تسجيل الدخول

قريش تعلم بخروج المسلمين لاعتراض القافلة وتتجهز للقتال

وأما خبر العير فإن أبا سفيان ــ وهو المسئول عنها ــ كان على غاية من الحيطة والحذر، فقد كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالأخطار، وكان يتحسس الأخبار، ويسأل من لقي من الركبان، ولم يلبث أن نقلت إليه استخباراته بأن محمدًا صَلَّى الله عليه وسلم قد استنفر أصحابه ليوقع بالعير، وحينئذ استأجر أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة، مستنجدًا بقريش للخروج إلى عيرهم؛ ليمنعوه من محمد صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه، وخرج ضمضم سريعًا حتى أتى مكة، فصرخ ببطن الوادي واقفًا على بعيره، وقد جدع ــ أي: قطع ــ أنفه، وحول رحله، وشق قميصه، وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث.
فتحفز الناس سراعًا، وقالوا: "أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟ كلا والله، ليعلمن غير ذلك"، فكانوا بين رجلين، إما خارج، وإما باعث مكانه رجلا، فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب، فإنه عوض عنه رجلا كان له عليه دين، وحشدوا من حولهم من قبائل العرب، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي، فلم يخرج منهم أحد.
وكان أمية بن خلف قد عزم على القعود، وكان شيخًا جسيمًا ثقيلًا، فأتاه عقبة بن أبي معيط، وهو جالس في الكعبة وسط قومه، بمجمرة ــ وهي مبخرة يتبخر بها النساء ــ يحملها فيها نار ومجمر ــ عود بخور ــ حتى وضعها بين يديه، ثم قال: يا أبا علي، استجمر، فإنما أنت من النساء، قال: قبحك الله، وقبح ما جئت به، ثم تجهز فخرج مع الناس.
وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل في بداية سيره، وكان معه مائة فرس وستمائة درع، وجمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط، وكان قائده العام أبا جهل بن هشام، وكان القائمون بتموينه تسعة رجال من أشراف قريش، فكانوا ينحرون يومًا تسعًا ويومًا عشرًا من الإبل.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال