تسجيل الدخول

حيلة نعيم بن مسعود

في ذلك الوقت العصيب الذي مر به المسلمون صنع الله أمرًا من عنده خذل به العدو، وهزم جموعهم، ذلك أن رجلا من غطفان يقال له: نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعى ـــ رضي الله عنه ـــ جاء إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني ما شئت، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنما أنت رجل واحد، فخَذِّل عنا (أي ادفع عنا الأعداء) ما استطعت، فإن الحرب خدعة"، فذهب من فوره إلى بني قريظة، وكان صاحبًا لهم في الجاهلية، فدخل عليهم وقال: قد عرفتم وُدي إياكم، وخاصةً ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت، قال: فإن قريشًا ليسوا مثلكم، البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريشًا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه (أي ساندتموهم) وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فإن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمدًا فانتقم منكم، قالوا: فما العمل يا نعيم؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن. قالوا: لقد أشرت بالرأي.
ثم مضى نعيم سريعا إلى قريش، وقال لهم: تعلمون ودي لكم ونصحي لكم؟ قالوا: نعم، قال: إن يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يوالونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم، ثم ذهب إلى غطفان فقال لهم مثل ذلك.
فلما كان ليلة السبت من شوال سنة 5 هـ بعثوا إلى يهود: أنا لسنا بأرض مقام، وقد هلك الكراع (أي الخيل والسلاح) والخف (أي الإبل) فانهضوا بنا حتى نناجز (أي نقاتل) محمدًا، فأرسل إليهم اليهود أن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن.
فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان: صدقكم والله نعيم، فبعثوا إلى يهود: إنا والله لا نرسل إليكم أحدًا، فاخرجوا معنا حتى نناجز محمدًا، فقالت قريظة: صدقكم والله نعيم، فتخاذل الفريقان ودبت الفرقة بين صفوفهم، وخارت عزائمهم.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال