تسجيل الدخول


خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمير بن مخزوم

1 من 1
خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ

(ب دع) خَالِدُ بن الوَليد بن المُغِيرة بن عبد اللّه بن عُمَر بن مَخْزوم، أبو سليمان، وقيل: أبو الوليد، القرشي المخزومي، أمه لبابة الصغرى، وقيل: الكبرى، والأول أصح، وهي بنت الحارث بن حزن الهلالية، وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وأخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب عم النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وهو ابن خالة أولاد العباس الذين من لبابة.

وكان أحد أشراف قريش في الجاهلية، وكان إليه القبة وأعنة الخيل في الجاهلية؛ أما القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش، وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدم على خيول قريش في الحرب؛ قاله الزبير بن بكار.

ولما أراد الإسلام قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم هو وعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدري، فلما رآهم رسول لله صَلَّى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "رَمَتْكُمْ مَكَّةُ بِأَفْلَاذٍ كَبِدِهَا".(*)

وقد اختلف في وقت إسلامه وهجرته، فقيل: هاجر بعد الحديبية وقبل خيبر، وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست، وخيبر بعدها في المحرم سنة سبع، وقيل: بل كان إسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من بني قريظة، وليس بشيء. وقيل: كان إسلامه سنة ثمان، وقال بعضهم: كان على خيل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم الحديبية؛ وكانت الحديبية سنة ست، وهذا القول مردود؛ فإن الصحيح أن خالد بن الوليد كان على خيل المشركين يوم الحديبية.

أخبرنا أبو جعفر عبيد اللّه بن أحمد بن علي البغدادي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني الزهري، عن عروة، عن مروان بن الحكم والمسوَّر بن مخرمة حدثاه جميعًا: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خرج يريد زيارة البيت لا يريد حربًا، وساق معه الهدي سبعين بدنة، فسار رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى إذا انتهى إلى عُسْفان لقيه بُسْر بن سفيان الكعبي، كعب خزاعة، قال: يا رسول الله، هذه قريش قد سمعوا بمسيرك فخرجوا بالعُوْذِ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور، يعاهدون الله أن لا تدخل عليهم مكة عنوة أبدًا، وهذا هو خالد بن الوليد في خيل قريش قد قدموه إلى كُراع الغَمِيم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يَا وَيْحَ قُرَيشٍ، قَدْ أَكَلَتْهَا الحَرْبُ"(*) أخرجه أحمد في المسند 4/ 323 وذكره المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 11307.. وذكر الحديث فهذا صحيح، يقول فيه: أنه كان على خيل قريش.

أخبرنا إسماعيل بن عبد اللّه بن علي وغيره، قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى، أخبرنا قتيبة، حدثنا الليث، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي هريرة، قال: نزلنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم منزلًا فجعل الناس يمرون، فيقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "مَنْ هَذَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ"؟ فأقول: فلان، فيقول: "نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا"، حتى مر خالد بن الوليد، فقال: "مَنْ هَذَا"؟ قلت: خالد بن الوليد، فقال: "نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ خَالِدُ ابْنُ الوَلِيدِ، سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ الله" (*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 646 كتاب المناقب (50) باب مناقب لخالد بن الوليد رضي الله عنه (50) حديث رقم 3846 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وذكره التبريزي في مشكاة المصابيح حديث رقم 6253 والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 37023.. ولعل هذا القول كان بعد غزوة مؤتة، فإن النبي صَلَّى الله عليه وسلم إنما سمى خالدًا سيفًا من سيوف الله فيها، فإنه خطب الناس وأعلمهم بقتل زيد وجعفر وابن رواحة، وقال: ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد، ففتح الله عليه، وقال خالد: لقد اندق يومئذ في يدي سبعة أسياف فما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية، ولم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أعِنَّة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فتح مكة فأبلى، فيها وبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى "العُزَّى" وكان بيتًا عظيمًا لمضر تبجله فهدمها، وقال: [الرجز]

ياعُزُّ كُفْرانَكِ لَا سُبْحَانَـكِ إِنِّي رَأَيْتُ الله قَـْد أَهَانَـكِ

ولا يصح لخالد مشهد مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قبل فتح مكة، ولما فتح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مكة بعثه إلى بني جَذِيمة من بني عامر بن لؤي، فقتل منهم من لم يَجُز له قتله، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ" (*)أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 122، 5/ 203، 8/ 92، 9/ 92 والنسائي في السنن 8/ 237 كتاب آداب القضاة (49) باب الرد على الحاكم إذا قضى بغير الحق حديث رقم 5405 وأحمد في المسند 2/ 151، والبيهقي في السنن 9/ 115 وعبد الرزاق في المصنف حديث رقم 9435، 18721 والبيهقي في دلائل النبوة 5/ 114، وذكره التبريزي في مشكاة المصابيح حديث رقم 3976..

فأرسل مالًا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فَودَى القتلى، وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم، حتى ثمن مِيْلَغَة الكلب، وفضل معه فضلة من المال فقسمها فيهم، فلما أخبر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بذلك استحسنه، ولما رجع خالد بن الوليد من بني جذيمة أنكر عليه عبد الرحمن بن عوف ذلك، وجرى بينهما كلام، فسب خالد عبد الرحمن بن عوف، فغضب النبي صَلَّى الله عليه وسلم وقال لخالد: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصيفَهُ" (*) أخرجه البخاري في الصحيح 5/ 10، ومسلم في الصحيح 4/ 1967 كتاب فضائل الصحابة (44) باب تحريم سب الصحابة (54) حديث (221/ 2540)..

وكان على مقدمة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم حنين في بني سليم، فجرح خالد، فعاده رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ونفث في جرحه فبرأ، وأرسله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى أكَيْدِر بن عبد الملك، صاحب دَوْمة الجندل، فأسره، وأحضره عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فصالحه على الجزية، ورده إلى بلده، وأرسله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنِ مَذْحِج، فقدم معه رجال منهم فأسلموا، ورجعوا إلى قومهم بنجران، ثم إن أبا بكر أمَّره بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على قتال المرتدين، منهم: مسيلمة الحنفي في اليمامة، وله في قتالهم الأثر العظيم، ومنهم مالك بن نويرة، في بني يربوع من تميم وغيرهم؛ إلا أن الناس اختلفوا في قتل مالك بن نويرة؛ فقيل: إنه قُتل مسلما لظنٍّ ظنه خالد به، وكلام سمعه منه؛ وأنكر عليه أبو قتادة وأقسم أنه لا يقاتل تحت رايته، وأنكر عليه ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وله الأثر المشهور في قتال الفرس والروم، وافتتح دمشق، وكان في قلنسوته التي يقاتل بها شعر من شعر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يستنصر به وببركته، فلا يزال منصورًا.

أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي عبد اللّه المخزومي، بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى؛ قال: حدثنا سُرَيج بن يونس، أخبرنا هشيم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، قال: قال خالد بن الوليد: اعتمرنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في عمرة اعتمرها، فحلق شعره، فاستبق الناس إلى شعره، فسبقت إلى الناصية فأخذتها، فاتخذت قلنسوة، فجعلتها في مقدم القلنسوة، فما وجهته في وجه إلا وفتح له.

وروى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، روى عنه ابن عباس، وجابر بن عبد اللّه، والمقدام بن معد يكرب وأبو امامة بن سهل بن حنيف، وغيرهم، وروى معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد اللّه بن عباس، عن خالد بن الوليد: أنه دخل مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بيت ميمونة، فأتى بِضَبٍّ محنُوذٍ، فأهوى إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يريد أن يأكل منه، فقالوا: يا رسول الله، هو ضب. فرفع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يده، فقلت: أحرام هو؟ قال: "لَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدْنِي أَعَافُهُ".(*) قال خالد: فاجتزرته فأكلته ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ينظر أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1543 كتاب الصيد والذبائح (34) باب إباحة الضب (7) حديث رقم (43/ 1945) وأبو داود في السنن 2/ 381 كتاب الأطعمة باب أكل الضب حديث رقم 3794 والنسائي في السنن 7/ 198 كتاب الصيد والذبائح باب الضب (26) حديث رقم 4316، وابن ماجة في السنن 2/ 1080 كتاب الصيد (28) باب الضب (16) حديث رقم 3241 والطبراني في الكبير 4/ 126..

ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال: لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، وها أنا أموت على فراشي كما يموت العَيْر، فلا نامت أعين الجبناء، وما من عمل أرجى من {لا إله إلا الله} وأنا مُتَتَرِّس بها.

وتوفي بحمص من الشام، وقيل: بلى توفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين، في خلافة عمر بن الخطاب، وأوصى إلى عمر رضي الله عنه، ولما بلغ عمر أن نساء بني المغيرة اجتمعن في دار يبكين على خالد، قال عمر: ما عليهن أن يبكين أبا سليمان مالم يكن نَقْعٌ أو لَقْلَقة؛ قيل: لم تبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لِمَّتها على قبر خالد؛ يعني حلقت رأسها. ولما حضرته الوفاة حبس فرسه وسلاحه في سبيل الله.

قال الزبير بن أبي بكر. وقد انقرض ولد خالد بن الوليد، فلم يبق منهم أحد، وورث أيوب بن سلمة دورهم بالمدينة.

أخرجه الثلاثة.

سريج بن يونس: بالسين المهملة والجيم.

والعوذ المطافيل: يريد النساء والصبيان، والعوذ في الأصل: جمع عائذ، وهي الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أيامًا. والمطفل: الناقة معها فصيلها.

قوله: نقع ولقلقة، فالنقع: رفع الصوت، وقيل: أراد شق الجيوب، واللقلقة: الجلبة، كأنه حكاية الأصوات إذا كثرت، واللقلق: اللسان.
(< جـ2/ص 140>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال