تسجيل الدخول


عمرو بن شريح

عبد الله ابن أم مكتوم القرشي المؤذّن:
ويقال: الأكثر في اسمه عمرو، وهو ابن قيس بن زائدة بن الأصم، ومنهم مَنْ قال: عمرو بن زائدة؛ لم يَذْكر قَيْسًا، ومنهم مَنْ قال: قيس بدل زائدة، وقال ابْنُ حِبَّانَ: مَن قال: "ابْنُ زَائِدَةَ" نسبه لجده، وحكى ابن حبان قال: كان اسمه الحصين فسمَّاه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم عَبْدَ الله، وأكثر أهل الحديث يقول: اسم ابن أم مكتوم عمرو ابن أم مكتوم، وقال مصعب الزّبيريّ‏ّّّّّّّّّ ‏:أبوه قيس بن زائدة بن الأصمّ، ولم يقل في اسمه: عبد الله، ولا عمرو. وقال الزّبيريّ:‏ ‏هو عمرو بن قيس بن زائدة وهو قول موسى بن عقبة‏، وقال سلمة بن فضل، عن ابن إسحاق‏: هو عبد الله بن شريح بن قيس، وهكذا قال علي بن المديني، والحسين بن واقد، وقال قتادة‏: ‏هو عبد الله بن زائدة؛ ولعله نسبه إلى جدّه‏، وقال محمد بن سعد كاتب الواقديّ:‏ ‏ أما أهل المدينة فيقولون: اسمه عبد الله، وأهل العراق يقولون: اسمه عمرو، وقال:‏ ثم أجمعوا على أنه ابن قيس بن زائدة بن الأصم. قال أبو عمر رحمه الله‏: لم يُجْمِعوا لِمَا ذُكِر عن ابن إسحاق وعلي بن المديني، وحسين بن واقد، وقيل: هو عمرو بن قيس بن شرحبيل، وقال الثعلبي في تفسيره: اسْمُه عبد الله بن شريح بن مالك القرشي العامري، وقيل: هو عَبْدُ العَزِيزِ بنِ الأَصَمّ، وقيل: شُريح بن مالك بن رَبيعة.
أَخرجه أَبو موسى، وأَبو عمر، وابن منده، وأَبو نعيم. واسم أمه أم مكتوم: عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة، وهو ابنُ خالِ خديجة أم المؤمنين؛ فإنّ أم خديجة أخت قيس بن زائدة؛ واسمها فاطمة، وكان ضرير البَصَر، وأسلم ابن أمّ مكتوم بمكّة قديمًا، وكان من المهاجرين الأولين؛ قدم المدينة قبل أنْ يُهاجِرَ النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم، وقيل: بل بعده، بعد وَقْعَةِ بدر بيسير؛ قاله الوَاقِدِيُّ، وَرَوَى عن البراء قال: كان أوّل من قدم علينا من المهاجرين مُصْعب بن عُمير أخو بني عبد الدار بن قُصيّ فقلنا له: ما فعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فقال: هو مكانه وأصحابه على أثَري، ثمّ أتانا عمرو ابن أمّ مكتوم الأعمى فقالوا له: ما فعل من وراءك رسول الله وأصحابه؟ فقال: هم أوْلاءِ على أثَري. وروى الواقدي أيضا عن البراء: أوّل من قدم علينا من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مُصْعَب بن عمير، وابن أمّ مكتوم فجعلا يُقْرِئانِ الناسَ القُرْآن. والأصحّ أنه قدم المدينة مهاجرًا بعد بدرٍ بيسيرٍ فنزل دار القُّرّاء وهى دار مَخْرَمة بن نوفل، وحدّث أنس بن مالك: أنّ عبد الله ابن أمّ مكتوم يوم القادسيّة كانت معه راية له سَوْداء وعليه دِرْعٌ له. وفي رواية عن أنس أيضا: أنّ عبد الله بن زائدة، وهو ابن أمّ مكتوم، كان يقاتل يومَ القادسيّة وعليه دِرع له حَصينة سابغة، وقال أبو ظلال: كنتُ عند أنس بن مالك فقال: متى ذهبَتْ عَيْنُك؟ قال: ذهَبتْ وأنا صغير فقال أنس: إنّ جبرائيل أتَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وعنده ابن أمّ مكتوم فقال: "متى ذهب بَصَرُك؟" قال: وأنا غلام، فقال: "قال الله تبارك وتعالى: إذا ما أخذتُ كريمة عبدي لم أجِدْ له بها جزاءً إلاّ الجنّة"(*)، وَرَوَى هشام بن عُروة، عن أبيه، عن ابن أمّ مكتوم: أنّه كان مؤذّنًا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو أعمى. وقال الحجّاج: حدّثني شيخ من أهل المدينة، عن بعض مُؤَذِّني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: كان بلال يؤذّن، ويُقيم ابن أمّ مكتوم، وربّما أذّن ابن أمّ مكتوم، وأقام بلال. وَرَوَى سالم بن عبد الله بن عمر: أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "إن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى يُنادِي ابن أمّ مكتوم"(*). قال: وكان ابن أمّ مكتوم رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. وَرَوَى نافع عن ابن عمر قال: كان يؤذّن لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بلال بن رَباح، وابن أمّ مكتوم، فكان بلال يؤذّن بليل ويُوقِظَُ الناسَ، وكان ابن أم مكتوم يتوخَّى الفَجرَ فلا يُخْطِئُه، فكان بلال يقول: كلوا واشربوا حتى يؤذّن ابنُ أمّ مكتوم. وَرُوِيَ عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال: جاء ابن أمّ مكتوم إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنّ منزلي شاسع، وأنا مكفوف البصر، وأنا أسمع الأذان، قال: "فإن سمعتَ الأذانَ فأجِبْ ولو زَحْفًا" أو قال: "ولو حَبْوًا"(*)، وَرَوَى زياد بن فيّاض عن إبراهيم قال: أتَى عمرو ابن أمّ مكتوم رسول الله فشكا قائده وقال: إنّ بيني وبين المسجد شَجَرًا فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "تسمع الإقامةَ؟" قال: نعم. فلم يُرَخّصْ له(*)، وقال جابر بن عبد الله الأنصاريّ: أمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بقتل كلاب المدينة فأتاه ابن أمّ مكتوم فقال: يا رسول الله، إنّ منزلي شاسع وأنا مكفوف البصر ولي كلب. قال: فرخّص له أيّامًا ثمّ أمره بِقَتْلِ كلبه(*)، وحدّث هشام بن عُرْوة، عن أبيه؛ قال: كان النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم جالسًا مع رجال من قريش فيهم عُتْبة بن ربيعة وناس من وجوه قريش وهو يقول لهم: "أليس حسنًا أن جئتُ بكذا وكذا؟"، فيقولون: بلى، والدماء، فجاء ابن أمّ مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله عن شيء فأعرض عنه، فأنزل الله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى} [سورة عبس: 1ـ2] يعني: ابن أمّ مكتوم: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} [سورة عبس: 5] يعني: عُتْبة وأصحابه، {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى} [سورة عبس 6، 7، 8، 9، 10]، يعني: ابن أمّ مكتوم(*)، وقال الضحّاك في قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى}: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم تصدّى لِرجل من قريش يدعوه إلى الإسلام فأقبل عبد الله ابن أمّ مكتوم الأعمى فجعل يسأل رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يُعْرِضُ عنه، ويَعْبِسُ في وجهه، ويُقْبِلُ على الآخر، وكلّما سأله عَبَسَ في وجهه وأعرض عنه فعاتب الله رسولَه فقال: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَن جَآءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}، إلى قوله: {فَـأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى}(*)، فلما نزلت هذه الآية دعاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأكرمه، وقال عبد الله بن مَعْقِل: نزل ابن أمّ مكتوم على يهوديّة بالمدينة عمّة رجلٍ من الأنصار، فكانت تُرْفِقُه وتؤذيه في الله ورسوله، فتناولها، فضربها، فقتلها، فرُفعَ إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم؛ فقال: أما والله يا رسول الله إن كانت لَتُرْفِقُني ولكنّها آذَتْني في الله ورسوله فضربتُها فقتلتها، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أبعدها الله تعالى فقد أبْطَلَتْ دَمَها"(*)، وروى زياد بن فيّاض، عن أبي عبد الرحمن؛ قال: لما نزلت: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النساء: 95]، فقال ابن أمّ مكتوم: يا ربّ ابْتَلَيْتَني فكيف أصنع؟ فنزلَتْ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: نزلَت: "لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، فقال عبد الله ابن أمّ مكتوم: أيْ رَبّ، أنْزِلْ عُذْري، أنْزِلْ عُذْري، فأنزل الله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، فجُعِلَتْ بينهما، وكان بعد ذلك يغزو فيقول: ادفعوا إليّ اللواءَ فإنّي أعمى لا أستطيع أن أفِرّ، وأقيموني بين الصفّين. ورُوِيَ عن زيد بن ثابت قال: كنتُ إلى جنب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَغَشِيته السّكينَةُ فوقَعَتْ فَخِذُه على فخذي فما وجدتُ شيئًا أثقل من فخذ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثمّ سُرِّيَ عنه فقال لي: "اكتُبْ يا زيد فكتبتُ في كَتِفٍ: لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، فقام عمرو ابن أمّ مكتوم، وكان أعمى، لما سمعَ فضيلةَ المجاهدين فقال: يا رسول الله، فكيف بمَن لا يستطيع الجهاد؟ فما انقضى كلامُه حتى غشيَتْ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم السكينةُ فوقعتْ فخذه على فخذي فوجدتُ من ثِقَلِها ما وجدتُ المَرّة الأولى ثمّ سُرِّيَ عنه فقال: "اقْرَأ يا زيد" فقَرَأتُ: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، فقال: "اكتُبْ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قال زيد: أنزلها الله وَحْدَها فكأنّي أنظر إلى مُلْحَقِها عند صَدْع الكَتِفِ(*).
رَوَى ابن أم مكتوم عن النبي صَلَََّى الله عليه وسلم، وحديثُه في كتب السنن، وَرَوَى عنه عبد الله بن شداد بن الهاد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو رزِين الأسدي، وآخرون، وَرَوَى أَبو البَخْتري الطائي عن ابن أُم مكتوم قال: خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بعد ما ارتفعت الشمس وناس عند الحجرات، فقال: "يَا أَهْلَ الْحُجُرَاتِ، سُعِّرَتِ النَّارُ، وَجَاءَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيْلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيْرًا"(*) أخرجه العقيلي في الضعفاء 3 / 121، وأبو نعيم، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 31023، 31446..
استخلفه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على المدينة ثلاثة عشرة مرّة في غزواته، منها: غزوة الأَبواء، وبُوَاط، وذُو العُشَيرة، وخروجه إِلى جهينة في طلب كرز بن جابر، وفي غزوة السويق، وغطفان، وأُحد، وحمراء الأَسد، ونَجران، وذات الرّقاع، واستخلفه حين سار إِلى بدر، ثمّ ردَّ إِليها أَبا لبابة واستخلفه عليها، واستخلف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم أَيضًا في مسيره إِلى حجّة الوداع، وقيل: استخلفه على المدينة مرّتين. قال جابر: سألتُ عامرًا: أيَؤمّ الأعمى القومَ؟ فقال: استخلف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عمرو ابن أمّ مكتوم(*). وقال محمد بن سهل بن أبي حَثْمَةَ: استخلف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على المدينة ابنَ أمّ مكتوم حين خرج في غزوة قَرْقَرَة الكُدر إلى بني سُليم وغَطَفان؛ وكان يُجَمّعُ بهم ويخطب إلى جنب المنبر، يجعل المنبر عن يساره، واستخلفه أيضًا حين خرج في غزوة بني سُليم ببُحْران ناحية الفُرْع، واستخلفه حين خرج إلى بني النضير وإلى الخندق وإلى بني قُريظة وفي غزوة بني لحْيان وغزوة الغابة وفي غزوة ذي قَرَد وفي عُمْرة الحُديبية(*)، وقيل: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة يصلّي بالنّاس في عامّة غزواته؛ قال الشّعْبيّ: غزا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ثلاث عشرة غزوة ما منها غزوة إلاّ يستخلف ابنَ أمّ مكتوم على المدينة، وكان يصلّي بهم وهو أعمى(*)، وحدَّث الشعبيّ: أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، استخلف ابن أمّ مكتوم في غزوة تبُوك يؤمّ الناس(*).
وذكر الزُّبَيْرُ بْنُ بِكَّارٍ: أن ابن أم مكتوم خرج إلى القادسية، فشهد القتال؛ واستُشْهِد هناك؛ وكان معه اللواء حينئذ، وذَكر البغوي: أنه رجع إلى المدينة بعد القادسية فمات بها، وقال الوَاقِدِيُّ: بل شهدها، ورجع إلى المدينة فمات بها، ولم يُسْمَع له بذِكْرٍ بعد عمر بن الخطاب.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال