تسجيل الدخول

الهزيمة الساحقة تنزل بالمشركين

حين أصبحت الكلمة العليا في الميدان لجند الله، أصدر الرسول صَلَّى الله عليه وسلم إلى جيشه أوامره الأخيرة بالهجمة المضادة، فقال: "شدوا"، وحرضهم على القتال، قائلًا: "والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة"، وقال وهو يحضهم على القتال: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض"، وحينئذ قال العمير بن الحمام: بخ بخ ــ كلمة إعجاب ــ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ما يحملك على قولك: بخ بخ؟" قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: "فإنك من أهلها"، فأخرج تمرات، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل.
وكذلك سأله عوف بن الحارث فقال: يا رسول الله، ما يضحك الرب من عبده؟ قال: "غمسه يده في العدو حاسرًا"، فنزع درعًا كانت عليه، فقذفها، ثم أخذ سيفه، فقاتل القوم حتى قتل.
وحين أصدر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الأمر بالهجوم المضاد كانت حدة هجمات العدو قد ذهبت، وفتر حماسه، فكان لهذه الخطة الحكيمة أثر كبير في تعزيز موقف المسلمين، فإنهم حينما تلقوا أمر الشد والهجوم قاموا بهجوم كاسح مرير، فجعلوا يخترقون الصفوف، ويقطعون الأعناق، وزادهم نشاطًا وحدة أن رأوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يثب في الدرع، ويقول في جزم وصراحة: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45]، فقاتل المسلمون أشد القتال، ونصرتهم الملائكة، وبدأت أمارات الفشل والاضطراب في صفوف المشركين، وجعلت تتهدم أمام حملات المسلمين العنيفة، واقتربت المعركة من نهايتها، وأخذت جموع المشركين في الفرار والانسحاب، وركب المسلمون ظهورهم يأسرون ويقتلون حتى تمت عليهم الهزيمة.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال