أول خليفة كان في الإسلام
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي
ذكر ابن الأثير في كتاب "أسد الغابة" أنَّ عبد الله بن عثمان ــ أبا بكر الصديق ــ استخلفه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على أمّته من بعده، بما أظهر من الدّلائل البيِّنة على محبته في ذلك، وبالتعريض الذي يقوم مقام التّصريح، ولم يصرِّحْ بذلك لأنه لم يؤمَر فيه بشيء، وكان لا يصنع شيئًا في دين الله إلَّا بوَحي، والخلافةُ ركنٌ من أركانِ الدّين.
روى محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: أتت امرأةٌ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فسألته عن شيء، فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله، أرأيت إن جئتُ فلم أجدِك؟ ــ تعني: الموت، فقال لها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِنْ لَمْ تَجِدِيني فَأْتِي أَبَا بَكْر"(*). قال الشّافعي: في هذا الحديث دليلٌ على أَنَّ الخليفةَ بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أبو بكر.
وروى عبد الله ابن زَمْعة بن الأسود، قال: كنت عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو عليل، فدعاه بِلالٌ إلى الصّلاة، فقال لنا: "مُرُوا مَنْ يُصَلِّيِ بِالنَّاسِ". قال: فخرجْتُ فإذا عمر في النّاس، وكان أبو بكر غائبًا، فقلت: قم يا عمر، فصلِّ بالنّاس، فقام عمر، فلما كبَّر سمع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم صَوْتَه؛ وكان مجهرًا، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ". فبعث إلى أبي بكر، فجاءه بعد أن صلَّى عمر تلك الصّلاة، فصلَّى بالنّاس طولَ عِلَّتِه حتى قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم(*).
وروى حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "اقْتَدُوا بِالّلذَيْن مِنْ بَعدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهدي عَمَّارٍ، وَتَمَسّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمَّ عَبْدٍ"(*).
وروى عبد الله بن مسعود، قال: كان رجوع الأنصار يوم سَقيفة بني ساعدة بكلامٍ قاله عمر بن الخطّاب: أَنشدتكم الله، هل تعلمون أَنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَمر أَبا بكر أَن يُصَليَ بالنّاس؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فأيكم تطيب نفسه أَنْ يُزيله عن مقامٍ أَقامه فيه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فقالوا: كلُّنا لا تطيب نفسُه، ونستغفر الله(*).
وروى عبد الرّحمن بن يزيد، قال: قال عبد الله بن مسعود: اجعلوا إمامكم خيركم، فإنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم جعل إِمامنا خَيْرَنا بعده. وروى قيس بن عبادة، قال: قال لي عليّ بن أبي طالب: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مرض ليالي وأيامًا ينادي بالصّلاة فيقول: "مُرُوا أَبا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ"، فلما قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم نظرت فإذا الصّلاة عَلَم الإسلام، وقوام الدّين، فرضينا لدنيانا مَنْ رضي رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم لديننا، فبايعنا أبا بكر(*).
وكان أبو بكر يقول: أَنا خليفة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكذلك كان يُدْعى: يا خليفةَ رسول الله.
روى ابن أبي مليكة، قال: قال رجل لأبي بكر: يا خليفة الله، قال: لست بخليفة الله، ولكني أنا خليفة رسول الله، وأنا راضٍ بذلك.