تسجيل الدخول

يهود بني قريظة تخون العهد وتنضم للأحزاب

بينما كان المسلمون يواجهون الشدائد على جبهة المعركة، كانت أفاعي الدَّسِّ والتآمر تتقلب في جُحورها، تريد إيصال السم داخل أجسادهم، انطلق كبيرُ مجرمي بني النضير إلى ديارِ بني قريظة، فأتى كعبَ بن أسد القرظي سيدَ بني قريظة ـــ وكان قد عاقد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على أن ينصرَهُ إذا أصابته حرب كما هو معلوم ـــ فضرب عليه حيي البابَ، فلما سمع كعب بحيي بن أخطب أغلق دونه باب حصنه، فاستأذن عليه فأبى أن يفتح له، فناداه حيي: ويحك يا كعب افتح لي، قال: ويحك يا حيي، إنك امرؤ مشئوم، وإني قد عاهدتُ محمدًا فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاءً وصدقًا، قال: ويحك افتح لي أكلمك، قال: ما أنا بفاعل، قال: والله إن أغلقت الحصن دوني إلا عن جَشِيشَتِكَ (نوع من الطعام يصنع من القمح) أن آكل منها معك، فأحفظَ الرجل (أي أغضبه) ففتح له، فقال: ويحك يا كعب، جئتك بعِزِّ الدَّهْرِ وببحر طَامٍ (أي ممتلئ) جئتك بقريش على قادتها وساداتها حتى أنزلتهم بمجتمع الأسْيَال من رُومَة، وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقْمَى إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدًا ومن معه، فقال له كعب: جئتني والله بذُل الدهر، وبجَهَام قد هُرَاقَ مَاءه (أي بسحابة قد أمطرت وفني ماؤها) فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء، ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقًا ووفاءً، فلم يزل حيي بكعب حتى أعطاه حيي عهدًا من الله وميثاقًا، لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدًا، أن يدخل معه في حصنه حتى يصيبه ما سيصيبه. فنقض كعبُ بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين.
وفعلًا قامت يهود بني قريظة بعمليات الحرب، وحاولوا التعرضَ لنساء المسلمين وأولادهم؛ فقد كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع ـــ حصن حسان بن ثابت ـــ وكان حسان فيه مع النساء والصبيان، قالت صفية: فمر بنا رجل من يهود، فجعل يَطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة، وقطعت ما بينها وبين رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والمسلمون في غَوْر عدوهم (أي مواجهتهم) لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن آتانا آت، فقلت: يا حسان، إن هذا اليهودي كما ترى يَطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا (أي مكاننا وطريق الدخول إلينا) من وراءنا من يهود، وقد شُغِل عنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه فانزل إليه فاقتله. قال: والله لقد عرفتِ ما أنا بصاحب هذا، قالت: فاحتجزتُ (أي تجهزت للقتال) ثم أخذت عمودًا، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعتُ إلى الحصن، وقلت: يا حسان انزل إليه فاسْلُبه، فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل. قال: ما لي بسلبه من حاجة.
وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرسول صَلَّى الله عليه وسلم أثرٌ عميقٌ في حفظ ذَرَارِي المسلمين ونسائهم، ويبدو أن اليهود ظنوا أن هذه الحصون في منعةٍ من الجيش الإسلامي، مع أنها كانت خاليةً عنهم تماما، فلم يجترئوا مرةً ثانية للقيام بمثل هذا العمل، إلا أنهم أخذوا يمدون الغزاة الوثنيين بالمؤن، كدليل عملي على انضمامهم إليهم ضد المسلمين، حتى أخذ المسلمون من مؤنهم عشرين جملا.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال