تسجيل الدخول


عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن

1 من 1
عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ

(ب د ع) عَمْرو بنُ العاص بن وائل بن هاشم بن سُعَيد بن سَهم بن عمرو بن هُصَيص ابن كعب بنُ لُؤيّ بن غَالب القُرَشي السهمي. يكنى أَبا عبد اللّه، وقيل: أَبو محمد. وأُمه النابغة بنت حرملة، سبية من بني جلاَّن بن عَتِيك بن أَسلم بن يَذكُرُ بن عَنَزَة، وأَخوه لأُمه عمرو بن أَثاثة العَدَوي، وعقبة بن نافع بن عبد قيس الفِهْري.

وسأَل رجلٌ عمرَو بن العاص عن أُمه، فقال: سلمي بنت حرملة، تلقب النابغة من بني عَنَزة، أَصابتها رماح العرب، فبيعت بعكاظ، فاشتراها الفاكه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد اللّه بن جُدْعان، ثم صارت إِلى العاص بن وائل، فولدت له، فأَنجبت، فإِن كان جُعِل لك شيء فخذه.

وهو الذي أَرسلته قريش إِلى النجاشي ليسلم إِليهمْ مَنْ عنده من المسلمين: جعفر بن أَبي طالب ومن معه، فلم يفعل، وقال له: يا عمرو، وكيف يَعزبُ عنك أَمرُ ابن عمك، فوالله إِنه لرسول الله! قال: أَنت تقول ذلك؟! إِي والله، فأَطعني. فخرج من عنده مهاجرًا إِلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فأَسلم عام خيبر ـــ وقيل: أَسلم عند النجاشي، وهاجر إِلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم.

وقيل: كان إِسلامه في صفر سنة ثمان قبل الفتح بستة أَشهر. وكان قد همّ بالانصراف إِلي النبي صَلَّى الله عليه وسلم من عند النجاشي، ثم توقف إِلى هذا الوقت، وقدم على النبي صَلَّى الله عليه وسلم هو وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة العبدري، فتقدم خالد وأَسلم وبايع، ثم تقدم عَمْرو فأَسلم وبايع على أَن يغفر له ما كان قبله، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "الْإِسْلَامُ وَالْهِجْرَةُ يَجُبُّ ما قبله"(*) أخرجه أحمد في المسند 4 / 204، 205..

ثم بعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَميرًا على سَرِية إِلى ذات السلاسل إِلى أَخوال أَبيه العاصي بن وائل، وكانت أُمه من بَلِيّ بن عمرو بن الحاف بن قُضاعة يدعوهم إِلى الإِسلام، ويستنفرهم إِلى الجهاد، فسار في ذلك الجيش وهم ثلاثمائة، فلما دخل بلادهم استمدَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأَمده:

أَنبأَنا أَبو جعفر بن أَحمد بن علي بإِسناده إِلى يونس بن بُكير، عن ابن إِسحاق قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن الحُصَين التميمي، عن غزوة ذات السلاسل من أَرض بَليٍّ وعُذْرة، قال: بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عمرو بن العاص يستنفر الأَعراب إِلى الشام، وذلك أَن أُم العاص بن وائل امرأَة من بَليّ، فبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يستألفهم بذلك، حتى إِذا كان على ماءٍ بأَرض جُذَام، يقال له السلاسل وبذلك سمت تلك الغزاة ذات السلاسل، فلما كان عليه خاف، فبعث إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يستمده، فبعث إِليه أَبا عُبَيدة بن الجراح في المهاجرين الأَوّلين، فيهم: أَبو بكر، وعمر، وقال لأَبي عبيدة: "لا تختلفا". فخرج أَبو عبيدة حتى إِذا قدم عليه قال له عمرو: إِنما جئت مددًا لي. فقال أَبو عبيدة: لا، ولكني أَنا على ما أَنا عليه، وأَنت على ما أَنت عليه ـــ وكان أَبو عبيدة رجلًا سهلًا ليّنًا هَيّنًا عليه أَمر الدنيا ـــ فقال له عمرو: بل أَنت مَدَدٌ لي. فقال أَبو عبيدة: يا عمرو، إِن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لي: "لاَ تَخْتَلِفَا" وإِنك إِن عصيتني أَطعتك. فقال له عمرو: فإِني أَمير عليك. قال: فدونك. فصلى عمرو بالناس أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 4/ 100..

واستعمله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على عُمَان، فلم يزل عليها إِلى أن توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

أَنبأَنا إِبراهيم وإِسماعيل وغيرهم بإِسنادهم إِلى أَبي عيسى الترمذي قال: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا مِشرح بن هَاعَان، عن عُقبة بن عامر قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَسْلَمُ الْنَّاسِ وَآمَنُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 645 كتاب المناقب (50) باب مناقب لعمرو بن العاص حديث رقم 3844..

قال: وحدثنا أَبو عيسى، حدثنا إِسحاق بن منصور، حدثنا أَبو أُسامة، عن نافع بن عُمَرَ الجُمَحي، عن ابن أَبي مُلَيكة قال: قال طلحة بن عبيد اللّه: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 646 كتاب المناقب (50) باب مناقب لعمرو بن العاص حديث رقم 3845..

ثم إِن عمرًا سيّره أَبو بكر أَميرًا إِلى الشام، فشهد فتوجه، وَوَلِي فلسطين لعمر بن الخطاب، ثم سيره عمر في جيش إِلى مصر، فافتتحها، ولم يزل واليًا عليها إِلى أَن مات عمر، فأَمَّره عليها عثمان أَربع سنين، أَو نحوها، ثم عزله عنها واستعمل عبد اللّه بن سَعد بن أَبي سرح. فاعتزل عمرو بفلسطين، وكان يأْتي المدينة أَحيانًا، وكان يطعُن على عثمان، فلما قتل عثمان سار إِلى معاوية وعاضده، وشهد معه صفين، ومَقامه فيها مشهور.

وهو أَحد الحكمينِ والقصة مشهورة ـــ ثم سيره معاوية إِلى مصر فاستنقذها من يد محمد بن أَبي بكر، وهو عاملٌ لعلي عليها، واستعمله معاوية عليها إِلى أَن مات سنة ثلاث أَربعين، وقيل: سنة سبع وأَربعين، وقيل: سنة ثمان وأَربعين، وقيل: سنة إِحدى وخمسين، والأَوّل أَصح.

وكان يخضِبُ بالسواد، وكان من شجعان العرب وأَبطالهم ودُهاتهم، وكان موته بمصر ليلة عيد الفطر، فصلى عليه ابنه عبد اللّه، ودفن بالمقطم، ثم صَلَّى العيد، وولي بعده ابنه، ثم عزله معاوية واستعمل بعده أَخاه عتبة بن أَبي سفيان.

ولعمرو شعر حسن، فمنه ما يخاطب به عمارة بن الوليد عند النجاشي، وكان بينهما شر قد ذكرناه في "الكامل" في التاريخ: [الطويل]

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَتْرُكْ طَعَامًا يُحِبُّهُ وَلَمْ يَنْهَ قَلْبًا غَاويًا حَيْثُ يَمَّمَـا

قَضَى وَطَرًا مِنْهُ وَغَادَرَ سُبَّـةً إِذَا ذُكِرَتْ أَمثَالُها تَملأُ الفَمَــا

ولما حضرته الوفاة قال: اللهم إِنك أَمرتني فلم أَئتمر، وزجرتني فلم أَنزجر ـــ ووضع يده على موضع الغل وقال: "اللهم لا قويّ فانتصر، ولا بريءَ فأَعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إِله إِلا أَنت" فلم يزل يرددها حتى مات.

وروى يزيد بن أَبي حبيب أَن عبد الرحمن بن شُمَاسة حدّثه قال: لما حضرت عمرو ابن العاص الوفاة بكى فقال ابنه عبد اللّه: لم تبكي، أَجزعًا من الموت؟ قال: لا والله، ولكن لِما بعد الموت. فقال له: كنت على خير. وجعل يذكر صحبتَه لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وفتوحه الشام ومصر، فقال عمرو: تركت أَفضل من ذلك، شهادة أَن لا إِله إِلا الله، إِني كنت على أَطباق ثلاث، كنت أَوّل شيءٍ كافرًا فكنت أَشدَّ الناس على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلو مِتُّ حينئذ وجبت لي النار، فلما بايعت رسول الله كنت أَشد الناس حياء منه، فلو مِتُّ لقال الناس: هنيئًا لعمرو، أَسلم، وكان على خير، ومات فترجى له الجنة. ثم تلبَّستُ بالسلطان وأَشياءَ، فلا أَدري أَعليَّ أَم لي، فإِذا مت فلا تبكينَّ عليّ باكية، ولا تتبعني نائحة ولا نار، وشدوا عليّ إِزاري، فإِني مخاصم وسُنُّوا عليَّ التراب، فإِن جنبي الأَيمن ليس بأَحق بالتراب من جنبي الأَيسر، ولا تجعلن في قبري خَشَبَةً ولا حجرًا، وإِذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جَزُور وتقطيعه، أَستأْنس بكم، وأَنظر ماذا أُوَامر رُسُل ربي.

روى عنه ابنه عبد اللّه، وأَبو عثمان النهدي، وقَبيصة بن ذؤَيب، وغيرهم.

أَنبأَنا أَبو الفضل بن أَحمد الخطيب، أَنبأَنا أَبو محمد السراج، أَنبأَنا أَبو القاسم عبيد اللّه ابن عمر بن أَحمد بن عثمان بن شاهين، أَنبأَنا أَبو محمد عبد اللّه بن إِبراهيم بن أَيوب بن ماسي البزاز، حدثنا محمد بن عثمان ـــ هو ابن أَبي شيبة حدثنا مصعب بن عبد اللّه الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا يزيد بن الهاد، عن محمد بن إِبراهيم التميمي، عن بُسر بن سعيد، عن أَبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 9/ 133 ومسلم في الصحيح 3/ 1342 كتاب الأقضية باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ حديث رقم (15/ 1716) وأبو داود في السنن 2/ 323 كتاب الأقضية باب في القاضي يخطئ حديث رقم 3574 والنسائي في السنن 8/ 224 كتاب آداب القضاة (49) باب الإصابة في الحكم (3) حديث رقم 5381 وابن ماجه في السنن 2/ 776 كتاب الأحكام (13) باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق (3) حديث رقم 2314، وأحمد في المسند 4/ 204 والبيهقي في السنن الكبري 10/ 118، 119.. قال: فحدثت بهذا الحديث أَبا بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم فقال: هكذا حدثني أَبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أَبي هريرة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم بمثله.

وكان عمرو قصيرًا.
(< جـ4/ص 232>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال