تسجيل الدخول


عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي

((عبد الله بن سلام: بن الحارث، أبو يوسف، من ذرية يوسف النبي عليه السّلام، حليف القوافل من الخزرج، الإسرائيلي ثم الأنصاري. كان حليفًا لهم، وكان من بني قَيْنُقَاع، يقال كان اسمه الحصين، فغيَّره النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وجزم بذلك الطبري، وابن سعد. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "تاريخه" عن أبي اليمان، عن شعيب، عن عبد العزيز، قال: كان اسم عبد الله بن سلام الحصين فسمّاه النبي صَلَّى الله عليه وسلم عبد الله.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((حليفٌ للقَوَاقِلَة مِن بَني عَوْف بن الخَزْرج.)) الطبقات الكبير.
((أسلم أول ما قدم النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم المدينة. وقيل: تأخّر إسلامه إلى سنة ثمان. قَالَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عن عاصم، عن الشعبي، قال: أسلم عبد الله بن سلاَم قَبْلَ وفاةِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم بعامين. أخرجه ابن البرقي. وهذا مرسل. وقيس ضعيف.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدّثنا مهدي بن ميمون، قال: وأخبرنا وهب بن جرير، قال: حدّثنا أَبِي جميعًا قالا: حدّثنا محمد بن أبي يعقوب عَنْ بشر بن شَغَافٍ، عن عبد الله بن سَلاَم: أنه شهد فتح نَهَاوَنْد. قال: أخبرنا عارم بن الفضل، قال: حدّثنا حمّاد بن زيد، عن أيوب وهشام عن محمد قال: نُبِّئْتُ أنّ عبد الله بن سَلاَم قال: إن أدركني، وليس بي رَكُوبٌ فاحملوني، حتى تضعوني بين الصفين، يعني قُبَالَ الأعماق.)) الطبقات الكبير.
((قال عبد الله بن سلام‏: خرجت في جماعة من أهل المدينة لننظر إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في حين دخوله المدينة، فنظرت إليه وتأمَّلْتُ وجهه، فعلمت أنه ليس بوجه كذّاب، وكان أول شيء سمعته منه:‏ ‏"أَيُّهَا النَّاسُ، أفْشوا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ‏".(*)‏‏ أخرجه الترمذي في السنن حديث رقم 2485، والدارمي في السنن 2/ 275، وذكره المنذري في الترغيب 1/ 423. وشهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لعبد الله بن سلام بالجنّة.‏ وروى أبو إدريس الخولانيّ؛ عن زيد بن عميرة أنه سمع معاذ بن جبلِ يقول:‏ سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول لعبد الله بن سلام:‏ ‏"إِنَّهُ عَاشِرُ عَشْرَةٍ فِي الْجَنَّةِ‏".(*) أخرجه أحمد في المسند 5/ 243، والحاكم في المستدرك3/ 270، والبخاري في التاريخ الصغير 1/ 73، وابن عساكر 6/ 205، 7/ 450.‏‏ وقد ذكرنا هذا الخبر بإسناده في باب أبي الدّرداء، وهو حديثٌ حسَنُ الإسناد صحيح. وروى ابن وهب، وأبو مسهر، وجماعةٌ عن مالك بن أنس، عن أبي النّضر، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال:‏ ما سمعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنّة إلا لعبد الله بن سلام.(*)‏ وهذا أيضًا حديثٌ ثابت صحيح لا مقالَ فيه لأحد.‏ وقال بعض المفسّرين ــ في قول الله عز وجل‏: ‏‏{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ}‏‏ [الأحقاف 10]،‏ هو عبد الله بن سلام. وقد قيل في قول الله عز وجل:‏ ‏{ومَنْ عِنْدَه عِلْمُ الْكِتَابِ}‏ [الرعد 45]‏‏ إنه عبد الله بن سلام.‏ ‏وأنكر ذلك عكرمة والحسن، وقالا:‏‏ كيف يكون ذلك والسّورة مكيّة وإسلامُ عبد الله بن سلام كان بعد؟ قال أبو عمر رحمه الله‏:‏ وكذلك سورة الأحقاف مكيّة، فالقولان جميعًا لا وَجْهَ لهما عند الاعتبار، إلا أن يكون في معنى قوله:‏ ‏{فَاسْألِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِك} ‏‏[يونس 94].‏ وقد تكون السورة مكيّة، وفيها آيات مدنية؛ كالأنعام وغيرها‏. وقال أيّوب، عن محمد بن سيرين، قال:‏ نُبِّئْتُ أن عبد الله بن سلام قال:‏ سيكون بينكم وبين قريش قتال، فإن أَدركني القتال وليس فيَّ قوة فاحملوني على سرير حتى تضعوني بين الصّفين.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أخبرنا حمّاد بن عمرو النّصِيبي، أخبرنا زيد بن رفيع عن معبد الجهنيّ قال: كان رجل يقال له زيد بن عَميرة السّكْسَكيّ، وكان تلميذًا لمعاذ بن جبل، فحدّث أنّ مُعاذ بن جبل لمّا حضرته الوفاةُ قَعَد يزيدُ عند رأسه يبكي، فنظر إليه معاذ فقال: ما يُبكيك؟ فقال له يزيد: أما واللهِ ما أبكي دُنيا كنتُ أصِيبُها منك ولكنّي أبكي لِما فاتني من العِلْم! فقال له معاذ: إنّ العلم كما هو لم يذهب، فاطلب العِلْمَ من بعدي عند أربعة: عند عبد الله بن مسعود وعبد الله بن سلام الّذي قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "هو عاشرُ عشرةٍ في الجنّة"(*)، وعند عمر ولكنّ عُمر يُشْغَلُ عنك، وعند سلمان الفارسيّ قال: وقُبض مُعاذ ولحق يزيد بالكوفة فأتى مجلسَ عبد الله بن مسعود فلقيه، فقال له ابن مسعود: إنّ مُعاذ بن جبل كان أمّةً قانتًا لله حنيفًا ولم يكُ من المشركين، فقال أصحابهُ: إنّ إبراهيم كان أُمّةً قانتًا لله حنيفًا ولم يَكُ من المشركين، فقال ابن مسعود: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أمّةً قَانِتًا ّلِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ من المُشْرِكِينَ} [سورة النحل: 120])) ((قال: أخبرنا عبد الله بن عَمْرو أَبُو مَعْمَر المِنْقَرِيّ قالا: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: حدّثنا عبد العزيز بن صُهَيْب، عن أنس بن مالك قال: أقبل نبي الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقالوا: جاء نَبِيُّ الله، فاستَشَرفُوا ينظرون، إِذْ سَمِع به عبد الله بن سَلاَم وهو في نخلٍ لأهله يَخْتَرِفُ لهم منه، فَعَجِلَ أن يضع التي يَخْتَرِفُ لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبي الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله، قال: فلما خلا نبي الله صَلَّى الله عليه وسلم، جاء عبد الله بن سَلاَم فقال: أشهد أنك رسول الله حَقًّا، وأَنَّك جئت بِحَقٍّ، ولقد عَلِمَت اليهودُ أَنِّي سَيِّدُهم وابن سَيِّدهم وأَعْلَمُهم وابن أَعْلَمهم، فَادْعُهم، واسْأَلْهم عَنِّي قبل أن يعلموا أَنِّي قد أَسْلَمْتُ، فإنهم إِنْ يعلموا أَنِّي قد أَسْلَمْتُ قالوا فِيَّ ما ليس فِيَّ، فأرسل نبي الله صَلَّى الله عليه وسلم، إليهم فدخلوا عليه فقال لهم نبيّ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يا معشر اليهود وَيْلَكم! اتقوا الله، فو الذي لا إله إلا هو إنكم تعلمون أَنِّي رسول الله حقًا وأَنّي جئتكم بحق أَسْلِمُوا". قالوا: ما نعلمه. قال: "يا معشر اليهود، ويلكم! اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أَنِّي رسول الله حقًا، وأَنِّي جئتكم بحق أَسْلِمُوا". قالوا: ما نعلمه.قال: "يا معشر اليهود، ويلكم! اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أَنِّي رسول الله حقًا، وأَنِّي جئتكم بحق، أَسْلِمُوا". قالوا ما نعلمهُ. قال: "فَأَيُّ رَجُلٍ فيكم عبد الله بن سَلاَم؟" قالوا: ذاك سيدُنا وابنُ سيدنا، وأعلمُنا وابنُ أعلمنا. قال: "أَفَرَأَيْتُم إِنْ أَسْلَم؟" قالوا حاشا لله، ما كان لِيُسْلِم. [[قال]]: "أرأيتم إن أسلم" قالوا حاشا لله ما كان لِيُسْلِم. قال: "أرأيتم إن أسلم؟" قالوا: حاشا لله، ما كان يُسْلِم. فقال: "يابن سَلاَم اخْرُجْ عليهم". فَخَرَج إليهم فقال: يا معشر اليهود ويلكم! اتقو الله، والله الذي لا إله إلا هو إنكم تعلمون أَنه رسول الله حقًا، وأَنه جاء بالحق فقالوا: كذبتَ فأخرجهم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم(*). قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدّثنا حَمّاد بن سَلَمة، عن ثابت، وحُميد، عن أنس بن مالك قال: لما قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينةَ أُخْبِرَ عبدُ الله بن سَلاَم بقدومه وهو في نَخْلِه، فأتاه فقال: إني سَائِلُك عن أشياءَ لا يعلمها إلاّ نبي، فإن أخبرتني بها آمنت بك وإن لم تعلَمهُنّ عرفت أنك لست بِنَبِيّ. قال: "وما هُنّ؟" قال فسأله: عن الشَبَهِ، وعن أول شيء يأكله أهل الجنّة، وعن أول شيء يَحشر الناس. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أخبرني بهن جبريل آنفًا"، قال: ذاك عدوُّ اليهود. قال: "أمّا الشبه فإذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة أَذْهَبَ بِالشَّبَه. وإذا سبق ماءُ المرأةِ ماءَ الرجل ذهب الشَّبَه. وأَمّا أول شيءٍ يأكله أهل الجنة فَزَائِدةُ كبد حُوت. وأما أول شيء يَحشر الناس فنارٌ تجِيئ مِن قِبلَ المشرق فتحشرهم إلى المغرب": فآمن قال: أشهد أنك رسول الله. قال عبد الله بن سَلاَم: يا رسول الله إنّ اليهود قومٌ بُهْتٌ. وإنهم إنْ سمعوا بإسلامي بَهَتُوني فَاخْبَأني عندك وابعث إليهم فَسَلْهم عَنِّي. فَخَبَأَه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وبعث إليهم، فجاءوا، فقال: "أي رجل عبد الله بن سَلاَم فيكم؟" فقالوا: خَيْرُنَا وابنُ خَيْرِنا، وَسيِّدنا وابنُ سَيِّدنا، وعالمنا وابن عالمنا، قال: "أرأيتم إِنْ أَسْلَم، أتسلمون؟" فقالوا: أعاذهُ الله من ذلك. فقال: "يا عبد الله بن سَلاَم اخرج إليهم". فخرج إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله. قالوا: بل شرِّنا وابن شرّنا، وجاهلنا وابن جاهلنا. فقال ابن سَلاَم قد أخبرتك يا رسول الله أَنّ اليهود قومٌ بُهْتٌ(*). قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدّثنا مبارك، قال: سمعت الحسن يحدث هذا الحديث عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فلمّا بَلَغَ قولَ عبد الله بن سَلاَم، قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "الشهادةُ الأولى أحق"(*). قال: أخبرنا يزيد بن هارون ومحمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الله بن بكر السَّهْمِيّ قالوا: حدّثنا حُمَيد الطويل، عن أنس بن مالك: أَنّ عبد الله بن سَلاَم أتى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، لما قدم المدينة فقال: إني سائلك عن ثلاثة أشياء لا يعلمهنّ إلاّ نبيٌّ. قال: "سَلْ". قال: ما أوّل أَشْراط الساعة؟ وما أول طعام يأكل أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه والولد إلى أمّه؟ قال: "أخبرني بهنّ جبريل آنفًا". قال: جبريل؟! قال: "نعم". قال ذاك عدوُّ اليهود من الملائكة. قال: "أَمَّا أول أشراط الساعة فنارٌ تَخْرُجُ من المشرق، فَتَحْشُر الناسَ إلى المغرب. وأمّا أول ما يأكل أهلُ الجنة، فَزِيَادَة كَبِدِ الحوت، وأما ما ينزع الولد إلى أبيه وينزع الولد إلى أمّه، فإذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة نزع إلى أبيه. وإذا سبق ماءُ المرأة ماءَ الرجل نزع إلى أمه". قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ثم قال: يا رسول الله إنّ اليهودَ ــ قال يزيد، والأَنصاري ــ قَوْمٌ بهتة. وقال عبد الله بن بكر: قومٌ بُهْتٌ. وإِنهم إنْ يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عنّي بَهتوني، فأخبَأني لهم ثم سَلْهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي، أَيّ رجلٌ أنا فيهم. فجاء نفرٌ من اليهود فسألهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "أَيُّ رجلٍ عبد الله فيكم" فقالوا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: "أرأيتم إن أسلم عَبدُ الله بن سَلاَم؟" قالوا: مَعَاذَ الله من ذلك. ثم أعاد عليهم فقال: "أرأيتم إن أسلم عبدُ الله بن سَلاَم؟" قالوا: أَعَاذَه الله مِن ذلك. قال: فخرج عليهم عبدُ الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. فقالوا: شَرُّنا وابنُ شَرّنا ونحو ذلك. قال يقول عبد الله: يا رسول الله هذا الذي كنتُ أخاف(*). قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا جُوَيْبِر، عن الضَّحّاك في قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [سورة الأحقاف: 10] قال: جاء عبد الله بن سَلاَم إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنّ اليهودَ أَعظمُ قومٍ عَضِيهَةً فَسَلْهَم عنّي، وخذ عليهم ميثاقًا: إني إن اتبعتك وآمنت بكتابك أن يؤمنوا بك وبكتابك الذي أُنزل عليك، واخْبَأْني يا رسول الله قبل أن يدخلوا عليك، فأرسل إلى اليهود فقال: "ما تعلمون عبدَ الله بن سَلاَم فيكم؟" قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأعلمنا بكتاب الله سيدُنا وعالمُنا وأفضلنا. قال: "أرأيتم إن شهد أني رسول الله وآمن بالكتاب الذي أنزل عَلَيَّ تؤمنون بي؟" قالوا: نعم. فدعاه فخرج عليهم عبد الله، فقال: "يا عبد الله بن سَلاَم، أما تعلم أَنِّي رسول الله؟ تجدوني مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل، أخذ الله ميثاقكم أن تؤمنوا بي وأن يتبعني من أدركني منكم؟" قال: بلى، قالوا: ما نعلم أنك رسول الله، وكفروا به وهم يعلمون أَنه رسول الله، وأَن ما قال حقّ. فأنزل الله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [سورة الأحقاف: 10] يَعني الكتاب والرسول {وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} يعني عبد الله بن سَلاَم {فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [سورة الأحقاف: 10] فَفِي ذلك نزلت هذه الآية(*). قال: أخبرنا هَوْذَةُ بن خَليفة، قال: حدّثنا عوف، عن الحسن، قال: لما أراد عبد الله بن سَلاَم الإسلامَ دخل على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم قال: أشهد أنك رسول الله بالهدى ودين الحق، وأَنّ اليهودَ يجدونك عندهم في التوراة منعوتًا ثم قال له: أرسل إلى نفرٍ من اليهود إلى فلان وفلان سماهم له واخْبَأني في بيتك، فَسَلْهُم عنّي وعن والدي، فإنهم سيخبرونك، وإنّي سأخرج عليهم فأشهد أنك رسول الله أرسلك بالهدى ودين الحق لعلهم يُسْلِمُون فَفَعَل رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، ذلك فَخَبَأَه في بيته، وأرسل إلى النفر الذين أَمَرَهُ بهم فدعاهم، فقال لهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا عَبْدُ الله بن سَلاَم فيكم وما كان والده؟" قالوا: سَيِّدُنا وابن سيدنا، وعَالِمُنا وابنُ عالمنا. قال: فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم،: "أرأيتم إِنْ أَسْلَم تُسْلِمون؟" قالوا: إنه لاَ يُسْلم. قال: "أرأيتم إن أسلم أَتُسْلِمون؟" قالوا: إنه لاَ يُسْلِم. قال: فدعاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فخرج عليهم، فقال: أشهد أنك رسول الله أرسلك بالهدى ودين الحق. وأنهم ليعلمون منك مثل ما أعلم. فقالت اليهود لعبد الله: ما كُنا نخشاك يا عبد الله على هذا، قال: فخرجوا من عنده وأنزل الله تعالى في ذلك: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}(*). قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا عبد الجبار بن عمارة، عن عبد الله بن أَبِي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حَزْم قال: لما سمع عبد الله بن سَلاَم ما نزل على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من القرآن، وعرفَ صفة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عنده، وعرف ما نزل عليه من القرآن. بما عنده من التوراة. وكان أعلم بني إسرائيل بالتوراة وَأَصْدَقَه عندهم فأسلم. فسأل رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، اليهودَ قبل أن يعلموا بإسلامه: "كيف هُوَ فيكم؟" قالوا: يا أبا القاسم، ذَاك سيدُنا وخَيْرُنا وأَعْلَمُنا بالتوراة التي أنزل الله على موسى(*)، وكَان اسمه الحُصَين فسماهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عبد الله. وكان من عِلْيَةِ أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من أهل الدين، وكان صحيح الإسلام حتى مات. قال: أخبرنا عُبَيد الله بن موسى، وأحمد بن عبد الله بن يونس، قالا: أخبرنا إسرئيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، قوله: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [سورة الأحقاف: 10]. قال: عبد الله بن سَلاَم. قال: أخبرنا عُبَيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرئيل، عن جابر، عن مجاهدٍ وعطاءٍ وعِكْرِمَةَ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ}، قالوا: عبد الله بن سَلاَم. وقال الحسن بن مسلم: نزلت هذه بمكة، وعبد الله بن سَلاَم بالمدينة. قال أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: حدّثنا سفيان عن داود عن الحسن قال: نَزَلَت حَم~ وعبد الله بن سَلاَم بالمدينة مُسْلِم. قال: أخبرنا عبد الله بن عمرو، وأَبُو مَعْمَر المِنْقَريّ قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد، عن حُميد ــ يعني الأعرج ــ قال: كان مجاهد يقرأ: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [سورة الرعد: 43] قال وكان يقول: هو عبد الله بن سَلاَم. قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَيْن، قال: حدّثنا سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهد: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}، قال: عبد الله بن سَلاَم. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، وقَبِيصة بن عقبة قالا: حدّثنا سفيان، عن عَمْرو بن قيس، عن عَطِيَّة العَوْفِي في قوله: {أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [سورة الشعراء: 197]. قال: كانوا خمسةً: عبد الله بن سَلاَم، وبِنْيامين، وثعلبةُ، وأسد، وأسيد. قال: أخبرنا محمد بن عمر، عن إبراهيم بن محمد، عن معاذ بن عبد الله التَّيْمِيّ، عن يوسف بن عبد الله بن سَلاَم، عن أبيه، قال: أمرني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن أقرأ القرآن ليلةً والتوراةَ ليلةً(*). قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدّثنا حَمّاد بن سَلَمة، قال أخبرنا عاصم بن بَهْدَلَة، عن مُصْعَب بن سعد، عن أبيه سعد: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، أُتِي بقصعةٍ فأكل منها فَفَضْلَت فَضْلةٌ، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "يجيء رجلٌ من هذا الفَجّ من أهل الجنة فيأكل هذه الفضلة". قال: وكنت تركتُ أَخِي عُمَيْرًا يتوضأ، فقلت: هو عمير. فجاء عبد الله بن سَلاَم فأكلها(*). قال: أخبرنا حَمّاد بن عَمْرو النَّصِيبِيّ، قال: حدّثنا زَيْد بن رُفَيع، عن معبد الجهني، عن يَزِيد بن عَمِيرة السَّكْسَكِيّ وكان تلميذًا لمعاذ بن جبل، فلما حضرت معاذًا الوفاةُ قعد يزيد عند رأسه يبكي فنظر إليه معاذٌ فقال: ما يبكيك؟! فقال له يزيدُ: أما والله ما أبكي لدينا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي لما فاتني من العلم، فقال له معاذٌ: إن العلم كما هو لم يذهب، فاطلب العلم بعدي عند أربعةٍ، سمّاهم فيهم عبد الله بن سَلاَم الذي قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "هو عاشر عشرةٍ في الجنة"(*). قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: حدّثنا عبد الله بن عَوْن، عن محمد بن سِيرِين، عن قيْس بن عُبَاد قال: كنت في مسجد المدينة قال: فجاء رجلٌ بوجههِ أَثَرٌ من خشوع، فقال القومُ: هذا رجلٌ من أهل الجنة، قال: فدخل المسجد فصلى ركعتين، فأوجز فيهما. فلمّا خرج اتبعتُه حتى دخل منزلَهُ، فدخلتُ معه، فحدثتهُ، فلما استأنس، قلت: إن القوم لَمّا دَخَلْتَ قِبَلَ المسجد قالوا: كذا وكذا. قال سبحان الله! ما ينبغي لأحدٍ أن يقولَ ما لا يعلم. وسأُحَدِّثُكَ لِم: إِني رأيت رؤيا على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقصصتها عليه، رأيتُ كَأَنِّي في روضة خضراء،ــ قال ابن عون: فذكر من خضرتها وسعتها ــ وسطها عمود حديد، أسفلهُ في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عُروة، فقِيل لي: اصعد عليه فقلت: لا أستطيع، فجاءني مُنصف فرفع ثيابي من خلفي فقال: اصعدْ عليه قال: فصعدت حتى أخذت بالعروة الوثقى. فقال: استمسك بالعروةِ، قال: فاستيقظت وإنّها لفي يدي: قال: فلما أصبحتُ أتيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقصصتها عليه فقال: "أَمَّا الرَّوضةُ فَروضَةُ الإسلام، وأَمَّا العَمُود فعمُود الإسلام، وأَمّا العُرْوَةُ فهي العروة الوثقى، أنت على الإسلام حتى تموت". قال: وهو عبد الله بن سَلاَم. قال إسحاق: وسُئل عبد الله بن عَون عن المُنصف؟ فقال: هو الوصيفُ(*). قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدّثنا حَمَّاد بن سلمة، عن عاصم بن بَهْدَلة، عن المُسَيِّب بن رافع، عن خَرَشَةَ بن الحُرِّ، قال: قدمت المدينة فجلست إلى أَشْيِخَة في مسجد النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فجاء شيخٌ يتوكَّأ عَلَى عَصًا له، فقال رجلٌ: هذا رجلٌ من أهل الجنة. فقام خلف ساريةٍ، فصلى ركعتين، فقمت إليه: فلمّا قضى صلاته قلت: زعم هؤلاء أَنَّك من أهل الجنة، فقال: الجنّةُ لله يُدْخِلُها مَنْ يشاء، وإني رأيتُ على عهدِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، رؤيا: رأيتُ كَأَنّ رجلًا أتاني، فقال: انطلق فسلك بي في منهج عظيم. فبينما أنا أمشي إذ عرض لي طريقٌ عن شمالي، فأردتُ أن أَسْلُكَها، فقال: إنك لستَ من أهلها. ثم عَرضَتْ لي طريق عن يميني، فسلكتها، حتى أنتهينا إلى جبلٍ زَلَقٍ، فأخذ بيدي، فرحل بي، فإذا أنا على ذروته، فلم أَتَقَارَّ، ولم أَتماسكْ، وإذا عمودٌ من حديدٍ، في أعلاه عُروةٌ من ذهب، فأخذ بيدي، فَزَجَلَ بي، حتى أخذتُ العروة، فقال لي: استمسك بالعروة. فقصصتها على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "رأيت خيرًا: أمّا المنهج العظيم فالمحشر، وأما الطريق، وأما الطريق التي عرضت لك عن شمالك فطريق أهل النار، ولستَ من أهلِها، وأما الطريق التي عرضت عن يمينك فطريق أهل الجنة، وأمّا الجبل الزَّلِق فمنزل الشهداء، وأما العروة التي استمسكتَ بها فعروة الإسلام، فاستمسك بها حتى تموت". وأنا أرجوا أن أكون من أهلها. وهو عبد الله بن سَلاَم(*))) الطبقات الكبير.
((روى عنه ابناه: يوسف، ومحمد. ومن الصحابة فمَنْ بعدهم: أبو هريرة، وعبد الله بن مَعْقِل، وأنيس، وعبد الله بن حنظلة، وخَرَشَة بن الحُرّ، وقيس بن عباد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وآخرون.))
((أَخْرَجَ الْبَغَوِيُّ في المعجم بسنَدٍ جيد عن عبد الله بن مَعقِل، قال: نهى عبد الله بن سلام عليًّا عن خروجه إلى العراق، وقال: الزمْ منبر رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم فإن تركتَه لا نراه أبدًا. فقال علي: إنه رجل صالح منا.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((أَخبرنا إِبراهيم بن محمد الفقيه وغيره بإِسنادهم إِلى أَبي عيسى قال: حدثنا علي بن سعيد الكِنْدي، حدثنا أَبو مُحَيَّاةَ يحيى بن يعلى، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن ابن أَخي عبد اللّه بن سَلاَم، قال: لما أَريد قتل عثمان رضي الله عنه، جاءَ عبد اللّه بن سلاَم فقال له عثمان: ما جاءَ بك؟ قال: جئت في نصرك. قال: اخرج إِلى الناس فاطْرُدْهم عَنّي، فإِنك خارج خير إِليّ منك داخلٌ. فخرج عبد اللّه إِلى الناس فقال: أَيها الناس، إِنه كان اسمي في الجاهلية فُلان، فسماني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عبدَ اللّه، ونزلت فيَّ آيات من كتاب الله عز وجل، نزل فيَّ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَئَامَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف/10] ونزل فيَّ: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}. [الرعد/43] إِن لله سيفًا مغمودًا عنكم، وإِن الملائكة قد جاورتكم في بلدكمْ هذا، الذي نزل فيه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فالله اللّهَ في هذا الرجل، أَن تقتلوه، فَوَاللّهِ لئن قتلتموه لتطرُدُنّ جيرانكم الملائكة، وَلَيُسَلَّنَّ سيفُ اللّهِ المغمود عنكم فلا يُغْمَد إِلى يوم القيامة. قالوا: اقتلوا اليهوديّ، واقتلوا عثمان(*) أخرجه الترمذي في السنن 5 / 355 كتاب تفسير القرآن (48) باب (46) حديث رقم 3256 قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وأخرجه الترمذي أيضًا في السنن 5 / 629 كتاب المناقب (50) باب (37) حديث رقم 3803..)) أسد الغابة.
((تُوفِّي بالمدينة في خلافة معاوية)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قَالَ الطَّبَرِيُّ: مات في قول جميعهم بالمدينة سنة ثلاث وأربعين. قُلْتُ: وفيها أرَّخه الهيثم بن عدي، وابن سعد، وأبو عبيد، والبغوي، وأبو أحمد العسكري، وآخرون.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال