تسجيل الدخول

الرسول يطهر المسجد الحرام من الأصنام ويعفو عن القرشيين

نهضَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، والمهاجرون، والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد، فأقبلَ إلى الحجر الأسود، فاستلمه ــ يعني: لمسه وبدأ الطواف من عنده، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس، وحول البيت وعليه ثلاثمائةٍ وستون صنما، فجعل يطعنها بالقوس، ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]، والأصنام تتساقط على وجوهها.
عن ابن عباسٍ قال: دخل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح على راحلته فطاف عليها، وحول البيت أصنامٌ مشدودة بالرصاص، فجعل النبي صَلَّى الله عليه وسلم يشير بقضيب في يده إلى الأصنام ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}، فما أشار إلى صنم منها في وجهه إلا وقع لقفاه، ولا أشار إلى قفاه إلا وقع لوجهه، حتى ما بقي منها صنمٌ إلا وقع.
وكان طوافه على راحلته، ولم يكن محرمًا يومئذٍ، فاقتصر على الطواف، فلما أكمل الطواف دعا عثمانَ بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمرَ بها ففتحت، فدخلها، فرأى فيها الصور، ورأى فيها صورةَ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ـ يستقسمان بالأزلام (الأزلام: سهام كانوا يستشيرون الأصنام بعمل قرعة بينها، والاستقسام أصلا: الحلف)، فقال: "قاتلهم الله، والله ما استقسما بها قط"، ورأى في الكعبة حمامةً من عيدان، فكسرها بيده، وأمر بالصور فمحيت.
ثم أغلق الرسول صَلَّى الله عليه وسلم باب الكعبة عليه وعلى أسامة وبلال، ثم صلى هناك، ثم دار في البيت وكَّبر في نواحيه، ووحد الله، ثم فتح الباب، وقريش قد ملأت المسجد صفوفًا ينتظرون ماذا يصنع، وكان الباب مرتفعًا عن الأرض قليلا، فوقف وأمسك بجانبي الباب وهم تحته، فقال: "لاإله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا إن كل مأثُرةٍ كانت في الجاهلية تُذْكَرُ وتُدْعَى من دمٍ أو مالٍ تحت قدمي، إلا سدانةَ البيت (أي خدمة البيت الحرام)، وسقايةَ الحاج، ألا وقتيلُ الخطأ شبه العمد، ما كان بالسوط والعصا، ففيه الديةُ مغلظة، مائةٌ من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها، يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتعاظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب"، ثم تلا هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم ّمِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
ثم قال: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخٌ كريم، وابن أخٍ كريم، قال: فإني أقول لكم ما قال يوسف لإخوته": {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال