عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن
لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة قال: اللّهم إنك أمرتني فلم أأتمر، وزجرتني فلم أنزجر، ووضع يده في موضع الغلّ، وقال: "اللّهم لا قويّ فأنتصر، ولا بريء فاعتذر، ولا مستكبر، بل مستغفر، لا إله إلا أنْتَ"، فلم يزل يردِّدها حتى مات.
وروى الشّافعي قال: دخل ابن عبّاس على عمرو بن العاص في مرضه فسلّم عليه، وقال: كيف أصبحْتَ يا أبا عبد الله؟ قال: أصلحتُ من دنياي قليلًا، وأفسدتُ من ديني كثيرًا، فلو كان الّذي أصلحت هو الذي أفسدت، والذي أفسدْتُ هو الذي أصلحت لفُزْتُ، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت؛ فصرْتُ كالمنجنيق بين السّماء والأرض، لا أرقى بيدين، ولا أهبط برجلين.
وروى يزيد بن أبي حبيب أنّ عبد الرّحمن بن شماسة قال: لما حضرَتْ عمرو بن العاص الوفاة بكى، فقال له ابنه عبد الله: لم تبكي، أجزَعًا من الموت؟ قال: لا والله؛ ولكن لما بعده، فقال له: قد كنْتَ على خير، فجعل يذكِّرُه صُحْبَةَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وفتوحه الشّام، فقال له عمرو: تركْتَ أفضل من ذلك شهادة أنْ لا إله إلا الله، إني كنت على ثلاثة أطباق ليس منها طبق إِلّا عرفت نفسي فيه، وكنت أول شيء كافرًا، فكنت أشدَّ الناس على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلو متّ يومئذ وَجَبَتْ لي النّار، فلما بايْعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كنت أشدَّ النّاس حياء منه، فما ملئتُ عيني من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حياءً منه، فلو متُّ يومئذ قال النّاس: هنيئًا لعمرو، أسلم وكان على خيرٍ، ومات على خيرِ أحواله، فترجى له الجنّة، ثم تلبست بعد ذلك بالسّلطان وأشياء، فلا أدري أعليَّ أم لي؟.