تسجيل الدخول

بداية موفقة لجند الله

وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبدالأسود المخزومي، وكان رجلا شرسًا سئ الخلق، خرج قائلًا: أعاهد الله لأِشربن من حوضهم، أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه، فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، فلما التقيا ضربه حمزة، فأطار قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض، فوقع على ظهره يسيل من رجله الدم، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه، يريد أن تبر يمينه، ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أتت عليه وهو داخل الحوض.
وكان هذا أول قتل أشعل نار المعركة، فقد خرج بعده ثلاثة من خيرة فرسان قريش كانوا من عائلة واحدة، وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فلما انفصلوا من الصف طلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من شباب الأنصار، عوف ومعوذ ابنا الحارث وعبد الله بن رواحة، فقالوا: من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار، قالوا: أكفاء كرام، ما لنا بكم حاجة، وإنما نريد بني عمنا، ثم نادى مناديهم: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي"، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم؟ فأخبروهم، فقالوا: أنتم أكفاء كرام، فبارز عبيدة ــ وكان أسن القوم ــ عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة، وبارز على الوليد، فأما حمزة وعلي فلم يمهلا خصميهما أن قتلاهما، وأما عبيدة وخصمه فاقتتلا، فجرح كل واحد منهما صاحبه جراحة بليغة، ثم كر علي وحمزة على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة، وقد قطعت رجله؛ فلم يلبث كثيرًا حتى مات بالصفراء بعد أربعة أو خمسة أيام من موقعة بدر، حينما كان المسلمون في طريقهم إلى المدينة، وكان علي يقسم بالله أن هذه الآية نزلت فيهم: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] الآية.
وكانت نهاية هذه المبارزة بداية سيئة بالنسبة إلى المشركين؛ فقدوا ثلاثة من خيرة فرسانهم وقادتهم دفعة واحدة، فاستشاطوا غضبًا، وكروا على المسلمين كرة رجل واحد.
وأما المسلمون فبعد أن استنصروا ربهم، واستغاثوه، وأخلصوا له، وتضرعوا إليه، تلقوا هجمات المشركين المتوالية، وهم مرابطون في مواقعهم، واقفون موقف الدفاع، وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة وهم يقولون: "أحد أحد، أحد أحد".
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال