تسجيل الدخول


خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمير بن مخزوم

في الصَّحيحين عن أبي هريرة في قصة الصّدقَة، فقال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "إن خالدًا احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله"(*).
وروى أبو وائِل أن خالد بن الوليد كتب: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، "من خالد بن الوليد إلى رستم، ومهران، وَمِلاَءِ فارس: سلامٌ على من اتَّبَعَ الهُدَى، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هُوَ، أما بعد: فإني أَعْرِضُ عليكم الإسلامَ، فإن أَقْرَرْتُمَا به فلكما ما لأهل الإسلام، وعليكما ما على أهل الإسلام، وإن أَبَيْتُما فإني أعرض عليكما الجزية، فإن أقررتما بالجزية فلكما ما لأهل الجزية، وعليكما ما على أهل الجزية، وإن أَبَيْتُما فإِنّ عندي رجالًا يُحِبّون القتالَ كما تُحِبُّ فارسُ الخَمْرَ، ولما أخذَ خالدُ بن الوليدِ اللواءَ يوم مؤتة انكشفَ الناسُ منهزمين؛ قال أبو سعيدِ الخُدْرِيّ في حديثه: فلما سمع أهل المدينة بجيش مُؤْتَةَ قادمين تلقّوهم بالجُرْفِ، فجعلَ الناسُ يَحثُون في وجوههم التراب ويقولون: يا فُرّار، أَفَررتم في سبيل الله؟ فيقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ليسوا بفُرّار، ولكنهم كُرَّار إن شاء الله!"(*).
وروى محمد بن عمر قال: وأمرَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خالدَ بن الوليد يوم فتح مكة أن يدخل من اللِّيط فدخل فوجد جمعًا من قريش وأحابيشها، فيهم صَفوان بن أُمية، وعِكْرمةُ بن أبي جهل، وسُهيل بن عَمْرو، فمنعُوه الدخول وشهرُوا السلاح، ورموا بالنبل، وقالوا: لا تدخلها عَنوةً أبدًا! فصاحَ خالدُ في أصحابه وقاتلهم، فقتل منهم أربعةً وعشرين رجلًا؛ عشرونَ منهم من قريش، وأربعةٌ من هُذَيل، وانهزموا أقبح انهزام حتى قُتلوا بالحَزْوَرَة وهم مُوَلَّون في كل وجهٍ، ولما ظهر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على ثنيةِ أَذاخِر نظرَ إلى البارِقةِ فقال: "ما هذه البارقة، ألم أَنْه عن القتال؟" قيل: يا رسول الله، خالدُ بن الوليد قُوتل فقَاتل، ولو لم يُقاتَل ما قَاتل! فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "قضاء الله خير!" قال: وجعل خالد بن الوليد وهو يُقاتل خارجة بن خُوَيْلِد الكعبي يومئذٍ يتمثل بأبيات:
إِذَا مَا رسُولُ اللهِ فِينَا
رَأََيَْتَنا كَلُجَّةِ بَحْرٍ نال فيها سَرِيرُها
إذا ما ارتدينا الفارسِيّةَ فوقَها رُدَيْنِيّةٌ يَهدِي الأصم خَرِيرُها
إذا ماارتديناها
فإن محمدًا لها ناصرٌ عَزَّتْ وعَزَّ نصيرُها
وقال سعيد بن عمرو الهُذلي: لما فتح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مكة بَثَّ السرايا، فبعثَ خالد بن الوليد إلى العُزّي يهدمها، فخرج خالد في ثلاثين فارسًا من أصحابه، فلما انتهى إليها جَرَّد سيفهُ، فخرجت إليه امرأةٌ سوداء، عُريانةٌ، ناشرةُ الرأس قال: وأخذني اقْشِعرَارٌ في ظهري، وجعل السادِنُ يصيحُ بها:
أَعُزَّايَ شُدِّى شَــــــدَّةً لا تُكَذِّبي على خالد أَلْقِي القناعَ وَشَمِّرِي
أَعُزَّايَ إن لم تَقْتُلي المرءَ خالــــدًا فَبُوئِي بذنب عاجـــلٍ أَوْ تَنَصَّرِي
وأقبل خالد بالسيف إليها، وهو يقول:
يا عُزَّ كُفْرانَكِ لاَ سُبْحانَكِ إني وجدت اللهَ قَدْ أَهَانَكِ
فضربها بالسيف فَجزَّلها باثنين، ثم رجع إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: "نعم، تلك العُزَّى، وقد آيَسَت أن تُعْبَدَ ببلادكم أبدًا"(*)، وقال أبو جَعفر: لما رجع خالد بن الوليد من هَدْم العُزَّى إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو مقيم بمكة، بعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى بني جَذِيمَةَ وهم من كِنَانَة، وكانوا بأسفل مكة على ليلةٍ أو أقل ناحيةَ يَلَمْلَمَ بموضعٍ يُقال له: الغُمَيْصَاء، فبعثه داعيًا لهم إلى الإسلام ولم يبعثهُ مقاتلًا، فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلًا من المهاجرين والأنصار وَبَنيِ سُلَيم، فانتهى إليهم فقالوا: نحن قومٌ مسلمون وقد صَلَّيْنا، وَصَدَّقْنا بمحمد، وبنينا المساجدَ، وأذَّنا فيها، قال: فما بال السلاح عليكم؟ قالوا: إن بيننا وبين قومٍ من العرب عداوةً، فخفنا أن تكونوا هم، فأخذنا السلاح، قال: فَضَعُوا السلاحَ! فوضع القوم السلاح فأوقع بهم، وبلغ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الخبر، فبعث عَلِيَّ بنَ أبي طالب فَودَى ما أصابَ خالد منهم(*)، وقال عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن: ما عَتَبَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على خالدٍ فيما صنع ببني جَذِيمَةَ؛ لأنهم إنما ادَّعوا الإسلام بعدَ الذي صَنَعَ بهم، ولقد كان المقُدَّمَ عنده حتى مات، ولقد خرج بعد ذلك معه إلى حُنَينْ على مُقدِّمته وإلى تَبُوك، وبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مِنْ تَبُوك إلى أُكْيَدْرِ دُوَمة الجَنْدَل فسَبَى من سَبَى ثم صالحهم، ولقد بعثَهُ إلى بني الحارث بن كعب بنجران في شهر ربيع الأول سنة عشرٍ أميرًا وداعيًا إلى اللهِ، فخرج في أربعمائة من المسلمين، فقدِمَ عليهم فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا ولم يقاتلوا، وكتبَ بذلك إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مع بلال بن الحارث المُزني، فكتب إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يقدم عليه هو وَوَفْدُ بَنِي الحارث بن كعب، فقدموا معهُ فأنزلهم خالدٌ عليه في منزله وأكرمهم، وقال عوف بن مالك الأشجَعِيّ: خرجت مع مَن خرج مع زَيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مُؤْتَةَ، وَرَافَقَني مَدَدِيّ من اليمن ليس معه شيء غير سيفه، فَنَحَرَ رجلٌ من المسلمين جَزُورًا، فسأله المَددِيّ طائفة من جلده، فأعطاه إياه، فاتخذه كهيئة الدّرق، ومضينا فلقينا جُموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرجٌ مُذْهَبٌ، وسلاحٌ مُذْهَبٌ فجعل الروميّ يَفْرِي بالمسلمين، وقعد له المَدَدِيّ خَلْفَ صخرةٍ فَمرّ به الروميّ فَعَرْقَبَ فرسَه، فخَرَّ وعلاه بالسيف فقتله، وحاز فَرسَهُ وسِلاَحَه، فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد، فأخذ منه السَّلَب، قال عوفٌ: فأتيتهُ فقلت: يا خالد، أما عَلمتَ أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قضى بالسَّلَب للقاتل؟ قال: بَلَى، ولكني استكثرته، فقلت: لَتَرُدَّنَّهُ إليه أو لَأُعَرِّفَنَّنكُمَا عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأبى أن يردّ عليه، قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله فقصصنا عليه قِصَّةَ المَدَدِيّ وما فعل خالد: فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يا خالد، ما حَمَلكَ على ما صنَعْتَ؟" فقال: يا رسول الله استكثرتُه، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يا خالد رُدَّ عليه ما أخذتَ"، قال عوف: فقلت: دونك يا خالد، أَلَمْ أَفِ لك؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟" فأخبرته فغضب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقال: "يا خالد، لا تردّه عليه، هل أنتم تاركون لي أُمَرائي؟ لكم صفوةُ أمرِهم، وعليهم كدره"(*).
وقال إبراهيم بن يحيى بن زيد بن ثابت: لما كان يوم مُؤتةَ وقُتل الأمراء أخذ اللواءَ ثابت بن أقرم وجعل يصيح: يَا لَلْأَنْصار، فجعل الناس يثوبون إليه، فنظر إلى خالد بن الوليد فقال: خُذِ اللواءَ يا أبا سليمان، قال: لا آخذه، أنت أحق به، لك سِنٌ وقد شهدتَ بدرًا، قال ثابت: خذْهُ أيها الرّجُلُ، فواللهِ ما أخذتهُ إلا لك! وقال ثابت للناسِ: آصطلحتم على خالدٍ؟ قالوا: نعم فأخذ خالد اللواءَ فحملهُ ساعةً، وجعلَ المسلمونَ يحملون عليه، فثبتَ حتى تكَركَرَ المشركون، وحمل بأصحابه فَفَضَّ جَمعًا من جمعهم، ثم دهمه منهم بشرٌ كثيرٌ فانحاشَ بالمسلمين فانكشفوا راجعين.
وثبت في الصّحيح عن عبد الله بن الحارث بن الفُضَيل، عن أبيه قال: لما أخذ خالد بن الوليد الراية قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "الآن حَمى الوطيسُ!"(*)، وخطب النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم فأعلم الناس بذلك.
وفي البُخَارِيُّ عن خالد بن الوليد قال: لقد اندقَّ في يدي يوم مؤتة تسعةُ أسياف، فما صبرت معي إلا صفيحة يمانية. وشهد حنينًا.
وروى أنس، وعمرو بن أبي سلمة أن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم بعث خالد إلى أكيدر دُومة فأخذوه فأتَوْا به، فحقن له دمه، وصالحه على الجزية.
وكان خالد من فرسان قريش وأشدّائهم، وشهد مع المشركين بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وقال العَيْزَار بن حُرَيْث: كان خالد بن الوليد يقول: ما أدري من أيّ يومَيّ أفِرُّ؟ يومٍ أراد الله أن يهْدِيَ لي فيه شهادةً، أو من يوم أراد الله أن يهدي لي فيه كَرامَةً.
وروى عاصم بن كُلَيْب قال: سمعتُ شَيْخَيْنِ في المسجد ممّن سمع خالد بن الوليد، قال أحدهما لصاحبه: أتذكر ما لقينا يوم الكُمَّةِ بِسُبَاطة الحيرَة؟ قال: نعم ما لقينا يومًا أشد منه، وقعت كُمَّةُ خالد بن الوليد فقال: التمسوها وغضب فوجدناها، فوضعها على رأسه ثم اعتذر إلينا فقال: لا تلوموني؛ فإن نبيّ الله صَلَّى الله عليه وسلم حين حَلَقَ رأسه انْتَهَبْنا شَعْرَهُ فوقعت ناصيتُه بيدي، فجعلتها ناصيةً لي في هذه الخِرْقَة، فإنما شَقَّ عَلَيَّ حين وَقَعَتْ(*).
ولما ارتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ من العرب وامتنعوا من الصَّدَقَة شَاوَرَ أبو بكر الصّدّيق في غَزْوِهِم وقِتَالهم، فأجمعَ البِعثَةَ إليهم، وخرَج هو نفسهُ إلى قَنَاة فَعَسْكَرَ بها، وأظهر أنه يريد غَزْوَهُم بنفسهِ ليبَلُغَهُم ذلك فيكون أَهيب لهم، ثم سَارَ من قَنَاة في مائة من المهاجرين، وخالد بن الوليد يحمل لواءهُ حتى نزل بَقْعَاء، وهو ذو القَصَّة وأراد أن يتلاحق به الناس ويكون أسرَعَ لمروجهم، فلما تلاحقوا به استعمل خالدَ بنَ الوليد عليهم، وأمرَهُ أن يسير إلى أهلِ الرِّدَّةِ فيقاتلهم على خمس خصالٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإِقَامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاة، وصيام شَهرِ رمضانَ، ورجع أبو بكر إلى المدينة، ومضَى خالد بن الوليد ومعه أهل السابقة من المهاجرين والأنصار، فأَوْقَعَ بأهل الرِّدَّةِ من بني تميم وغيرهم بالبِطَاحِ، وقَتَلَ مالِكَ بن نُوَيْرة، ثم أوقع بأهلِ بُزَاخَةَ وحَرَّقَهُم بالنار، وذلك أنه بلغه عنهم مقالةٌ سَيِّئةٌ، شَتَموا النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم، وثَبَتوا على رِدَّتهم، ثم مَضَى إلى اليَمَامَةِ فقاتلَ بها مُسَيْلِمَةَ، وبَنيِ حَنِيفَة حتى قَتَلَ مُسَيْلِمَةَ، وصالَحَ خالدُ أهل َ اليمامةِ على الصفراءِ، والحَلْقَة،ِ والكُرَاعِ، وَنصفِ السَّبْيِ، وكتب إلى أبي بكر: إِنـِّي لم أصالحهم حتى قُتِل من كنتُ أَقوى به، وحتى عَجِفَ الكُراعُ، ونُهِكَ الخُفُّ، ونُهِكَ المسلمون بالقتل والجراحِ، وقدمَ خالدُ بن الوليد المدينةَ من اليمامة ومعهُ سبعة عشر رجلًا من وَفْدِ بَنِي حَنِيفةَ؛ فيهم مُجَّاعَةُ بن مُرَارَةَ وإخوتُهُ، فلما دخل خالد بن الوليد المدينة دخل المسجد وعليه قَبَاءٌ، عليه صَدَأُ الحديد، مُتَقَلِّدًا السيفَ مُعتمًّا في عمامته أَسْهُمٌ، فمرَّ بعمر فلم يكلِّمه ودخل على أبي بكرٍ، فرأى منه كُلَّ ما يُجِبّ، فخرج مسرورًا.
وفي رواية: أن أبا بكر كتبَ إلى خالد بن الوليد حين فرغ من أهل اليمامة أن يسير إلى العراق، فخرج خالد من اليمامة فسار حتى أَتَى الحِيرَةَ فنزل بِخَفَّانِ ــ والمرزُبَان بالحِيرَةِ مَلِكٌ كان لكسرى، مَلَّكَهُ حين مات النُّعمان بن المُنْذِر ــ فتلقاهُ بنو قَبيصَةَ وبنو ثَعْلَبةَ، وعبد المسيح بن حَيَّان بن بُقَيْلَةَ، فصالحَوه عن الحِيرَةِ وأعطوهُ الجزيةَ مائةَ ألف درهم، على أن يَتَنَحَّى إلى السَّوَاد ففعل، وصالحَهم وكتب لهم كتابًا، وكانت أولَ جزية في الإسلام ثم سار خالد إلى عَيْن التَّمر فدعاهم إلى الإسلام فأَبَوْا، فقاتَلَهم قتالًا شديدًا فظفَّرهُ الله بهم، فقتل وسَبَى وبعث بالسَّبْي إلى أبي بكر الصديق، ثم نزل بأهل أُلَّيْس: وهي قرية أسفل الفرات، فصالحَهم، وكان الذي وَلِيَ صُلْحَه هانئ بن جابر الطائِيّ على ثمانين ألف درهم، ثم سار فنزل بِبَانِقْيَا على شاطيء الفُرَاتِ، فقاتلوه ليلةً حتى الصباح ثم طَلبوا الصُّلح فصالحهم، وكَتَبَ لهم كتابًا، وصالح صَلُوبَا بن بَصْبَهْرَي، ومنزله بشاطىء الفرات على جزية ألف درهم، ثم كتَب إليه أبو بكر يأمره بالمسير إلى الشام، وكَتب إليه: إِنـِّي قد استملتك على جُندك، وعَهدتُ إليك عهدًا تقرأهُ وتعمل بما فيه، فَسِر إلى الشام حتى يوافيك كتابي فقال خالد: هذا عمل عمر بن الخطاب حَسَدَني أن يكون فتح العراق على يدي، فاستخلفَ المُثَنَّى بن حارثة الشيباني مكانَهُ، وسَارَ بالأَدِلاّء حتى نزل دُومَةَ الجَنْدَل، فوافاهُ كتابُ أبي بكرٍ وعَهدُهُ مع شَرِيك بن عَبَدَةَ العَجْلاني، فكان أحدُ الأمراءِ بالشأم خلافة أبي بكر، وفتح بها فتوحًا كثيرة، وهو الذي ولي صلحَ دمشق، وكتب لهم كتابا فأنفذوا ذلك له، فلما تُوفي أبو بكر وَوَليَ عمرُ بن الخطاب عزل خالدًا عما كان عليه، وولّى أبا عُبيدة بن الجَرَّاح، فلم يزل خالدُ مع أبي عُبيدة في جُنده يغزو.
وروى وَحشيّ، عن أبيه، عن جده أنّ أبا بكر عقد لخالد بن الوليد على قتال أهل الردّة، فقال: إني سمعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "نِعْمَ عَبْدُ اللهِ وَأَخو العَشِيرةِ خَالِدُ بْنُ الوَليدِ، سَيْفٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ سلَّه الله علَى الكُفَّارِ"(*).
وقال خالد بن الوليد عند موته: ما كان في الأرض ليلة أحَبَّ إليّ من ليلةٍ شديدة الجَلِيدِ، في سَرِيَّةٍ من المهاجرين أُصَبِّحُ بهم العَدُوّ فعليكم بالجهاد.
ولما حضَرتْ خالدَ بن الوليد الوفاةُ قال:‏ لقد شهدْتُ مائةَ زَحْفٍ أو زُهَاءَها، وما في جسدي موضع شِبْرٍ إِلّا وفيه ضَرْبةٌ، أو طَعْنة، أو رَمْية، ثم هأَنَذَا أموتُ على فراشي كما يموتُ العَيْر، فلا نامت أعينُ الجبناء، ولما وصل خبر وفاة خالد إلى عمر استرجع مِرَارًا ونكس، وأكثر التَّرَحُّمَ عليه، وقال: كان والله سَدَّادًا لنحورِ العدوّ، ميمون النقيبةِ.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال