تسجيل الدخول


خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمير بن مخزوم

1 من 2
خالد بن الوليد بن المغيرة

ابن عبد الله بن عُمير بن مخزوم، ويكنى أبا سليمان، وأمّه عصماء وهي لُبابة الصغرى بنت الحارث بن حَزْن بن بُجير بن الهُزَم بن رُوَيْبة بن عبد الله بن هلال بن عامر ابن صعصعة وهي أخت أمّ الفضل بن الحارث أمّ بني العبّاس بن عبد المطّلب.

وكان خالد من فرسان قريش وأشدّائهم، وشهد مع المشركين بدرًا وأُحُدًا والخندق، ثمّ قذف الله في قلبه حبّ الإسلام لما أراد الله به من الخير.

ودخل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عامَ القضيّة مكّة فتغيّب خالد فسأل عنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أخاه فقال: "أين خالد؟" قال: فقلت: يأتي الله به، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ما مثل خالد من جَهِلَ الإسلامَ ولو كان جعل نكايته وجِدَّهُ مع المسلمين على المشركين لكان خيرًا له ولقدّمناه على غيره".

فبلغ ذلك خالد بن الوليد فزاده رغبةً في الإسلام ونشّطه للخروج فأجمع الخروج إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال خالد: فطلبت من أُصاحب فلقيتُ عثمان بن طلحة فذكرتُ له الّذي أريد فأسرع الإجابة، قال: فخرجنا جميعًا، فلمّا كنّا بالهَدَةِ إذا عمرو بن العاص قال: مرحبًا بالقوم! قلنا: وبك، قال: أين مَسيركم؟ فأخبرناه وأخبرنا أيضًا أنّه يريد النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فاصطحبنا جميعًا حتّى قدمنا المدينة على رسول صَلَّى الله عليه وسلم، أوّل يوم من صفر سنة ثمان.

فلمّا طلعتُ على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سلّمتُ عليه بالنبوذة فردّ عليّ السلامَ بوَجْه طَلْقٍ فأسلمت وشهدتُ شهادة الحقّ، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:"قد كنتُ أرى لك عقلًا رجوتُ أن لا يسلّمك إلاّ إلى خير"، وبايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقلتُ: استغفر لي كلّ ما أوْضَعْتُ فيه من صَدّ عن سبيل الله، فقال: "إنّ الإسلام يَجُبْ ما كان قبله"، قلت: يا رسول الله عليّ ذلك، قال: "اللهم اغفر لخالد بن الوليد كلّ ما أوْضَعَ فيه من صَدّ عن سبيلك"، قال خالد: وتقدّم خالد وتقدّم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة فأسلما وبايعا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فوالله ما كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم أسلمتُ يعدلُ بي أحَدًا من أصحابه فيما يَحْزبُه.(*)

أخبرنا عبد الملك بن عَمْرو أبو عامر العَقَديّ قالا: حدّثنا الأسود بن شيبان عن خالد ابن سُمَير عن عبد الله بن رباح الأنصاريّ قال: حدّثنا أبو قتادة الأنصاريّ فارس رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أنه سمع النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، لمّا ذكر جيش الأمراء ونعاهم واحدًا واحدًا واستغفر لهم فقال: ثمّ أخذ اللواء خالد بن الوليد سيفُ الله، قال: ولم يكن من الأمراء، قال: فرفع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ضَبْعَيْه وقال: "اللّهمّ هو سيف من سيوفك فانتصر به"، قال: فيومئذٍ سمّي خالد سيف الله.(*)

أخبرنا يعلى ومحمّد ابنا عُبيد وعبد الله بن نُمير قالوا: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:. "إنّما خالد سيف من سيوف الله صَبّه الله على الكفّار".(*)

قال يعلى ومحمّد في حديثهما: "لا تُؤذوا خالدًا فإنّه سيف من سيوف الله"(*).

أخبرنا وكيع بن الجرّاح وعبد الله بن نُمير ومحمّد بن عُبيد الطنافسيّ عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعتُ خالد بن الوليد بالحيرة يقول: لقد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف وصبرت في يدي صفيحة لي يمانية.

قال محمّد بن عمر: وأمَرَه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يومَ فتح مكّة أن يدخل من اللِّيط فدخل فَوَجَد جمعًا من قريش وأحابيشها فيهم صفوان بن أُميّة وعكرمة بن أبي جهل وسُهيل بن عمرو فمنعوه الدخول وشهروا السلاح ورموه بالنبل، فصاح خالد في أصحابه وقاتلهم، فقتل منهم أربعة وعشرين رجلًا، ولمّا فتح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، مكّة بعثَ خالدَ بن الوليد إلى العُزّى فهدمها ثمّ رجع إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو مُقيم بمكّة، فبعثه إلى بني جذيمة وهم من بني كنانة، وكانوا أسفل مكّة على ليلة بموضع يقال له الغُميصاء، فخرج إليهم فأوقع بهم. ولمّا ارتدّت العرب بعد وفاة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بعث أبو بكر، رضي الله عنه، خالد بن الوليد يستعرضهم ويدعوهم إلى الإسلام فخرج فأوقع بأهل الردّة(*).

أخبرنا أبو معاوية الضّرير قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: كانت في بني سُليم رِدّة فبعث أبو بكر، رضي الله عنه، خالد بن الوليد فجمع منهم رجالًا في حظائر ثمّ أحرقهم بالنّار، فجاء عُمَرُ إلى أبي بكر، رضي الله عنه، فقال: انْزِعْ رجلًا عذّب بعذاب الله، فقال أبو بكر: لا والله لا أشيمُ سَيفًا سَلّهُ الله على الكفّار حتّى يكون هو الذي يشيمه، ثمّ أمره فمضى لوجهه من وجهه ذلك إلى مُسيلمة.

أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا شيبان بن عبد الرّحمن عن جابر عن عامر عن البراء بن عازب قال: وحدّثنا طلحة بن محمّد بن سعيد عن أبيه عن سعيد بن المسيّب قالا: كتب أبو بكر الصّدّيق، رضي الله عنه، إلى خالد بن الوليد حين فرغ من أهل اليمامة يسير إلى العراق، فخرج خالد من اليمامة فسار حتّى أتى الحيرة فنزل بخفّان، والمرزبان بالحيرة مَلِكٌ كان لكسرى ملّكه حين مات النعمان بن المنذر، فتلقّاه بنو قبيصة وبنو ثعلبة وعبد المسيح بن حيّان بن بُقَيْلَة فصالحوه عن الحيرة وأعطوا الجزية مائة ألف على أن يتنحّى إلى السّواد، ففعل وصالحهم وكتب لهم كتابًا، فكانت أوّل جزية في الإسلام، ثم سار خالد إلى عين التمر فدعاهم إلى الإسلام فأبوا فقاتلهم قتالًا شديدًا فظفّره الله بهم وقتل وسبى وبعث بالسبي إلى أبي بكر الصدّيق، رحمه الله.

ثمّ نزل بأهل أُلَّيْسَ قرية أسفل الفرات فصالحهم، وكان الذي ولي صُلْحَه هانئ بن جابر الطائيّ على مائتي ألف درهم، ثمّ سار فنزل ببانِقْيا على شاطئ الفرات، فقاتلوه ليلة حتّى الصّباح ثمّ طلبوا الصلح، فصالحهم وكتب لهم كتابًا. وصالح صلوبا بن بصيهرا، ومنزله بشاطئ الفرات، على جزية ألف درهم.

ثمّ كتب إليه أبو بكر الصّدّيق، رحمه الله، يأمره بالمسير إلى الشأم وكتب إليه: إني قد استعملتُك على جندك وعهدتُ إليك عهدًا تَقْرَأُهُ وَتَعْمَلُ بما فيه، فسِرْ إلى الشأم حتّى يوافيك كتابي، فقال خالد: هذا عمر بن الخطّاب حَسَدَني أن يكون فتحُ العراق على يدي، فاستخلف المثنّى بن حارثة الشيبانيّ مكانه وسار بالأدَلاّء حتّى نزل دومة الجندل، فوافاه بها كتاب أبي بكر وعهدُه مع شريك بن عَبْدة العجلانيّ، فكان خالد أحد الأمراء بالشأم في خلافة أبي بكر، وفتح بها فتوحًا كثيرة، وهو ولي صُلح أهل دمشق وكتب لهم كتابًا فأنفذوا ذلك له، فلمّا توفّي أبو بكر وولي عمر بن الخطّاب عَزَلَ خالدًا عمّا كان عليه وولّى أبا عُبيدة بن الجرّاح، فلم يزل خالد مع أبي عُبيدة في جُنده يغزو، وكان له بلاء وغناء وإقْدام في سبيل الله حتّى توفّي، رحمه الله، بحمص سنة إحدى وعشرين وأوصى إلى عمر بن الخطّاب، ودفن في قرية على ميل من حمص.

قال محمّد بن عمر: سألتُ عن تلك القرية فقالوا قد دَثَرَتْ.

أخبرنا عبد الله بن الزّبير الحُميديّ قال: حدّثنا سفيان بن عُيينة قال: حدّثنا إسماعيل ابن أبي خالد قال: سمعتُ قيس بن أبي حازم يقول: لمّا مات خالد بن الوليد قال عمر: يرحم الله أبا سليمان، لقد كنّا نَظُنّ به أمورًا ما كانت.

أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا جويرية بن أسماء عن نافع قال: لمّا مات خالد بن الوليد لم يدع إلا فرسه وسلاحه وغلامه، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب، رحمه الله، فقال: يرحم الله أبا سليمان، كان على غير ما ظننّا به.
(< جـ9/ص 398>)
2 من 2
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال