تسجيل الدخول


قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي

((قيس بن سعد بن عبادة بن دُليم بن حارثة الأنصاريّ الخزرجي. قد نسبنا أباه في بابه، فأغنى ذلك عن الرّفع في نسبه ها هنا [[سعد بن عُبادة بن دُليم بن حارثة بن حليمة، ويقال ابن أبي حَزِيمة بن ثعلبة بن طريف ابن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاريّ السّاعديّ]] <<من ترجمة سعد بن عُبادة "الاستيعاب في معرفة الأصحاب".>>)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قيس بن سعد: بن ثابت الأَنصاري. ذكره المُسْتَغْفِرِيُّ في الصحابة، وأورد من طريق عيسى بن حماد، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي مالك، عن قيس بن سعد بن ثابت الأنصاري، وكان صاحب لواءِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ــ أنه أراد الحج فرجَّل أحد شقي رأسه، فقام غلام له فقلّد هَدْيَهُ، فنظر قيس فإذا هَدْيَه قد قلد فلم يرجِّلْ شقه الأيمن. قال أبو مُوسَى في "الذيل": أظن هذا قيس بن سعد بن عبادة. قلت: أخرجه الإسماعيلي في مستخرجه من هذا الوجه؛ قال: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا عيسى بن حماد؛ وهو عند البخاري عن ابن أبي مريم، عن الليث، عن عقيل؛ لكن قال: إن قيس بن سعد الأنصاري، وكان صاحب لواءِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أراد الحجَّ فرجَّل. وكذا وقع في معجم الطبراني لم يسمّ جده. وأخرجه أبو داود في مسند مالك مِنْ روايته عن الأزهري؛ فقال قيسًا: ولم يسَمّ أباه. وأورده الإسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طريق يونس عن الزهري؛ فقال قيس بن سعد بن عبادة وأخرجه الحميدي في مسند قَيْس بن سعد بن عبادة، وتبعه مَنْ صنّف في الأطراف، وكذا في رجال البخاري؛ ويؤيده ما أخرجه البغوي في معجمه من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري؛ قال: كان قيس بن سعد بن عبادة حامل رايةِ الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ويحتمل أن يكونَ كان في السند، عن قيس بن سعد بن أبي ثابت، فتصحَّفت "أَبي" فصارت "ابن"؛ فإن سعد بن عبادة يُكنى أبا ثابت.))
((مختلف في كنيته؛ فقيل أبو الفضل، وأبو عبد الله، وأبو عبد الملك. وذكر ابْنُ حِبَّان أنَّ كنيته أبو القاسم.)) الإصابة في تمييز الصحابة.((أمه فُكَيْهة بنت عبيد بن دُليم بن حارثة بن أَبِي حَزِيَمة بن ثعلبة بن طَريف بن الخَزْرج بن سَاعِدَة.)) الطبقات الكبير. ((قالَ ابن شهاب: كان قيس بن سعد يحمل راية الأَنصار مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم. قيل: إِنه كان في سرية فيها أَبو بكر وعمر، فكان يستدين ويطعم الناس، فقال أَبو بكر وعمر: إِن تَرَكْنَا هذا الفتى أَهلكَ مال أَبيه! فمشيا في الناس، فلما سمع سعد قام خلف النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: من يعذرني من ابن أَبي قحافة وابن الخطاب؟ يُبَخِّلان عليّ ابني.)) أسد الغابة.
((قال ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دينار: كان قيس ضخمًا حسنًا طويلًا إذا ركب الحمار خطّت رجلاه الأرض.)) ((ذكر الزّبير أنه كان سناطًا: ليس في وجْههِ شعرة؛ فقال: إن الأنصار كانوا يقولون، ودِدنا أنْ نشتري لقيس بن سعد لحيةً بأموالنا. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وكذلك كان شريح، وعبد الله بن الزبير، لم يكن في وجوههم شعر.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال أنس بن مالك‏: كان قيس بن سعد بن عبادة من النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم مكان صاحب الشّرطة من الأمير، وأعطاه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم الرّايةَ يوم فتح مكّة إذ نزعها من أبيه لشكوى قيس بن سعد يومئذ. وقد قيل: إنه أعطاها الزّبير.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني داود بن قيس، ومالك بن أنس، وإبراهيم بن محمد الأنصاري، وخارجةُ بن الحارث وبعضهم قد زاد على صاحبه في الحديث قالوا: بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أَبَا عُبَيدة بن الجَرّاح في سَرِيَّةٍ فيها المهاجرون والأنصار، وهم ثلاثمائة رجل، وكان فيهم قيس بن سعد بن عُبَادة، فأصابهم جوعٌ شديدٌ، فقال قيس بن سعد: من يشتري مِنِّي تَمْرًا بجُزُر، ويوفيني الجُزُرَ ها هنا وأُوفيه التمر بالمدينة؟ فجعل عمر يقول: وَاعَجَبَاه بهذا الغلام، لا مال له يَدَّانُ في مال غيره! فوجد رجلًا من جُهَينة يعطيه ما سأل. وقال: والله ما أعرفك، من أنت؟ قال: أنا قيس بن سعد بن عُبادة بن دُلَيم. فقال الجُهَني: مَا أَعْرَفَنِي بِنَسَبِكَ! فابتاع منه خمس جزائِر، كل جزور بِوَسْقَيْن من تمر. فقال الجُهَنِي: أَشْهِدْ لِي فقال قيس: أَشْهِدْ مَنْ تُحِبّ. فكان فيمن أَشهد عمر بن الخطاب فقال: لاَ أَشْهد! هذا يَدَّان ولا مال له، إنما المَالُ لأبيه. فقال الجُهَنِيّ: والله ما كان سعد لَيُخْنِي، بابنه في سِقةٍ من تمر، وأرى وجهًا حسنًا، وَفعَالًا شريفًا فكان بين عُمر وَبَينْ قيس كلام حتى أغلظ له قيس الكلامَ وأخذ قَيْس الجُزُر فَنَحَرَها في مواطن ثلاثة، كل يوم جزرًا، فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره وقال: تريد أن تُخفر ذمتك ولا مال لك؟ وأقبل أبو عبيدة بن الجراح ومعه عمر بن الخطاب، فقال: عزمت عليك أَلاّ تنحر، أتريد أن تُغفر ذمتك ولا مال لك؟! فقال قيسٌ: يا أبا عُبيدة أترى أبا ثابت وهو يقضي ديون الناس، ويحمل الكَلّ، ويُطعم في المجاعة، لاَ يَقْضِي عَنِّي سِقَةً من تمرْ لقومٍ مجاهدين في سبيل الله! وبلغ سعدًا ما أصاب القوم من المجاعة، فقال: إن يكن قيسٌ كما أعرف فسوف ينحر لهم. فلما قدم قيس لقيه سعدٌ فقال: ما صنعتَ في مجاعة القوم حيث أصابتهم؟ فقال: نحرتُ. قال: أصبتَ انْحَر ثم ماذا؟ قال: ثم نحرتُ قال: أصبت انْحَر قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نحرت، قال أصبت انْحَر قال: ثم ماذا؟ قال: نُهيتُ، قال: ومن نهاك؟ قال: أبو عبيدة بن الجَرَّاح أَمِيري. قال: وَلِمَ؟ قال: زعم أنه لا مال لي وإنما لأبيك فقلت: أَبِي يقضي عن الأباعد، ويحمل الكَلَّ، ويطعم في المجاعة، ولا يصنع هذا بي! قال: فلك أربع حوائِط. قال وكتب له بذلك كتابًا. وأتى بالكتاب إلى أَبِي عُبَيدة بن الجَرّاح فشهد فيه وأتى عمر فأَبَى أن يشهد فيه وأَدْنَى حائطٍ منها يجدُّ خمسين وسقًا وقدِمَ البدوي مع قيس، فأوفاهُ سِقَتَهُ، وحَملَهُ وكساهُ. فلما قدم الأعرابيّ عَلَى سعد بن عُبَادة قال: يا أبا ثابت! والله ما مثل ابنك صَنعتُ ولا تركت بغير مالٍ، فابنك سيدٌ من سادةِ قومه، نهاني الأمير أن أَبِيعَهُ وقال: لا مال لهُ! فلما انتسب إليك عرفته فتقدّمت عليه لما أَعرف أَنّك تسمو إلى معالي الأخلاق وجسيمها، وأَنك غير مُذمٍّ بمن لا معرفة له لديك. قال: فأعطى سعد ابنه يومئذٍ تلك الحوائط الأربع. وبلغ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فعل قيس فقال: "إنه في بيت جُودٍ"(*))) الطبقات الكبير. ((شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المشاهدَ))
((قال ابْنُ يُونُس: شهد فَتْح مصر، واختطّ بها دارًا، ثم كان أميرها لعليّ. وفي "مكارم الأخلاق" للطبراني، مِن طريق عُروة بن الزّبير: كان قيس بن سعد بن عُبادة يقول: اللهم ارزقني مالًا، فإنه لا يصلح الفعال إلا بالمال.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قال ابن شهاب: كانوا يعدون دهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رهط، يقال لهم: "ذوو رأَي العرب ومكيدتهم": معاوية، وعَمْرو بن العاص، وقيس بن سعد، والمغيرة بن شعبة، وعبد اللّه بن بُدَيل بنَ وَرْقاءَ. فكان قيس وابن بُدَيل مع علي، وكان المغيرة معتزلًا في الطائف، وكان عمرو مع معاوية. وقال قيس: لولا أَني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "المَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي الْنَّارِ" أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 607، والطبراني في الكبير 10/ 169، وأورده الهيثمي في الزوائد 1/ 105.، لكنت مِن أَمكْر هذه الأُمة.(*) وأَما جوده فله فيه أَخبار كثيرة لا نُطَوِّل بذكرها.)) أسد الغابة. ((قال أبو عمر: خَبرُه في السّراويل عند معاوية كذِب وزور مُخْتَلق ليس له إسناد، ولا يشبه أخلَاق قيس ولا مذهبه في معاوية، ولا سيرته في نفسه، ونزاهته، وهي حكايةٌ مفتَعَلة وشعر مزَّور، والله أعلم. ومن مشهور أخبار قيس بن سعد بن عبادة أنه كان له مالٌ كثير ديونًا على النّاس، فمرض واستبطأ عوَّادَهُ، فقيل له: إنهم يستحْيون من أجل دينك، فأمر مناديًا ينادي: من كان لقيس بن سعد عليه دَيْنٌ فهو له. فأَتاه النّاسُ حتى هدموا درجةً كانوا يصعدون عليها إليه ــ ذكر هذا الخبر صاحب كتاب "الموثق" وغيره‏.)) ((روى ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، قال: حدّثني بكر بن سوادة، عن أبي حمزة، عن جابر، قال: خرجْنَا في بَعْثٍ كان عليهم قيس بن سعد بن عبادة، فنحر لهم تسع ركائب، فلما قدموا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ذكروا له ذلك من فِعْل قيس بن سعد، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏إِنَّ الْجُودَ مِنْ شِيمَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ‏"(*) ‏‏ذكره ابن حجر في فتح الباري 8/ 81، والهندي في كنز العمال حديث رقم 33628، 37477.. وهو القائل: اللّهم ارزقني حَمْدًا ومجدًا، فإنه لا حَمْدَ إلا بفعال، ولا مَجْدَ إلّا بمال. حدّثنا أحمد بن عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن يونس، عن بقي، عن أبي بكر، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان قيس بن سعد بن عبادة مع الحسن بن علي رضي الله عنهم على مقدمته، ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بعدما مات عليّ رضي الله عنه، وتبايعوا على الموت. فلما دخل الحسن في بيعة معاوية أبى قيس أن يدخُلَ، وقال لأصحابه‏: ما شئتم؛ إن شئتم جالدْتُ بكم حتى يموت الأعْجَل منا، وإن شئتم أخذْتُ لكم أمانًا. فقالوا: خذ لنا أمانًا‏؛‏ فأخذ لهم أنّ لهم كذا وكذا، وأَلّا يعاقبوا بشيء، وأنه رجلٌ منهم، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئًا، فلما ارتحل نحو المدينة ومضى بأَصحابه جعل ينحر لهم كلَّ يوم جَزُورًا حتى بلغ.‏ وروى عبد الله بن المبارك، عن جويرية، قال: كتب معاوية إلى مروان: أن اشتر دار كثير بن الصّلت منه، فأَبى عليه، فكتب معاوية إلى مروان: أن خذه بالمال الذي عليه، فإِن جاء به، وإلّا بع عليه دارَه. فأَرسل إليه مروان فأَخبره، وقال: إِني أُؤجلك ثلاثًا، فإن جئْتَ بالمال، وإلّا بعْتُ عليك دارك‏. قال: فجمعها إلا ثلاثين ألفًا، فقال: مَنْ لي بها؟ ثم ذكر قيس بن سعد بن عبادة فأَتاه فطلبها منه فأَقرضه، فجاء بها إلى مروان؛ فلما رآه أنه قد جاءه بها ردَّها إليه وردَّ عليه داره، فردّ كثير الثّلاثين ألفًا على قيس، فأَبى أن يقبلها. قال ابن المبارك: فزعم لي سفيان بن عيينة، عن موسى بن أبي عيسى ــ أن رجلًا استقرض من قيس بن سعد بن عبادة ثلاثين ألفًا، فلما ردَّها عليه أبى أن يقبلها، وقال‏: إنا لا نعود في شيء أَعطيناه. وهو القائل بصِفّين: [البسيط]

هَذَا اللِّوَاءُ الَّذِي كُنَّا نَـحُفُّ بِهِ مَعَ [[النَّبِيِّ]] وَجِبْرِيلُ لَنَا مَدَدُ

مَا ضَرَّ مَنْ كَانَتِ الأَنْصَارُ عَيْبَتَهُ أَلّا يَكُونَ لَهُ مِنْ غَيْرِهِمْ أَحَدُ

قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا طَالَتْ أَكُفُّهُـمُ بِالمَشْرَفِيَّةِ
حَتَّى
يُفْتَحَ البَـلَدُ
وقصّته مع العجوز التي شكت إليه أنه ليس في بيتها جرذ. فقال: ما أحْسَنَ ما سألت! أما والله لأكثرنّ جرْذَان بيتك، فملأ بيتها طعامًا وودَكًا وإدامًا ــ مشهورة صحيحة. وكذلك خبره أنه تُوفِّي أبوه عن حَمْلَ لم يعلم به، فلما وُلد ــ وقد كان سعد رضي الله عنه قسم ماله في حين خروجه من المدينة بين أولاده، فكلّم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في ذلك قَيْسًا، وسأَلُاه أن ينقض ما صنع سعد من تلك القسمة، فقال: نصيبي للمولود، ولا أغيّر ما صنع أبي ولا أنقضه ــ خبر صحيح من رواية الثّقات أيضًا.)) ((قال الواقديّ: كان قيس بن سعد ابن عبادة من كِرَام أصحابِ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم وأسخيائهم ودُهَاتهم. قال أبو عمر: كان أحدَ الفضلاء الجِلّة، وأحد دُهاة العرب وأَهل الرَّأي والمكيدة في الحروب مع النَّجدة والبسالة والسّخاء والكرم، وكان شريفَ قومه غير مدافع، هو وأبوه وجَدّه‏. صحب قيس بن سعد النبي صَلَّى الله عليه وسلم وهو وأبوه وأخوه سعيد بن سعد بن عبادة.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((روى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أَحاديث. روى عنه أَبو عَمَّار عَرِيب بن حُمَيد الهَمْداني، وابن أَبي ليلى، والشعبي، وعمرو بن شرحبيل، وغيرهم. أَنبأَنا أَبو الفضل الطبري الفقيه بإِسناده إِلى أَحمد بن علي: حدثنا أَبو بكر بن أَبي شيبة، حدّثنا ابن عُيَينة، عن ابن أَبي نجيح، عن أَبيه، عن قيس بن سعد رواية قال: لو كان العلم متعلقًا بالثريا لناله ناس من فارس.)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا جرير بن حازم، قال: حدّثنا منصور بن زَاذَان، عن مَيْمُون بن أَبِي شَبِيب، عن قيس بن سعد بن عُبَادة الأنصاري: أن أباه دَفَعَه إِلَى النبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، يَخْدُمه، قال: فخرج عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم، وقد صَلَّيتُ ركعتين واضطجعتُ، فَضَرَبَني بِرِجْلِهِ وقال: "أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ من أبواب الجنة؟" قلتُ: بلى، قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله"(*). قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا قيس بن الربيع الأسدي، عن منصور، عن هلال بن يِسَاف، عن قيس بن سعد: أنه استأذن على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وهو قُبَالَة الباب فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم، بيدهِ هكذا: "لا تستأذن وأنت قُبَالَة الباب"(*))) الطبقات الكبير. ((روَى قيس بن سعد، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وعن أبيه. روَى عنه أنس، وثعلبة بن أبي مالك، وأبو مَيْسَرة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعروة، وآخرون)) الإصابة في تمييز الصحابة.((صحب قيس بن سعد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وشهد معه الجمل وصِفّين والنّهروان هو وقومه، ولم يفارقه حتى قُتل)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني يحيى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بنُ عَبَادَة، قال: قدم قيس بن سعد المدينة فأرسلت إليه أُمُّ سَلَمَة تلومه وتقول: فارقت صَاحِبَك، قال: أنا لم أفارقهُ طائِعًا، هو عَزَلَني. فأرسَلَتْ إليه: إنّي سأكتب إلى عَلِيٍّ في أمرك. وراح قيسٌ إليها، فأخبرها الخبر، فكتبت إلى عليّ تُخْبِرُه بنصيحة قيس وأبيهِ في القديم والحديث، وتلومه على ما صنع. فكتب عَلِيٌّ إلى قيس يعزم عليه إلا لحق به، فقال: والله ما أخرج إليه إِلاّ استحياءً، وإِنِّي لأعلم أنه مقتول، معه جندُ سوءٍ لا نِيَّةَ لهم. فقدِم عَلَى عَلِيٍّ، فأكرمه، وحباهُ. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال حدّثني راشد بن سعد، عن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عُبَادة. قال: وحدّثني مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ قالا: لما قدم قيس بن سعد المدينة تَآمَر فيه الأسود بن أَبِي البَخْتري، ومروان بن الحكم أن يُبَيِّتاه فيمن معهما، وبلغ ذلك قيسًا، فقال: والله إنّ هذا لقبيح، أن أفارق عليًّا وإن عزلني، والله لألحقن به. فلحق بعليّ بالعراق فكان معه وأخبره قيسٌ بخبره، وما كان يعمل بمصر، فعرف عَلِيٌّ أَنّ قيسًا كان يُداري أمرًا عظيمًا من المكيدة التي قصّر عنها رأْيُ غيره. وأطاع عَلِيٌّ قيسًا في الأمر كله، وجعلهُ مُقَدِّمَةَ أهل العراق على شُرطَةِ الخميس الذين كانوا يبايعون للموت. فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم والأسود بن أَبي البَخْتري يتغَيّظ عليهما، وأَنَّبَهُما أَشَدّ التَّأْنِيب. وقال: أَمْدَدْتُما عَليًّا بقيس بن سعد، وبرَأيهِ ومكيدته؟ والله لو أمددتماه بمائة ألف مقاتل ما كان بأغيظ لي من إخراجكما قيس بن سعد إليه! قال: أخبرنا يَعْلَى بن عُبيد، قال: حدّثنا الأجْلَح عن أبي إسحاق عن يَرِيم بن سعد قال: رأيت قيس بن سعد على شرطةِ الخميس قال: ثم أتى دِجْلَة فتوضأ وَمَسَحَ على الخُفَّيْن، فكأني أنظر إلى أثر الأربع أصابع على الخف، ثم تقدم فأمّ الناس. قال محمد بن عمر: وكان قيس يُكنى أبا عبد الملك، ولم يزل مع عليّ حتى قُتِلَ عليٌّ، فرجع قيس إلى المدينة، فلم يزل بها حتى تُوفي في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان.)) الطبقات الكبير. ((قال ابن حبان: كان هرب من معاوية)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل بن أبي فُدَيك، عن هشام بن سعد، عن العباس بن عبد الله، عن عاصم بن عُمر بن قَتَادة: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، استعمل قيس بن سعد بن عُبَادة على الصدقة(*))) ((قال: أخبرنا أبو أسامة حمّاد بن أسامة قال: حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان قيس بن سعد بن عُبادة مع علي بن أبي طالب في مقدمته ومعهُ خمسة آلاف قد حلقوا رءوسهم بعد ما مات عليّ. فلمّا دخل الحسن في بيعة معاوية أَبَى قَيْسُ بنُ سعد أن يدخل، وقال لأصحابه: إن شئتم جالدتُ بكم أبدًا حتى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أمانًا. فقالوا: خُذْ لَنَا فَأَخَذَ لهم أمانًا: أَنّ لهم كذا وكذا، ولا يعاقبون بشيء. وأنا رجلٌ منهم، وأَبَى أن يأخذ لنفسه خاصةً شيئًا. فلما ارتحل نحو المدينة ومعه أصحابه جعل ينحر كل يومٍ جزورًا حتى بلغ صِرَارًا. قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَيْن والحسن بن موسى قالا: حدّثنا زُهَير بن معاوية، عن أَبِي إسحاق، عن يريم أبي العلاء ـــ وكان إمام مسجد حيهم ـــ قال: كنت مع قيس بن سعد ابن عبادة في شُرطتهِ وهم عشرة آلاف بعثهُ عَلِيّ وكان خادم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ونحن نزول على شَطِّ دجلة، فَبَال وعليه خُفَّان من أَرَنْدَج، ثم أتى شط دِجْلَة فتوضأ ومسح عَلَى خُفَّيْه قال: فأنا رأيت أثر أصابعه عليهما. قال أبو إسحاق: وعندي أَبُو مَيْسَرة. فقال أَبو مَيْسَرة: أنت رَأَيْتَهُ يا أبا العلاء؟ قال: نعم. قال: أخبرنا رَوْحُ بن عُبَادة، قال:حدّثنا عوف بن محمد، قال: كان محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حُذَيفة بن عتبة بن ربيعة مِنْ أَشَدِّ قريش عَلَى عثمان، وإنَّ عليًا أَمَّر قيسَ بنَ سعد بن عُبادة ـــ يعني على مصر ـــ وكان قيس رجلًا حازمًا فنُبِّئْتُ أنه كان يقول: لولا أن المَكْرَ فُجُورٌ، لمكرتُ مَكْرًا يضطرب منه أهل الشام بينهم. وإِنَّ معاوية وعَمْرو بن العاص كتبا إلى قيس بن سعد كتابًا يَدْعُوانه إلى مبايعتهما، وَكُتِبَ إليه بكتاب فيه لِين، فكتبَ إليهما كتابًا فيه غِلَظٌ، فكتبا إليه بكتاب فيه غِلظٌ. فكتب إليهما بكتاب فيه لِينٌ. فلما قَرَآ كتابَه عَرَفا أنهما لا يدان لهما بمكره. فقال كل واحدٍ منهما لصاحبهِ: تعالَ حتى نمكر الآن بعَلِيّ في شأنه، فأذاعا بالشام أنهما قد كتبا إلى قيس بن سعدٍ، وأنه قد بايعنا وتابعنا على أمرنا، فبلغ ذلك عليًّا فقال له أصحابه: بادر إلى مصر فإنّ قيسًا قد بايع معاوية وعَمْرًا، فَبَعَثَ عليٌّ محمدَ بن أبي بكر ومحمد بن أَبِي حُذَيْفة إلى مصر. وأَمَّرَ محمدَ بن أبي بكر، فلما قدِما على قيس بن سعد بِنَزعه، عرف قيسٌ أَنّ معاويةَ وعَمْروَ ابن العاص قد خَدَعَا عليًّا ومَكَرَا به. فقال قيس بن سعد لمحمد بن أبي بكر، ومحمد بن أَبِي حُذَيَفة: يَا بَني أَخِي، لاَ تصافَّا معاوية وعَمْرو بن العاص غدًا بأهل مصر. فإنهم سَيُسلمونكما فتُقْتلان فكان كما قال قيسٌ. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا مُفَضَّل بن فَضَالة المَعَافِرِي، عن يَزِيدَ بن أَبِي حَبِيب قال: استعمل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قَيْسَ بن سعد على مصر، وكان من ذوي الرأي، فكان قد ضبط مِصر وقام فيها قِيَامًا مُجْزِياَ، وَوَادَعَ أَهْلَ خَرِبْتَا وأَدَرَّ عليهم أرزاقهم وكَفَّ عنهم وأحسن جوارهم. وكان عَمْرو بن العاص ومعاوية بن أَبي سفيان قد شق عليهما وعلى أهل الشام ما يصنع قيس من مناصحة عليّ، وما ضيّق عَلَى أهل الشام فلا يحمل إليهم طعامًا. وكان عمرو بن العاص ومعاوية جَاهِدين أَنْ يخرجا قَيْسًا من مصر ويغلبا عليها. وكان قيس قد امتنع منهما بالمكيدة والدّهاء، فَمَكَرَا بعلِيِّ في أمره. فكتب معاوية كتابًا في قيس إليه يذكر فيه مَا أَتَى إلى عثمان من الأمر العظيم، وأنه على السمع والطاعة. ثم نادى معاوية: الصلاةُ جامعةٌ فاجتمع الناس في السلاح، فحَمَدِ الله وأثنى عليه وقال: يا أهل الشام، إن الله يَنْصُرُ خليفتَهُ المظلوم، ويخذلُ عَدُوَّهُ أبشروا. هذا قيس بن سعد نَابُ العربِ قد أبصر الأمر، وعرفهُ على نفسه، ورجع إلى ماعليه من السمع والطاعة، والطلب بدم خليفتكم، وكتب إِلَيَّ بذلك كتابًا، وأمر بالكتاب فَقُرِئ، وقد أَمَرَ بحمل الطعام إليكم، فَادْعُوا الله لقيس بن سعد، وارفعوا أيديكم، وابتهلوا له في الدعاء بالبقاء والصلاح. فَعَجُّوا وعَجَّ معاوية وعمرو، ورفعوا أيديهم ساعةً ثم افترقوا. فأخذ معاوية بيد عمرو بن العاص وقال: تَحَيَّن خروجَ العيون اليوم إلى عَلِيٍّ. يَسِيرُ الخبرُ إليه سبعًا أو ثمانيًا فيكون أول من يَعزل قيسَ بن سعد، فكُلُّ مَنْ وَلَّى أهون علينا من قيس. فَتَحَيَّنوا خَبَرَ عَلِيٍّ، فلما ورد الخبر عليه كان أول مَنْ حَمَلَهُ إليه محمد بن أبي بكر، فأخبره بما صنع قيس، وَرَفدَهُ الأشترُ ونالا من قيس وقالا: ألا استعملتَ رجلًا لهُ جراء، فجعل عَلِيٌّ لا يقبل هذا القول على قيس بن سعد، ويقول: إن قَيْسًا في سَرٍّ وشرف في جاهليةٍ وإسلامٍ، وقيسٌ رجلُ العرب. وَيَأبَى محمد بن أبي بكر أن يقصر عنه، فَعَزَلَه عليٌّ عليه السلام.)) الطبقات الكبير.
((قَالَ خَلِيفَةٌ وَغَيْرُهُ: مات في آخر خلافة معاوية بالمدينة، وقال ابن حبان: كان هرب من معاوية، ومات سنة خمس وثمانين في خلافة عبد الملك قال: وقيل: مات في آخر خلافة معاوية. قُلْتُ: وقول خليفة ومَنْ وافقه هو الصواب.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((لما أَجْمَع الحسن على مُبايعة معاوية خرج عن عسكره، وغضب، وبدر منه فيه قول خَشِن أخرجه الغضب، فاجتمع إليه قومه، فأخذ لهم الحسنُ الأمانَ على حكمهم، والتزم لهم معاوية الوفاء بما اشترطوه، ثم لزم قيس المدينة، وأقبل على العبادة حتى مات بها سنة ستّين رضي الله عنه.‏‏ وقيل: سنة تسعٍ وخمسين في آخر خلافة معاوية)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال