا على البصرة حتى قدم من صفين، فرجع ابن عباس إلى البصرة فأقام بها فلم يزل بها حتى قتل عليّ رحمه الله، فحمل ما حمل من المال ثم مضى إلى الحجاز واستخلف عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب على البصرة. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عليّ بن عمر بن عطاء، عن أبيه، عن عِكْرِمة، قال: لما كان يوم الحكمين فحكم معاوية من قبله عمرو بن العاص قال الأحنف بن قيس لعليّ: يا أمير المؤمنين، حَكِّم ابنَ عباسٍ فإنه نحوه وابن عباس رجل مجرب. قال علي فأنا أفعل فحكم ابن عباس فأبت اليمانية وقالوا: حتى يكون منا رجلٌ. ودعوا إلى أبي موسى الأشعري، فجاء ابن عباس إلى عليّ فقال: علام تحكم أبا موسى؟ فوالله لقد عرفت رأيه فينا، فوالله ما نصرنا وهو يَرْجُو ما نحن فيه. فَنُدْخِلُه الآن في معاقد الأمر مع أن أبا موسى ليس بصاحب ذاك، فإذا أبيت أن تجعلني مع عَمرو فاجعل الأحنف بن قيس، فإنه مجرب من العرب، وهو قِرْن لعمرو، فقال عليّ: فأنا أجعل الأحنف، فأبت اليمانية أيضًا وقالوا: لا يكون فيها إلا يماني، فلما غُلِبَ عليّ جعل أبا موسى. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عيسى بن علقمة، عن داود بن الحصين، عن عِكْرِمة قال: سمعت ابن عباس يقول: قلت لعليّ يوم الحكمين: لا تُحكم الأشعري فإن معه رجلًا حَذِرًا، مَرسًا، قارحًا من الرجال، فَلُزَّني إلى جنبه، فإنه لا يحل عقدةً إلا عقدتها، ولا يعقد عقدةً إلا حللتها. قال: يا ابن عباس! فما أصنع؟ إنما أُوتَى من أصحابي، قد ضَعُفَتْ نِيَّتُهُمْ، وكَلُّوا في الحرب، هذا الأشعث بن قيس يقول: لا يكون فيها مُضَرِيَّان أبدًا حتى يكون أحدهما يمانيّ. قال ابن عباس: فعذرته وعرفت أنه مضطهد، وأن أصحابه لا نِيَّةَ لهم. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عِكْرِمة، قال: سمعت ابن عباس يحدث عبد الله بن صفوان عن الخوارج الذين أنكروا الحكومة فاعتزلوا عليّ بن أبي طالب، قال: فاعتزل منهم اثنا عشر ألفًا فدعاني عليّ فقال: اذهب إليهم فخاصمهم وادعهم إلى الكتاب والسُّنّة، ولا تُحاجّهم بالقرآن فإنه ذو وجوه، ولكن خَاصِمْهم بالسُّنَّة. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن عمران بن منَّاح، قال فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم، في بيوتنا نزل، فقال عليّ: صدقت، ولكن القرآن حَمَّالٌ ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاجّهم بالسنن فإنهم لن يجدوا عنها محيصًا. فخرج ابن عباس إليهم وعليه حلّة حبرة، فحاجّهم بالسنن فلم تبق بأيديهم حُجّةٌ. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه، قال: لما كلمهم ابن عباس تفرقوا ثلاث فرق: منهم فرقة رجعت إلى مصرهم ومنازلهم التي بها قرارهم، وأقامت الفرقة الثانية فقالوا: لا نعجل على عليّ وننظر إلى ما يصير أمره وهم أصحاب النُّخَيْلَة، ومضت الفرقة الثالثة الذين شهدوا عَلَى عَلِيٍّ وأصحابه بالشرك واستعرضوا الناس بالقتل، أولئك أصحابُ النَّهروان. وكان رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي. هم الذين اعتزلوا فقاتلهم عليّ حتى قتلهم. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا ربيعة بن عثمان، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهم، قالوا: جاء نعي معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عباس يومئذ غائب بمكة، فلمّا صدر الناس من الحج سنة ستين وتكلم عبد الله بن الزبير وأظهر الدعاء، خرج ابن عباس إلى الطائف، فلما كانت وقعة الحَرَّة وجاء الخبرُ ابنَ الزبير، كان بمكة يومئذ عبد الله بن عباس وابن الحنفية، ولما جاء الخبر بنعي يزيد بن معاوية وذلك لهلال شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين، قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه وبايعه الناس، دعا ابن عباس وابن الحنفية إلى البيعة فأبيا أن يبايعا وقالا: حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس وما عندنا خلافٌ. فأقاما على ذلك ما أقاما فمرة يكاشرهما، ومرة يلين لهما، ومرة يباديهما. فكان هذا من أمره حتى إذا كانت سنة ست وستين غلظ عليهما ودعاهما إلى البيعة فأبيا. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني هشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جُبير بن مُطعم، عن أبيه قال: كان ابن عباس وابن الحنفية بالمدينة وعبد الملك يومئذ بالشام يغزو مصعب بن الزبير، فرحلا حتى نزلا مكة، فأرسل ابن الزبير إليهما أن يبايعا، قالا: حتى يجتمع الناس على رجل ـ وأنت في فتنة ـ فغضب من ذلك ووقع بينهُ وبينهما شرٌّ، فلم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفًا شديدًا ومعهما الذريّة، فبعثا رسولًا إلى العراق يخبران بما هما فيه، فخرج إليهما أربعة آلاف فيهم ثلاثة رؤساء: عطية بن سعد، وابن هانئ، وأبو عبد الله الجُدلي. فخرجوا من الكوفة فبعث والي الكوفة في أثرهم خمسمائة ليردّوهم فأدركوهم بِوَاقِصَةَ فامتنعوا منه. فانصرفوا راجعين: فمرُّوا وقد أخفوا السلاح حتى انتهوا إلى مكة لا يعرض لهم أحدٌ، وإنهم ليمرُّوا على مسالح ابن الزبير ما يعرض لهم أحدٌ، فدخلوا المسجد فسمع بهم ابن الزبير حين دخلوا فدخلَ منزله، وكان قد ضيق على ابن عباس وابن الحنفية، وأحضر الحطب يجعله على أبوابهما يحرقهما أو يبايعان، فهم على تلك الحال حتى جاء هؤلاء العراقيّون فمنعوهما حتى خرجا إلى الطائف وخرجوا معهم وهم أربعة آلاف وكانوا هناك حتى توفي عبد الله بن عباس فحضروا موته بالطائف. ثم لزموا ابن الحنفية فكانوا في الشعب وامتنعوا من ابن الزبير. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي القاضي، عن أبيه، عن جدّه، قال: لما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان، ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما تبايعان فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نَعْرِض لك ولا لغيرك، فَأَبَى وألَحَّ عليهما إلحاحًا شديدًا. وقال لهما فيما يقول: والله لتبايُعنَّ أو لأُحَرِّقَنَّكُم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرةً سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هاربًا حتى دخل دار الندوة، ويقال: تعلق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ الله. قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما، وهم في دور قريب من المسجد قد جمع الحطبَ. فأحاط بهم حتى بلغ رءوس الجُدُر، لو أنّ نارًا تقع فيه مَا رُئِي منهم أحدٌ حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذَرْنَا نُرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلدٌ حرامٌ حرّمة الله، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلَّى الله عليه وسلم ساعةً، فامنعونا وأجيرُونا. قال: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي في الجبل: ما غنمت سريةٌ بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منًى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله وأكرمهم عليه وأقربهم إلى الله زُلفى، فإن متّ فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليالٍ بعد هذا القول حتى توفي رحمه الله، فصلّى عليه محمد بن الحنفية وولينا حمله ودفنه.)) الطبقات الكبير.
((ذَكَرَ خَلِيفَةٌ أن عليًّا ولاّه البصرة وكان على الميسرة يوم صفين، واستخلف أبا الأسود على الصلاة وزيادًا على الخراج، وكان استكتبه فلم يَزَلَ ابْنُ عباس على البصرة حتى قُتل علي؛ فاستخلف على البصرة عبد الله بن الحارث، ومضى إلى الحجاز.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((ذكر الحلوانيّ، قال:‏ حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا الأعمش، حدّثنا شقيق أبو وائل، قال:‏ خطبنا ابن عبّاس، وهو على الموسم، فافتتح سورة النّور، فجعل يقرأ ويفَسِّر، فجعلت أقول:‏ ما رأيتُ ولا سمعْتُ كلَام رجل مثله، ولو سَمِعَتْهُ فارس، والرّوم، والترك، لأسلمت. قال:‏ وحدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن شقيق مثله‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني إسحاق بن يحيى، قال: حدثنا أبو سلمة الحضرمي، قال: رأيت قبر ابن عباس، وابن الحنفية قائم يأمر به أن يُسطّح. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، وقبيصة بن عقبة، قالا: حدثنا سفيان، عن سالم عن أبي حفصة، عن أبي كلثوم، قال: رأيت ابن الحنفية يوم دفن ابن عباس، قال: اليوم مات ربانيّ هذه الأمّة. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، عن ابن عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: لقد مات ابن عباس وإنه لَحَبْرُ هذه الأمّة، وما رأيت مثله قط. وقال: ما سمعت إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: أخبرنا الفَضْلُ بن دُكَيْن، وعلي بن عبد الله بن جعفر، قالا: حدثنا سُفيان بن عُيَيْنَة، عن الزُّهْرِيَّ قال: قال أبو سلمة: لو كنت أرفق ابن عباس أَصبت سنه عِلْمًا كثيرًا.)) ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني خالد بن القاسم البياضي، عن شعبة، قال: سمعت ابن عباس يقول: وُلدت قبل الهجرة بثلاث سنين ونحن في الشعب، فتوفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، وتوفي ابن عباس سنة ثمان وستين وهو ابن إحدى وسبعين سنة. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عمر بن عقبة ومحمد بن رفاعة بن ثعلبة بن أبي مالك، عن شعبة مولى ابن عباس، قال: مات عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. قال: أخبرنا وَكِيع بن الجَرّاح والفضل بن دُكَين وخلاد بن يحيى ومحمد بن عمر، قالوا: حدثنا سفيان الثوري، عن عمران بن أبي عطاء ـ قال محمد بن عمر: هو أبو حمزة ـ قال: شهدت ابن الحنفية صلّى على ابن عباس فكبَّر عليه أربعًا وأدخله قبره من قبل القبلة وضرب على قبره فسطاطا ثلاثة أيام.)) الطبقات الكبير. ((توفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابن سبعين سنة. وقيل: إِحدى وسبعين سنة. وقيل: مات سنة سبعين. وقيل: سنة ثلاث وسبعين. وهذا القول غريب.)) أسد الغابة. ((أخرج يعقوب بن سفيان، من طريق عبد الله بن يامين: أخبرني أني أنه لما مرّ بجنازة عبد الله بن عباس جاء طائر أبيض يقال له الغرْنُوق، فدخل في النعش فلم يُرَ بعد. وَأخْرَجُ ابْنُ سَعْدٍ من طريق يَعْلَى بن عطاء عن بجير بن عبد الله، قال: لما خرج نَعْشُ ابن عباس جاء طائر أبيض عظيم من قبل وَجّ حتى خالط أكفانَه فلم يَدْر أين ذهب؛ فكانوا يرون أنه علمه. وروينا في جزء الحسن بن عرفة: حدثنا مروان بن شجاع، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبَير، قال: مات ابْنُ عباس بالطائف، فشهدت جنازته، فجاء طائر أبيض لم يُرَ على خلقته، فدخل في نعشه ولم يُرَ خارجًا منه؛ فلما دفن تليت هذه الآية: {يَا أيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ...} إلى آخر السورة [الفجر: 27، 28]. وفي وفاته أقوال: سنة خمس وستين. وقيل سبع. وقيل ثمان؛ وهو الصحيح في قول الجمهور. وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، عن حَفْص بن ميمون، عن أبيه: توفي عبد الله بن عباس في الطائف، فجاء طائر أبيض فدخل بين النعش والسرير، فلما وُضع في قبره سمعنا تَالِيًا يَتْلُو: {يَا أيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ...} الآية. [الفجر: 27]. واتفقوا على أنه مات بالطائف سنة ثمان وستين. واختلفوا في سنّه؛ فقيل ابن إحدى وسبعين. وقيل ابن اثنتين. وقيل ابن أربع. والأوّل هو القوىُّ.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال