تسجيل الدخول


أم حبيبة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشية الأموية

1 من 3
رملة بنت أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية، زوج النبي صَلَّى الله عليه وسلم، تكنى أم حبيبة، وهي بها أشهر من اسمها، وقيل: بل اسمها هند ورملة أصحُّ، أمها صفية بنت أبي العاص بن أمية.

ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عامًا، تزوَّجها حليفهم عبيد الله، بالتصغير، بن جَحْش بن رئاب بن يعمر الأسدي، من بني أسد بن خزيمة، فأسلما، ثم هاجرا إلى الحبشة، فولدت له حبيبة فبها كانت تُكنى. وقيل: إنما ولدتها بمكة وهاجرت وهي حامل بها إلى الحبشة.

وقيل: ولدتها بالحبشة وتزوج حبيبة داود بن عروة بن مسعود، ولما تنصر زوجها عبيد الله بن جحش، وارتد عن الإسلام فارقها.

فأخرج ابْنُ سَعْدٍ من طريق إسماعيل بن عمرو بن سعيد الأموي؛ قال: قالت أم حبيبة: رأيتُ في المنام كأنَّ زوجي عبيد الله بن جحش بأسوأ صورة، ففزعت فأصبحت فإذا به قد تنصر، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به وأكبَّ على الخمر حتى مات. فأتاني آتٍ في نومي، فقال: يا أم المؤمنين؛ ففزعتُ فما هو إلا أن انقضَتْ عدتي، فما شعرتُ إلا برسول النجاشي يستأذنُ، فإذا هي جارية له يقال لها أبرهة؛ فقالت: إن الملك يقول لك: وكلي من يزوجك. فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص بن أمية فوكلته، فأعطيت أبرهة سوارين من فضة، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه وتشهد، ثم قال: أما بعد فإن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة فأجَبْت، وقد أصدقتُها عنه أربعمائة دينار، ثم سكب الدنانير، فخطب خالد؛ فقال: قد أجبت إلى ما دعا إليه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وزوجته أم حبيبة، وقبض الدنانير، وعمل لهم النجاشي طعامًا، فأكلوا.

قالت أم حبيبة: فلما وصل إليّ المال أعطيت أبرهة منه خمسين دينارًا؛ قالت: فردَّتها علي، وقالت: إن الملك عزم علي بذلك، وردَّت على ما كنت أعطيتُها أولًا، ثم جاءتني من الغد بعود وورس وعنبر وزباد كثير، فقدمت به معي على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

وروى ابْنُ سَعْدٍ أن ذلك كان سنة سبع، وقيل كان سنة ست، والأول أشهر.

ومن طريق الزهري أنَّ الرسول إلى النجاشي بعث بها مع شرحبيل [[ابن]] حسنة. ومن طريق أخرى أن الرسول إلى النجاشي بذلك كان عمرو بن أمية الضمري.

وحكى ابْنُ عَبْدِ البَرِّ أن الذي عقد لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عليها عثمان بن عفان. ومن طريق عبد الواحد بن أبي عون، قال: لما بلغ أبا سفيان أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم نكح ابنته قال: هو الفحل لا يقدع أنفه.(*)

وذكر الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بسند له عن إسماعيل بن عمرو بن أمية، عن أم حبيبة نحو ما تقدم، وقيل نزلت في ذلك: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}[الممتحنة: 7]، وهذا بعيد؛ فإن ثبت فيكون العقد عليها كان قبل الهجرة إلى المدينة، أو يكون عثمان جدده بعد أن قدمت المدينة؛ وعلى ذلك يحمل قول من قال: إن النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم إنما تزوجها بعد أن قدمت المدينة؛ روى ذلك عن قتادة؛ قال: وعمل لهم عثمان وليمة لحم، وكذا حكى عن عقيل، عن الزهري؛ وفيما ذكر عن قتادة ردٌّ على دعوى ابن حزم الإجماع على أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم إنما تزوَّج أم حبيبة وهي بالحبشة، وقد تبعه على ذلك جماعةٌ آخرهم أبو الحسن بن الأثير في أسد الغابة؛ فقال: لا اختلاف بين أهل السير في ذلك، إلا ما وقع عند مسلم أن أبا سفيان لما أسلم طلب منه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يزوِّجه إياها، فأجابه إلى ذلك. وهو وهم من بعض الرواة، وفي جزمه بكونه وهمًا نظر؛ فقد أجاب بعضُ الأئمة باحتمال أن يكون أبو سفيان أراد تجديد العقد، نعم، لا خلاف أنه صَلَّى الله عليه وسلم دخل على أم حبيبة قبل إسلام أبي سفيان.(*)

وقال ابْنُ سَعْدٍ: أخبرنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن عبد الله، عن الزهري؛ قال: قدم أبو سفيان المدينة، فأراد أن يزيد في الهدنة، فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم طوته دونه، فقال: يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراشُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأنت امرؤ نجس مشرك، فقال: لقد أصابك بعدي شَرّ.

أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أخبرنا عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد بن أبي عون؛ قال: لما بلغ أبا سفيان بن حرب نكاحُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم ابنته قال: ذلك الفحل لا يقدع أنفه.(*)

روَت أم حبيبة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أحاديث. وعن زينب بنت جحش أم المؤمنين.

روت عنها بنتها حبيبة، وأخواها: معاوية، وعتبة، وابن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان، وأبو سفيان بن سعيد بن المغيرة بن الأخنس الثقفي، وهو ابن أختها، ومولياها: سالم بن سوال، وأبو الجراح، وصفية بنت شيبة، وزينب بنت أم سلمة، وعروة ابن الزبير، وأبو صالح السمان، وآخرون.

وأخرج ابْنُ سَعْدٍ، من طريق عوف بن الحارث، عن عائشة؛ قالت: دعتني أم حبيبة عند موتها؛ فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فتحللينني من ذلك فحللتها، واستغفرت لها فقالت لي: سررتني سرَّكِ الله، وأرسلت إلى أم سلمة بمثل ذلك، وماتت بالمدينة سنة أربع وأربعين، جزم بذلك ابن سعد، وأبو عبيد. وقال ابن حبان، وابن قانع: سنة اثنتين. وقال ابن أبي خيثمة: سنة تسع وخمسين، وهو بعيد. والله أعلم.
(< جـ8/ص 140>)
2 من 3
3 من 3
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال